الجامعة الصيفية للبوليزاريو تثير هستيريا المخزن تجاه الجزائر

سياسة الهروب إلى الأمام

سياسة الهروب إلى الأمام
  • 1700
❊مليكة. خ ❊مليكة. خ

لم يهضم المخزن فكرة احتضان الجزائر للجامعة الصيفية للجمهورية العربية الصحراوية، إذ سارع إلى اتهام الجزائر باستغلال التظاهرة العلمية «لتكوين الصحراويين عسكريا وسياسيا لزعزعة استقرار المغرب»، الذي يعيش على وقع مشاكل اجتماعية تهدد جبهته الداخلية، تزامنا مع ارتكابه لجرائم في الصحراء الغربية والتي تكشفها التقارير الدولية.

 

تثير هذه الاتهامات التي أوردها أحد المواقع الإعلامية المغربية الناطقة باسم المخزن، الكثير من التساؤلات كونها تتزامن مع ظرف صعب يمر به المغرب والذي يبدو أنه يعيش على صفيح ساخن، على خلفية حراك الريف وهو الذي حاول في وقت سابق اللعب على ورقة «العرق» في الجزائر في منطقتي القبائل وغرداية، مع إصراره في كل مرة على طرح المسالة في الاجتماعات الأممية لحقوق الإنسان بجنيف، لكن مخططاته المفضوحة إلى أبعد الحدود ذهبت في مهب الريح.

ورغم أن الجزائر دأبت على تنظيم الجامعة الصيفية للجمهورية العربية الصحراوية منذ سنوات، إلا أن الرباط تتحين فرص ما يحدث من اهتزازات في جبهتها الداخلية من أجل إقحام الجزائر في هذه المشاكل، قصد تحويل أنظار الرأي العام المغربي والعالمي عن هذه الحقائق، التي كشفتها الكاميرات والتقارير الدولية، بما يؤكد أن المخزن مازال يتخبط في عنق الزجاجة.

وكان المغرب الوفي لمهاتراته، قد حاول منذ أشهر تحويل  أنظار الرأي العام الدولي عن عدم امتثاله لقرار مجلس الأمن الدولي بخصوص القضية الصحراوية، عندما فرض هذا الأخير المفاوضات المباشرة بين الطرفين، فضلا عن تحديد بعثة الأمم المتحدة المشرفة على تنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية، ومراقبة وقف إطلاق النار بـ6 أشهر فقط بدل عام، حيث لم يتردد في تلفيق تهم جديدة غير مباشرة للجزائر من خلال اتهامه سفارة إيران في الجزائر  وحزب الله اللبناني بتدريب عناصر جبهة البوليساريو عسكريا. 

فبعد أن بعث مجلس الأمن برسائل قوية إلى المغرب والتي مفادها أن التعنت لن يجدي نفعا، وأنه لا مفر من الانصياع للشرعية الدولية، وجد المغرب نفسه ملزما بإحداث ثغرة يتنفس منها بعض الغضب الأمريكي، حتى  وإن كان ذلك تلفيقا وزيفا، عبر اختلاق كذبة مثل علاقات البوليساريو وإيران وحزب الله.

وبما أن هذه التلفيقات الباطلة لم يكن لها صدى على المستوى الدولي، يحاول المخزن المساس بمبدأ الجزائر في حق تقرير مصير الشعوب، من خلال اتهامها بالإشراف على «المعسكرات التدريبية والتأطيرية لعناصر جبهة البوليزاريو قدموا من مخيمات تندوف، تحت غطاء الجامعات الصيفية»، إذ حاول الموقع الإعلامي المحسوب على المخزن ربط انعقاد الجامعة عام 2009 بتفجر أحداث «أكديم إزيك».

وبلغ غباء المخزن إلى حد يثير الكثير من الاستغراب بعد أن حاول تصوير مخيمات تندوف على أنها معسكرات للتدريب، متناسيا أن مخيمات اللاجئين تحظى بزيارات لبعثات دولية كتلك التي قام بها مؤخرا مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، فضلا عن زيارات أخرى للسلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، قصد الاطلاع على الأوضاع الإنسانية، والتي كثيرا ما أفضت إلى تقديم هبات مالية للشعب الصحراوي.

وبذلك يحاول المخزن في كل مرة توريط الجزائر في القضية الصحراوية، رغم أن موقف بلادنا واضح وصريح منذ اندلاع هذا النزاع، وهو البقاء بعيدة عنه  كونه محصورا بين المملكة المغربية والشعب الصحراوي الذي تمثله جبهة البوليساريو و تتكفل به منظمة الأمم المتحدة.

وما دام المغرب يرفض المضي في مسار التسوية الأممي، فانه سيبقى يجني الهزائم دبلوماسيا، حتى وإن كان لا أحد يجبره لحد الآن على تطبيق اللوائح الأممية، ليبقى حق الشعب الصحراوي في تحقيق مصيره معلقا إلى إشعار آخر.

يأتي ذلك في وقت تحرص الجزائر على تقديم دعمها التام لجهود الأمين العام الأممي ومبعوثه الشخصي من أجل تسوية نهائية للنزاع، طبقا للشرعية الدولية ومبادئ الأمم المتحدة في مجال تصفية الاستعمار، فضلا عن مواصلة التزاماتها الإنسانية، تجاه اللاجئين الصحراويين بالعون والحماية والإسعاف .

فعلى الرغم من سنوات الانتظار لاستكمال المسار السلمي الأممي لهذه القضية، فإن الشعب الصحراوي أعطى أقوى الصور في الالتزام القانوني والسياسي والجنوح إلى السلم والسعي إلى تحقيق الأمن والاستقرار عبر إيجاد حل لقضيته،مما اكسبه  تقدير واحترام المجموعة الدولية أمام التعنت المغربي وسلوكياته اللامسؤولة وتمسكه بسياسة الهروب إلى الأمام.