يوم تاريخي يضاف لصفحات النضال الفلسطيني
دفعة جديدة من أصحاب المؤبدات والمحكوميات العالية ترى النور

- 379

حققت المقاومة الفلسطينية، أمس، إنجازا جديدا بتحرير 200 أسير فلسطيني ضمن الدفعة الثانية من المرحلة الأولى لصفقة "طوفان الأحرار" شملت الإفراج عن 121 أسير محكوم بالسجن المؤبد و79 أسيرا بأحكام مختلفة، مع إبعاد 70 أسيرا للخارج، مقابل إطلاق سراح 4 مجندات إسرائيليات.
سلمت "كتائب القسام" الجناح المسلح لحركة المقاومة الاسلامية "حماس" رفقة "سرايا القدس" الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، أربع مجندات إسرائيليات إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مشهد ميزه التنظيم الدقيق وأثار مجددا استياء الجانب الصهيوني الذي رأى فيه استفزازا له، خاصة وأن المقاومة سلمت الأسيرات الإسرائيليات وهن يرتدين زيهن العسكري وسط انتشار مكثف لعناصرها من النخبة حاملين أسلحة جيش الاحتلال.
وظهرت المجندات مبتهجات وهن بصحة جيدة إلى جانب عناصر من المقاومة على منصة، أقيمت في ساحة الميدان وسط مدينة غزة بحضور حشد جماهيري كبير، وشهدت توقيع اتفاق للتسليم بين ممثل للقسام وممثل الصليب الأحمر. بالمقابل، نقلت حافلات الأسرى الفلسطينيين ممن شملتهم الدفعة الثانية من صفقة التبادل من بينهم 16 أسيرا من قطاع غزة من أصحاب المحكوميات العالية منهم 4 مؤبدات. كما نقل الأسرى المبعدين إلى الخارج إلى معبر رفح الحدودي مع مصر.
واستقبلت حشود في رام الله بالضفة الغربية أكثر من 100 أسير أفرج عنهم الاحتلال الإسرائيلي خلال النهار، على عكس الدفعة الاولى التي انتظر فيها أهالي الأسيرات إلى غاية منتصف الليل. وحملت الحشود المحررين على الأكتاف ولوحوا بعلامة النصر، بينما أعرب الأسرى عن شكرهم للمقاومة الفلسطينية في غزة التي كانت وراء صفقة التبادل وإبصارهم النور الذي غاب عن أعينهم لسنوات وعقود من الزمن. ويعد تاريخ الأمس يوما تاريخيا آخر، يضاف إلى صفحات نضال وكفاح الشعب الفلسطيني الموقعة بدماء أبنائه. وقد دفع ما لا يقل عن 50 ألف شهيد، غالبتهم أطفال ونساء في حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة الذي عاد ليلتقط انفاسه تدريجيا مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ قبل أسبوع من الآن.
لكن المشاهد القادمة من غزة لم تعجب الكيان الصهيوني الذي راح إعلامه يدعو إلى عدم تداول مقاطع الإفراج عن الأسيرات، حتى لا يضر ذلك بالصحة النفسية للجمهور الإسرائيلي المصدوم من بقاء مقاتلي المقاومة شامخين بكل قوتهم وعتادهم العسكري، وحفاظهم على حياة الأسرى في أوج حرب عنيفة ودامية قصفت خلالها اسرائيل كل شيء في غزة دون التفكير في مصير أسراها، الذين زعمت بأنها شنت الحرب من أجل استعادتهم.
وفي مفارقة غريبة، قال مدير قسم الصحة النفسية في وزارة الصحة الصهيونية، جلعاد بودنهايمر "تذكروا أنه أثناء إطلاق سراح المختطفين الذين نتطلع إليهم جميعا ونتحمس لهم، تدور حرب نفسية تلحق الضرر بنا وبأحبائنا. تجنب التعرض للصور ومقاطع الفيديو القاسية قدر الإمكان، وانتبه لما تتعرض له أنت وأطفالك وأحبائك". وراح هذا المسؤول الصهيوني ينصح "بمواكبة الأخبار باعتدال، واختيار مشاهدة الوثائق المثيرة والمفرحة، وليس وثائق الإذلال الهمجي من نوع أو آخر". وتجاهل هذا المسؤول، مثله مثل كل القادة والمسؤولين الاسرائيليين المجرمين، المشاهد المروعة والصادمة التي تجاوزت وصف القساوة، والتي كانت تأتي يوميا من قطاع غزة على مدار 470 يوم من حرب ابادة جماعية غير مسبوقة، شاهد خلالها العالم أجمع أبشع وافظع المجازر والمذابح التي تروع وتصدم العقل البشري.
وهي تسعى للتغطية على فشلها الذريع في تحقيق أهداف حربها الدامية، راحت حكومة الاحتلال أمس تربط عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال القطاع بتحرير الأسيرة "اربيل يهود"، والتي أكدت "حماس" أنها حية وسيفرج عنها السبت القادم. والمؤكد كما قال الناطـق باسم حركـة "حماس"، عبد اللطيف القانوع، في بيان له أمس، أن "مشاهد وتفاصيل تسليم المقاومة للأسيرات المجندات الأربع تحكي إبداع مقاومة وتروي قصة بطولة وترسخ نموذج عزة وكبرياء"، مضيفا أن "هذه المشاهد تبعث برسائل عميقة ذات دلالات استراتيجية لحكومة الاحتلال الفاشية وجيشها المجرم وداعميهم في عدوانهم ضد شعبنا، عليهم أن يلتقطوها، ليقفوا عند حقيقة شعبنا العظيم ومقاومتنا الباسلة".
وشدد القانوع على أن احتشاد جماهير من أبناء الشعب الفلسطيني لمواكبة عملية التسليم بقيادة المقاومة هو "تجسيد للتلاحم الشعبي معها وتأكيد للالتفاف حولها واحتضانها على امتداد 471 يوم". وقال "ننتظر انسحاب الاحتلال وفق بنود الاتفاق وبدء عودة النازحين إلى أراضيهم وبيوتهم"، داعيا إلى "حشد كل الإمكانيات، عربيا وإسلاميا ودوليا، لإغاثة أهلنا وتضميد جراحه والانتصار لحقوقه".