فيما تبحث الدول الغربية عن رادع ضد موسكو

روسيا تحكم قبضتها على جزيرة القرم

روسيا تحكم قبضتها على جزيرة القرم
  • القراءات: 831
م. مرشدي م. مرشدي

لا يمر يوم إلا وكرست روسيا الواقع الجديد في شبه جزيرة القرم بإجراءات عملية، تمكنت بفضلها من بسط سيطرتها على إقليم كانت تحلم وتعمل على استرجاعه ستين عاما منذ أن تخلت عنه لصالح أوكرانيا.

وفي الوقت الذي تعمل فيه موسكو على تجسيد نتائج استفتاء القرم، مازالت الدول الغربية حائرة في كيفية التعامل مع هذا الواقع المفروض، وهو ما أكد أنها خسرت رهانها وأن عقوباتها المفروضة على روسيا كانت عديمة الجدوى تماما كما توقع لها وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي أكد أن قرارات الدول الغربية لردعها مجرد مضيعة للوقت.

وفي محاولة للتعاطي مع مستجدات هذا الوضع، قام وزير الدفاع الروسي، الجنرال سيرغي شويغو، أمس، بزيارة تفقدية إلى كل القواعد والمواقع العسكرية التي آلت إلى قوات بلاده بمجرد الإعلان عن نتائج الاستفتاء الخاص بضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا.

وفي مقابل هذه التطورات، قررت نظيرتها الأوكرانية، أمس، سحب كل وحداتها العسكرية من هذه الجزيرة بداعي تعرض جنودها لتهديدات روسية بالقتل. 

وتكون سلطات كييف قد اقتنعت أن هذه التطورات أصبحت مفروضة وخاصة بعد استيلاء القوات الروسية، فجر أمس، على قاعدة فيودوسيا البحرية التي كانت آخر موقع عسكري بقي تحت سيطرة القوات الأوكرانية وهي التي سبق وأن أعطت أوامر صارمة لجنودها بإطلاق النار على كل شخص يحاول اقتحام هذه المواقع العسكرية لتقتنع في النهاية أن الأمر حسم.

ثم أن العشرات من قادة الوحدات العسكرية الأوكرانية التحقوا طواعية بعدتهم وعتادهم بالجيش الروسي وقد تعهد الوزير شويغو بضمان حصولهم على كل الامتيازات التي يتحصل عليها نظراؤهم الروس.

ويكون هذا القرار قد زاد في إضعاف مواقف العواصم الغربية التي حاولت منذ البداية أن تظهر "العين الحمراء" باتجاه موسكو لردعها عما وصف حينها بمغامرة احتلال جزيرة القرم قبل أن تقف على هذا الواقع متفرجة بعد أن أكدت عجزها عن فعل أي شيء.

وهو ما يطرح التساؤل حول ما إذا كانت دعوة الرئيس الامريكي باراك اوباما، أمس، بفرض مزيد من العقوبات بالتنسيق مع حلفاء بلاده الأوروبيين على روسيا قد تجاوزها الزمن وأصبحت عديمة الجدوى؟

وقال الرئيس الامريكي الذي حل بلاهاي الهولندية لحضور قمة الأمن النووي وطغت عليها تداعيات الأحداث في شبه جزيرة القرم، أنه يعمل بالتنسيق مع الدول الأوروبية من أجل فرض عقوبات إضافية على روسيا ومنها فكرة إنهاء عضويتها في مجموعة الثماني الكبار في العالم.

ولكن هل إجراء كهذا بإمكانه أن يعيد الأمور إلى سابق عهدها ويجعل موسكو تعيد حساباتها وتعترف مكرهة أنها ارتكبت خطأ ما كانت لتقع فيه؟

ويبدو من الوهلة الأولى أن ذلك لن يحدث أبدا وأن السلطات الروسية وضعت في حساباتها كل الخيارات بما فيها العزلة الاقتصادية وعقوبات أشد، ولكنها اعتبرت أن ذلك لن يكون سوى ردة فعل ظرفية لن تلبث العواصم الغربية في التراجع عنها في إطار لعبة المصالح المتبادلة في العالم.

وهو الاحتمال الوارد جدا بالنظر إلى العلاقات الثنائية للدول الكبرى التي رفض بعضها فرض عقوبات اقتصادية على روسيا حفاظا على استثماراتها وأيضا لكون السوق الروسية تعد متنفسا اقتصاديا لا يمكن لأي دولة أوروبية الاستغناء عنها في وقت تعرف فيه الاقتصاديات الأوروبية أزمات دورية حادة قد يدخلها مرحلة الانكماش وربما الإفلاس. وهو الأمر الذي لا تريده أية دولة أوروبية مهما كانت درجة امتعاضها من القرار الروسي بضم شبه جزيرة القرم.