اعتراف موحّد إسباني نرويجي إيرلندي بدولة فلسطين

خطوة جديدة نحو الحلم الفلسطيني المنشود

خطوة جديدة نحو الحلم الفلسطيني المنشود
  • القراءات: 378
ص. محمديوة ص. محمديوة

من المقرّر أن يدخل إعلان كل من إسبانيا وإيرلندا والنرويج، الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية المستقلة حيز التنفيذ بداية من 28 ماي الجاري، في قرار غير مسبوق وتاريخي، بقدر ما شكّل صدمة بالنسبة للكيان الصهيوني وحلفائه، من شأنه فتح الباب واسعا أمام انضمام دول أخرى لهذه المبادرة التي طال انتظارها، باعتبارها خطوة هامة إلى الأمام لتمكين الفلسطينيين من حقّهم المشروع في تقرير مصيرهم.

قال رئيس الحكومة الاسبانية، بيدرو سانشيز، أمام غرفة النواب بالبرلمان الاسباني، أمس، "إنه وقت الانتقال من الأقوال إلى الأفعال.. نقول لملايين الفلسطينيين الذين يعانون بأننا معهم وهناك أمل"، مضيفا أن قرار مدريد الاعتراف بدولة فلسطين سيدخل حيز التنفيذ بداية من 28 ماي الجاري.

واتهم المسؤول الاسباني الكيان الصهيوني بأنه "يعرض للخطر" حلّ الدولتين في الشرق الأوسط من خلال سياسة "المعاناة والدمار" التي ينتهجها في قطاع غزة.

وقبل إعلان سانشيز، كان الوزير الأول النرويجي، يوناس غار ستوراه، أول من أعلن بأن بلاده ستعترف رسميا بدولة فلسطين في 28 ماي الجاري، قائلا "يجب علينا أن نحيي البديل الوحيد الذي يقدّم حلا سياسيا لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين.. دولتان تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن"، موجّها "نداء قويا" إلى الدول الأخرى للانضمام إلى هذه المبادرة.

وبعدها بدقائق قليلة، قال رئيس الوزراء الإيرلندي، سيمون هاريس، من دبلن إن حلّ الدولتين هو "الطريق الوحيد الموثوق لتحقيق السلام والأمن لإسرائيل وفلسطين"، وأضاف أن "الاعتراف رسالة للشعب الفلسطيني بأننا نحترم تطلعاتكم للعيش بحرية والتحكم في شؤونكم".

والمؤكد أن قرار الدول الأوروبية الثلاث الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة من شأنه فتح الباب واسعا أمام انضمام دول أخرى بما يزيد في تقوية الموقف الفلسطيني الذي شكل طيلة عقود من الزمن "الحلقة الأضعف" في كل المبادرات والمفاوضات الرامية لتسوية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

والدليل على ذلك تصريح نائب رئيس الوزراء البلجيكي التي قالت أمس إنه "يجب على بلجيكا أن تتبع إيرلندا وإسبانيا والنرويج...حان الوقت للاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وحقّه في إقامة دولة مستقلة".

كما أنه وعقب الاعتراف بدولة فلسطين المخطط إعلانه رسميًا من قبل الدول الثلاث في 28 ماي الجاري، نقلت صحيفة "شتيرن" الألمانية بأن المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو حزب المستشار الألماني أولاف شولتس، طالبت بالاعتراف بدولة فلسطين.

لكن من جهة أخرى وضع هذا الإعلان الثلاثي المشترك لهذه الدول القارة العجوز في مفترق طرق بعدما أبان عن تباين في مواقف أعضاء الاتحاد الأوروبي حول هذه الخطوة التي تشكل واحدة من أهم الانتصارات الدبلوماسية الفلسطينية في الفترة الأخيرة، خاصة وأنها تأتي في أوج حرب الإبادة الجنونية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ ثمانية أشهر وخلّفت إلى غاية الآن أكثر من 35 ألف شهيد.

وهو شأن فرنسا التي اعتبرت على لسان وزير خارجيتها، ستيفان سيجورنيه، بأن الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة ليس من "المحظورات" بالنسبة لفرنسا لكنه قرار يجب أن يأتي "في الوقت المناسب" ومبرره في ذلك أن "الظروف لم تتهيأ" بعد لمثل هذا الإعلان، وكأن 76 عاما من الاحتلال الصهيوني لفلسطين المحتلة ليست كافية في نظر باريس لاسترجاع الفلسطينيين حقوقهم المغتصبة.

وإذا كانت فرنسا وبعض الأطراف الغربية الأخرى المعروف عنها تحالفها الوثيق مع إسرائيل على غرار الولايات المتحدة، تتحجج بأن الوقت ليس من سبا لمثل هذا الاعتراف، فالمؤكد أن الكيان الصهيوني قد استشعر مدى خطورة المأزق الذي علق فيه.

وبدا ذلك واضحا من ردة فعل حكومة الاحتلال التي انتقدت بشدة الموقف الموحّد للدول الثلاث، وسارع وزير خارجيتها إلى إصدار تعليمات باستدعاء السفراء من كل الدول التي تعترف بفلسطين ،بينما وصف زعيم معارضة الاحتلال، يائيرلابيد، قرار النرويج وإسبانيا وإيرلندا بأنه فشل سياسي غير مسبوق لإسرائيل.

من جهتها قالت صحيفة "معاريف" العبرية إنه "من المتوقع أن تلجأ إسرائيل إلى ألمانيا والنمسا وإيطاليا والمجر وجمهورية التشيك ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي لحشد رد فعل مضاد والاستفادة من الرفض الساحق في الاتحاد الأوروبي لخطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية".

 


 

إجماع على أنه نقطة تحوّل تاريخية وخطوة نحو إنهاء الاحتلال.. ترحيب فلسطيني وعربي بإعلان الاعتراف الرسمي

حظي إعلان كل من إسبانيا والنرويج وإيرلندا بالاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية بترحيب واسع على المستوى الفلسطيني والعربي والإسلامي، لما يتضمنه من أهمية في دعم القضية الفلسطينية في مختلف المحافل الدولية، وفي مقدمتها مسار افتكاك العضوية الكاملة بمنظمة الأمم المتحدة. 

ورحّبت كل الأطراف الفلسطينية بهذا القرار، الذي سيدخل رسميا حيز التنفيذ بداية من 28 ماي الجاري في موقف موحّد من الدول الأوروبية الثلاث، داعية باقي بلدان العالم إلى الانضمام إلى هذه المبادرة والاعتراف بالحقوق المشروعة للفلسطينيين على أرضهم المحتلة.

ورحّبت الرئاسة الفلسطينية بهذه الخطوة التاريخية، مؤكدة أن هذه القرارات من شأنها تكريس حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير على أرضه وفي أخذ خطوات فعلية لدعم تنفيذ حلّ الدولتين.

وأشارت إلى أن النرويج وإيرلندا دعمتا "حقوق الشعب الفلسطيني بثبات على مدار السنوات الماضية وصوّتت لصالح هذه الحقوق في المحافل الدولية ليأتي هذا القرار المبدئي تتويجا لهذه المواقف واتساقا مع مبادئ القانون الدولي التي تقر بحق الشعوب في التخلص من الاستعمار والاضطهاد والعيش بحرية وعدالة واستقلال".

كما أشارت إلى أن "قرار إسبانيا، في هذه الأوقات، يأتي مساهمة من الدول المؤمنة بحل الدولتين كخيار يمثل الإرادة والشرعية الدولية في إنقاذ هذا الحل الذي يتعرض للتدمير الممنهج جراء السياسات الصهيونية خاصة من خلال استمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة".

وثمّنت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" المواقف الشجاعة لهذه الدول الأوروبية، معتبرة هذه الخطوة إثباتا لحقوق الشعب الفلسطيني ودعما لأسس الكيانات القانونية والسياسية لمطالب فلسطين في الاستقلال ومساعيها التحررية وصد لمساعي الكيان الصهيوني لإلغاء وجود الشعب الفلسطيني.

ونفس موقف الترحيب عبّرت عنه حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي اعتبرت الإعلان "خطوة مهمة على طريق تثبيت حقنا في أرضنا وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس"، وندعو الدول حول العالم إلى الاعتراف بحقوقنا الوطنية المشروعة، ودعم نضال شعبنا الفلسطيني في التحرّر والاستقلال، وإنهاء الاحتلال الصهيوني لأرضنا.

من جانبه، اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، القرار "خطوة من شأنها وضع النرويج وإيرلندا واسبانيا على الجانب الصحيح من التاريخ في هذا الصراع"، داعيا الدول التي لم تعترف بفلسطين بعد إلى "الاقتداء بالدول الثلاث في خطوتها المبدئية الشجاعة".

ونفس موقف الترحيب عبرت عنه منظمة التعاون الإسلامي وعديد العواصم العربية على غرار قطر والرياض وعمان التي أجمعت على أهمية إعلان الاعتراف في تعزيز الجهود الرامية إلى تنفيذ حلّ الدولتين وبوصفه خطوة أساسية للرد على إجراءات إسرائيل التي تقتل فرص تحقيق السلام.

وبهذا الاعترافات، تنضم بذلك النرويج وإسبانيا وإيرلندا إلى عدد من دول الكارييبي التي أقرت اعترافها بدولة فلسطين في الأسابيع القليلة الماضية على غرار جامايكا وترينيداد وتوباغو وباربادوس وجزر البهاماس.