الاحتلال يواصل تعنّته و"حماس" تؤكد دعهما لكل جهد لوقف العدوان
ضغط دولي لإنهاء حرب الإبادة في غزّة
- 1247
تضاعف الضغط الدولي بشدة من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزّة، على أمل إيقاف شلال الدم والمجازر التي يمعن الكيان الصهيوني على مدار عشرة أشهر في ارتكابها بلا هوادة بهذا الجزء الصغير من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي إطار هذا الضغط قالت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة إنه "لا يمكن أن يكون هناك مزيد من التأخير" للتفاوض على وقف إطلاق النار" في قطاع غزّة المحاصر، وشدد قادة هذه الدول الأوروبية في بيان مشترك أمس، على ضرورة الوقف الفوري للمعارك الضارية المندلعة في مناطق من القطاع بين عناصر المقاومة وقوات الاحتلال.
من جانبه، دعا وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، الكيان الصهيوني إلى وقف عدوانه على قطاع غزّة، مؤكدا أنه "قد حان الوقت لوقف إطلاق النار"، وقال وزير الخارجية الإيطالي، في تصريحات صحفية أمس "خطنا واضح للغاية ونطلب من اسرائيل وقف الهجمات التي تؤدي إلى عدد كبير للغاية من الضحايا المدنيين، وهو ما يتناقض مع القانون الدولي.. وهناك مسار قائم ووساطات ونحن ضد أي عمل يزيد من التوتر ويشمل الأبرياء".
وتشدد الدول الغربية في الفترة الأخيرة على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزّة بسبب حجم المجازر المروعة التي يقترفها جيش الاحتلال في وضح النهار وأمام مرأى ومسع العالم أجمع وفضحت وجهه الدموي.
وحتى الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الأول والداعم الأكبر للكيان الصهيوني في حرب الإبادة الجماعية ضد فلسطينيين في غزّة، تقول إدارتها إنها لا تزال تؤمن بوقف إطلاق النار وتطالب بذلك لكن من دون أن ترافق هذا المطلب بأي إجراء ملموس يضع اسرائيل عند حدها.
وهو ما يشكل مربط الفرس في هذه الحرب الدموية التي يقر العالم بكل دوله الديمقراطية وهيئاته ومنظماته الإنسانية والحقوقية بضرورة وقفها ووضع حد لشلال الدم الفلسطيني الذي يواصل جيش الاحتلال إهداره بطريقة أقل وصف يطلق عليها أنها مروّعة.
ولكن نفس هذا العالم لم يتجرأ بعد، ورغم مرور عشرة أشهر من الإبادة واستشهاد قرابة 40 ألف فلسطيني، على تحريك أدوات الردع التي يمتلكها وفي الأصل دوله الغربية التي تتغنى بالديمقراطية، هي من صاغتها وفرضتها في إطار نظام دولي ومنظومة أممية من المفروض أن غايتها حماية الأمن والسلم العالميين.
ويبقى هذا العالم عاجزا عن ردع الكيان الصهيوني ويسعى بطريقة أو بأخرى إلى تحميل حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مسؤولية عدم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النّار في غاية تدركها جيدا الحركة التي أكدت مرارا وتكرارا دعمها لأي جهد يحقق وقف العدوان.
ولم يتوقف موقف الحركة على مجرد بيانات أو تصريحات لمسؤوليها بدعم جهود الوساطة، بل خاضت "حماس" عدة جولات مفاوضات قدمت كل ما يلزم من مرونة وإيجابية من أجل تحقيق أهداف ومصالح الشعب الفلسطيني وحقن دمائه ووقف الإبادة الجماعية بحقه، وبما يفتح المجال لعملية تبادل للأسرى وإغاثة سكان غزّة وعودة النازحين وإعادة إعمار ما دمره العدوان.
وفي هذا السياق وافقت "حماس" على مقترح الوسطاء في السادس ماي الماضي، ورحبت بإعلان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في 31 ماي وبقرار مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص 2735.
وفي ردها مساء أول أمس، على "البيان الثلاثي بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار"، جددت "حماس" حرصها على إنجاح جهود الوسطاء في مصر وقطر للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، وإنهاء حرب الإبادة الجماعية على شعبها وأكدت دعمها لأي جهد يحقق وقف العدوان.
وطالبت الوسطاء بتقديم خطة لتنفيذ ما قاموا بعرضه على الحركة ووافقت عليه بتاريخ 22 جويلية الماضي، استنادا لرؤية بايدن وقرار مجلس الأمن، وإلزام الاحتلال بذلك بدلا من الذهاب إلى مزيد من جولات المفاوضات أو مقترحات جديدة توفر الغطاء لعدوان الاحتلال وتمنحه مزيدا من الوقت لإدامة حرب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
كما ذكرت "حماس" الوسطاء وكل المجموعة الدولية أن الاحتلال قابل ما قدمته من مرونة وايجابية بالرفض واستمرار المجازر بحق الشعب الفلسطيني، واستمر بالتأكيد على موقفه بأنه غير جاد بوقف دائم لإطلاق النار وكانت ممارساته العدوانية بحق الفلسطينيين دليلا عمليا على ذلك.
حصيلة 311 يوم من حرب الإبادة الجماعية في غزة.. 39 ألفا و897 شهيد في 3486 مجزرة
ارتكب الاحتلال الصهيوني خلال 48 ساعة الأخيرة ثلاث مجازر ضد العائلات الفلسطينية في قطاع غزة راح ضحيتها 142 شهيد، وصل منهم إلى المستشفيات 107 شهيد ممن عرفت أسماؤهم، فيما واصلت السلطات الصحية في غزة عملية التأكد من هويات وتسجيل باقي الشهداء في وقت بلغ فيه عدد الإصابات 150.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان أمس، أنه لازال عدد من الضحايا تحت الركام وتحت البنايات المدمرة وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم بسبب تواجد آليات الاحتلال وخطورة تلك الأماكن.
وبلغة الأرقام، ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 39 ألف و897 شهيد و92 ألفا و152 إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي في حصيلة لا تشمل الشهداء مجهولي الهوية الذين سقطوا في مجزرة "التابعين" فجر السبت الأخير.
ونشر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أمس، تحديثا لإحصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي منذ 311 يوم على القطاع والتي اقترف خلالها 3486 مجزرة راح ضحيتها 49 ألف و897 ما بين شهيد ومفقود منهم 10 آلاف مفقود.
وارتفعت حصيلة الضحايا من الأطفال، الذين يدفعون الثمن جد غال، إلى 16 ألف و456 شهيد، 36 منهم ارتقوا جراء المجاعة وأكثر من 11 ألف شهيدة و885 شهيدا من الطواقم الطبية و79 من عناصر الدفاع المدني و168 شهيد صحافي. كما تم اكتشاف 7 مقابر جماعية أقامها الاحتلال داخل المستشفيات، تم انتشال منها 520 شهيد.
ومن صور المعاناة التي خلفتها هذه الحرب الهمجية أن 17 ألف طفل يعيشون من دون والديهم أو من دون أحدهما، في نفس الوقت الذي لا تزال حياة 3500 طفل معرضة للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء و12 ألف جريح بحاجة للسفر للعلاج في الخارج و10 آلاف مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة للعلاج.
ولا تتوقف مآسي سكان غزة عند هذا الحد بحيث أن كل فئات المجتمع تضرّرت بطريقة مروعة وبشعة بسبب حرمانهم من الغذاء والماء والدواء والوقود الذي يعد عصب عمل مختلف المؤسّسات خاصة المستشفيات التي أخرج منها 34 مشفى عن الخدمة.
وفي هذا السياق تشير الأرقام إلى أن أكثر من مليون و700 ألف مواطن فلسطيني مصابون بأمراض معدية نتيجة النزوح سجلت على إثرها 71 ألفا و338 حالة عدوى التهابات كبد وبائي بسبب النزوح و60 ألف امرأة حامل مُعرَّضة للخطر لانعدام الرعاية الصحية.
وإضافة إلى حرب الإبادة التي يذهب ضحيتها مئات المواطنين العزل يوميا، اعتقل الاحتلال ما لا يقل عن 5 آلاف شخص من قطاع غزة منهم 310 حالة اعتقال في صفوف الإطارات الطبية و36 حالة اعتقال صحفيين ممن عُرفت أسماؤهم. وفي ظل استمرار القصف الكثيف والعنيف في كل شبر من القطاع تفجرت موجة نزوح قسرية لما لا يقل عن مليوني شخص تجبر الأطفال والنساء والمرضى وكبار السن على التنقل في ظروف جد قاسية من منطقة إلى أخرى تحت رصاص قوات الاحتلال ووسط الركام وأنقاض المباني المنهار وقد استهدف جيش الاحتلال 175 مركز ايواء.
هذا الاحتلال الذي ألحق دمارا هائلا بقطاع غزة وأمطره بـ82 ألف طن من المتفجرات تسببت بخسائر مباشرة بقيمة 33 مليار دولار على إثر تدمير150 ألف وحدة سكنية بشكل كلي و80 ألف وحدة أصبحت غير صالحة للسكن و200 ألف وحدة دمرها بشكل جزئي، كما دمر 198 مقر حكومي و121 مدرسة وجامعة بشكل كلي و333 مدرسة وجامعة دمّرها الاحتلال بشكل جزئي وقد أعدم 110 شخص بين عالم وأستاذ جامعي وباحث.
بعد ارتكاب الاحتلال الصهيوني لمجزرة مدرسة "التابعين" بغزة.. لازاريني يؤكد فشل أعضاء اتفاقيات جنيف في احترام قواعدها
أكد مفوض وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، أمس، أن الأعضاء في اتفاقيات جنيف فشلوا بتحمّل مسؤولياتهم في احترام قواعدها وضمان احترام أطراف الصراع لها، بما في ذلك حماية المدنيين والمدارس والمستشفيات.
جاء ذلك في بيان نشره لازاريني على حسابه عبر منصة "إكس" تعقيبا على قصف جيش الاحتلال الصهيوني مدرسة "التابعين" بمدينة غزة في مجزرة خلفت أكثر من 100 شهيد وعشرات الجرحى.
وأضاف المسؤول الأممي أنه "قبل 75 عاما من اليوم، وضعت اتفاقيات جنيف لحماية المدنيين في أوقات الحروب.. وهي مجموعة القواعد التي نتفق عليها جميعا"، ليتساءل مفوض الأونروا "هل نتفق عليها؟".
وسلّط لازاريني الضوء على أنه "خلال الأشهر العشرة الماضية، تم انتهاك هذه القواعد بشكل صارخ يوما بعد يوم في قطاع غزة".
وكان المكتب الإعلامي بقطاع غزة أعلن السبت الأخير عن استشهاد أكثر من 100 شخص وإصابة العشرات في غارة للاحتلال الصهيوني استهدفتهم أثناء تأديتهم صلاة الفجر بمدرسة "التابعين" بمدينة غزة، التي لجأ إليها نازحون فارون من العدوان الصهيوني.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، يواصل الكيان الصهيوني العدوان على غزة متجاهلا قرار مجلس الأمن الدولي بوقفه فورا وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
للإشارة فإن اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية، تقع في صلب القانون الدولي الإنساني وهي عصب القانون الدولي الذي ينظم السلوك أثناء النزاعات المسلحة ويسعى إلى الحد من تأثيراتها.
واتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية هي معاهدات دولية تضم أكثر القواعد أهمية للحد من همجية الحروب وتوفر الاتفاقيات الحماية للأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية "المدنيون وعمال الصحة وعمال الإغاثة"، والذين توقفوا عن المشاركة في الأعمال العدائية الجرحى والمرضى وجنود السفن الغارقة وأسرى الحرب.
وتدعو الاتفاقيات وبروتوكولاتها إلى الإجراءات التي يتعين اتخاذها منعا لحدوث كافة الانتهاكات أو وضع حدّ لها. وتشمل قواعد صارمة للتصدي لما يعرف بـ الانتهاكات الخطيرة"، إذ يتعين البحث عن الأشخاص المسؤولين عن "الانتهاكات الخطيرة" وتقديمهم إلى العدالة أو تسليمهم بغض النظر عن جنسيتهم.