في رسالة صمود وبقاء على الأرض

سكان شمال قطاع غزة يحبطون مخطّطات التهجير

سكان شمال قطاع غزة يحبطون مخطّطات التهجير
  • 486
ص .محمديوة ص .محمديوة

تابع العالم أجمع، أمس، مشاهد مبهرة لحشود بشرية عارمة من أبناء الشعب الفلسطيني تتدفق تباعا وهي في طريق عودتها إلى مناطقها المنكوبة في شمال قطاع غزة التي أجبروا على النزوح منها قسرا تحت نيران آلة الدمار الصهيونية رغم بيوتهم المدمّرة وانعدام أدنى مقوّمات الحياة. 

وما بين الركام والأنقاض تنقل الآلاف من نساء وأطفال وشيوخ، مشيا على الأقدام لساعات طوال وفي سيارات، حاملين ما تبقى لهم من أمتعة وعيونهم على أرضهم التي أثبتوا للعالم أجمع أنهم متجذرون فيها رغم الأثمان الباهظة التي دفعوها من دماء أبنائهم وبناتهم وكبارهم وصغارهم، فكان أمس يوم تاريخي آخر يضاف إلى سجل نضال شعب مكتوب بدماء شهدائه وأكد مجدّدا عظمته ورسوخه في أرضه رغم عمق الألم والمأساة.

وأسقط النازحون الفلسطينيون المصرون على العودة إلى مناطقهم المدمّرة والمنكوبة كل مخططات ومؤامرات التهجير التي حاكتها حكومة الاحتلال بدعم أمريكي مفضوح لا تتوقف الإدارات الأمريكية المتعاقبة على تقديمه لاحتلال فاشي هزم أمام شعب أعزل دافع عن أرضه وعرضه بصدور عارية.

وتبقى راسخة في الأذهان تلك المشاهد لمئات بل آلاف النازحين الفلسطينيين الذي باتوا ليلة الأحد إلى الاثنين في العراء وسط الصقيع في انتظار الضوء الأخضر من جيش الاحتلال بعد أن قطع عنهم أول أمس الطريق ومنعهم من العودة إلى مناطقهم وربط مصيرهم بمصير أسيرة إسرائيلية واحدة، ألحت حكومة الاحتلال بشدة على ضرورة الإفراج عنها مقابل السماح لسكان مدينة غزة ومحافظات الشمال بالعودة.

وتوجّهت الأنظار إلى هذه الأسيرة التي تدعي إسرائيل أنها مدنية وأكدت المقاومة أنها متدربة عسكرية وهي في قبضة كتائب "سرايا القدس" الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، هذه الأخيرة التي لم تدخّر جهدا وبذلت إلى جانب باقي المفاوضين الفلسطينيين مع الوسطاء جهودا جبارة لتسوية أزمتها التي اتخذتها إسرائيل ذريعة للتنصل من اتفاق وقف إطلاق النار.

ولكن المقاومة برجالها ومفاوضيها، الذين أثبتوا كفاءتهم، عرفوا كيف يسيّرون هذا الملف ويحملون الاحتلال للانصياع لمقتضيات اتفاق وقف إطلاق النار، وقد اضطر أمس صاغرا لمنح الضوء الأخضر لسكان الشمال بالعودة بعد أن برمج إخلاء سبيلها قبل يوم الجمعة المقبل.   

  الإصرار على العودة "ردّ فعل أصيل" من الشعب الفلسطيني

أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن "المشاهد المُفعمة بفرح العودة وحب الأرض والتشبث بها هي رسالة لكل المُراهنين على كسر إرادة شعبنا وتهجيره من أرضه"، مؤكدة أنّ عودة النازحين إلى بيوتهم يُثبت مجددا فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العدوانية في تهجير الشعب الفلسطيني وكسر إرادة الصمود لديه.

وهي تدعو إلى تكثيف وصول كل المساعدات والمواد الإغاثية إلى كامل مناطق قطاع غزة، شدّدت "حماس" على أنها تعاملت مع مسار التفاوض في كل مراحله بمسؤولية وجدية بالغة وحساسية كبيرة لآلام وآمال شعبها.

وقالت في بيان لها إن "قيادة الحركة تحلّت طوال المعركة التفاوضية بأقصى درجات الصبر والحكمة في التعامل مع كل محاولات العدو تعطيل المسار واختلاق أزمات وذرائع تفشل العملية أو تظهر الحركة كطرف لا يعبأ بمشاعر وآلام شعبنا وتحمّلت كل الضغوط الشعبية والنخبوية التي كانت تنطلق من زوايا محقّة دون الإلمام بكل زوايا المشهد التفاوضي".

وجاء في البيان "لقد رأينا والوسطاء وكل من راقب مراحل التفاوض خلال أكثر من عام في هذه المعركة  كل أخلاق الصهاينة المعروفة من  نقض العهود والمواثيق والتنكر لها والتألي على الحق، ومع ذلك بقيت بوصلتنا مشدودة نحو مصالح شعبنا الآنية دون أن ننحرف عن رؤيتنا الاستراتيجية لإدارة الصراع مع العدو على طريق العودة والتحرير".

وأوضحت الحركة بأن الأزمة التي افتعلها الكيان الصهيوني وضغط بها على الشعب الفلسطيني الصامد الصابر وشغل بها الرأي العام، مثلت "نموذجا لسلوك الحركة المسؤول في مقابل سلوك الاحتلال المأزوم المهزوم".

وأكدت أن "كل هذه المحاولات لن تعطي للعدو أي صورة نصر أو تكتب له أي إنجاز سياسي أو ميداني، وما مشهد عودة شعبنا مع خيوط الفجر الأولى وانسحاب العدو من محور نتساريم، الذي ظل يردّد ويتوعّد ويتجهز لاحتلاله بشكل دائم، إلا ردا عمليا على كل من يحلم بتهجير شعبنا عن أرضه أو فرض مشاريع سياسية على حساب حقوقنا وأرضنا". وقالت إنه "كما تحطمت كل مشاريع تصفية القضية، ستفشل مشاريع التهجير والوطن البديل، على صخرة صمود شعبنا المحتضن للمقاومة، وبأس وحكمة مقاومتنا التي تحمي شعبنا".

وبنفس مشاعر الفخر والاعتزاز، أكد مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، أمجد الشوا، أن عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة تعبّر عن إرادة الشعب الفلسطيني في البقاء على الأرض وحرصه على الصمود في وجه التحديات.

وقال الشوا "إننا نشهد مشهدا تاريخيا وهو عودة مئات الآلاف من النازحين، حيث بدأت هذه العودة بالفعل من وسط وجنوب قطاع غزة باتجاه المناطق الشمالية والوسطى"، مؤكدا أن "هذا المشهد يعكس تأكيدا على حقّ العودة ويرفض محاولات التهجير التي يسعى الاحتلال لفرضها على أبنائه".

وهو ما عبّرت عنه عضو "هيئة العمل الوطني الأهلي الفلسطيني"، رتيبة النتشة، التي قالت إن إصرار النازحين الفلسطينيين على العودة إلى ديارهم يمثل "رد فعل أصيل" تجاه محاولات التهجير، مؤكدة أن الفلسطينيين طالما كانوا رافضين لفكرة التهجير وأن حق العودة هو حق لا يمكن نسيانه. 

من جانبه أكد المتحدث باسم منظمة الطفولة "يونسيف"، كاظم أبو خلف، أن عودة واستقرار النازحين في مناطقهم بشمال قطاع غزة، يمثل "نقطة فارقة" للعاملين في المجال الإنساني رغم التدمير الكلى للبنى التحتية.


ردا على مقترح ترامب لترحيل سكان غزة

رفض أردني ـ مصري لمحاولات تهجير الفلسطينيين 

أكدت كل من الأردن ومصر، أمس، رفضهما لمخططات تهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، في إشارة واضحة لرفضهما مقترح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي دعا البلدين لاستضافة سكان قطاع غزة.  

حذّرت الأردن ومصر من أن نكران حقوق الفلسطينيين سيبقي منطقة الشرق الأوسط في حالة توتر، ودعتا إلى حلّ عادل وشامل للقضية الفلسطينية. في هذا السياق، أكد رئيس مجلس النواب الأردني، أحمد الصفدي، "إننا باسم أبناء الشعب الأردني نرفض كل محاولات تهجير الفلسطينيين"، مؤكدا أن "الأردن لن يكون وطنا بديلا.. وهذا الوطن الذي قدّم التضحيات وصبر على الجراح والأذى والنكران سيصمد في وجه التحديات مهما اشتدت وتعالت".

وقال الصفدي في مستهل جلسة لمجلس النواب، أمس، أن "الحرص على وقف معاناة أهل غزة لا يكون بطرح حلول تخدم أجندة الصهيونية التوسعية التي لن تجلب سوى الدمار والخراب للمنطقة". وأكد أن "الأردن قدّم كل جهد صادق لإحلال السلام ولا يمكن تفسير دعوات تهجير الفلسطينيين إلى الأردن ومصر، سوى أنها ضرب لكل القيم والمبادئ التي كانت تحث على ديمومة رقعة السلام وتوسيعها والحفاظ على أمن الشعوب واستقرارها". وأضاف أن "الحديث عن تهجير الشعب الفلسطيني من غزة، بعد ما طاله من عذاب وإجرام، لا يستقيم مع قيم العدالة والحرية التي تنادي بها الأنظمة الديمقراطية ولا يملك أحد حقّ تقرير مصير فلسطين إلا شعبها الصامد ومن حقّه اليوم كغيره من شعوب العالم أن ينال حريته وأن تقام دولته على ترابه الوطني".

وحذّر المسؤول الأردني من أن "العبث والنكران لحقوق الفلسطينيين سيُبقي المنطقة على صفيح من التوتر والغليان ولن تنعم المنطقة برمتها بالأمن والاستقرار إلا بحل عادل وشامل يضمن حقوق الفلسطينيين كاملة". وشدّد على أن مجلس النواب "سيتخذ كل خطوة من شأنها تعزيز موقفنا الوطني وعنوانه العريض لا للتهجير لا للوطن البديل فلسطين للفلسطينيين والأردن للأردنيين".

نفس الموقف أعربت عنه وزارة الخارجية المصرية التي أكدت استمرار دعم مصر لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسّكه بحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه وبمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وشدّدت الخارجية المصرية على رفضها لأي مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرّف سواء من خلال الاستيطان أو ضمّ الأرض أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل. وحذرت من أن ذلك "يهدّد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة ويقوّض فرص السلام والتعايش بين شعوبها ".

كما أكدت الخارجية المصرية، في بيانها، "تمسّك مصر بثوابت ومحدّدات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية"، مشدّدة على أنها "تظل القضية المحورية بالشرق الأوسط وأن التأخر في تسويتها وفي إنهاء الاحتلال وعودة الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني هو أساس عدم الاستقرار في المنطقة".

ودعت مصر المجتمع الدولي إلى العمل على بدء التنفيذ الفعلي لحل الدولتين، بما في ذلك تجسيد الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني وفي سياق وحدة قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية وفقا لقرارات الشرعية الدولية وخطوط الرابع من جوان لعام 1967.

وجاء رفض كل من عمان والقاهرة لتهجير الفلسطينيين خارج وطنهم ردا على مقترح الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي قدمه أول أمس، ودعا من خلاله لتهجير فلسطيني قطاع غزة إلى الأردن ومصر.

وتحجّج الرئيس الأمريكي بالدمار الهائل الذي طال القطاع وكل بناه التحتية ومرافقه ومنشآته وانعدام أدنى مقوّمات الحياة فيه جراء العدوان الصهيوني الذي استمر لأكثر من 15 شهرا ولم يسلم منه أي شيء لا الإنسان ولا الحيوان ولا الحجر ولا الشجر.


حذّرت من تزويد الكيان الصهيوني بقنابل ذات أوزان جديدة 

"فتح" تدعو إدارة ترامب للعمل من أجل السلام والاستقرار

اعتبرت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" تزويد الكيان الصهيوني من قبل الولايات المتحدة بقنابل ذات أوزان جديدة يصبّ في تأجيج الصراع.

قالت اللجنة في بيان أصدرته، مساء أول أمس، إن قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المصادقة على أوزان جديدة من القذائف الأمريكية لصالح الكيان الصهيوني سيصبّ في تأجيج الصراع بدلا من إخماده وتوجيه الطاقات والجهود من أجل السلام. ودعا البيان إدارة ترامب إلى العمل قدما من أجل السلام والاستقرار وتجنّب كل ما يقود المنطقة إلى المزيد من الأزمات بفعل رغبات السلطات الصهيونية وإجراءاتها التعسّفية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس.

كما أكدت اللجنة رفضها القاطع لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه وشدّدت على أهمية أن يواصل الرئيس الأمريكي العمل من أجل تثبيت واستدامة وقف إطلاق النار وتوفير المساعدات وتمكين السلطة الفلسطينية من تولي مهامها كاملة في قطاع غزة والذهاب إلى صنع السلام الدائم والعادل وفق قرارات الشرعية الدولية، مشدّدة على أن تنفيذ حلّ الدولتين بإنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية سيوسع نطاق السلام لجميع دول الجوار والعالم.