انسدّ أفقها وضاقت حال اليمنيّين منها

قبول الحوثيين التوجه إلى جنيف هل ينهي المأساة اليمنية؟

 قبول الحوثيين التوجه إلى جنيف هل ينهي المأساة اليمنية؟
  • 578
قبلت حركة أنصار الله الحوثية المتمردة في اليمن أخيرا، التوجه إلى جنيف السويسرية للقاء وفد عن الحكومة اليمنية؛ في محاولة لإنهاء الحرب الأهلية المدمرة التي تعصف بهذا البلد، والتي خلّفت مئات القتلى وآلاف المرحَّلين وملايين المحتاجين. ويُنتظر أن يلتقي فرقاء هذه الأزمة بداية الأسبوع القادم لأول مرة منذ اندلاع الحرب الأهلية في هذا البلد، لإعطاء الأمل من جديد  للشعب اليمني، لإنهاء محنته وإخراجه من دوامة حرب مفروضة عليه.
وحسب مصادر في مقر الأمم المتحدة التي ترعى هذه المفاوضات، فإن الهدف النهائي من وراء هذا اللقاء يبقى التوصل إلى اتفاق بين الجانبين لوقف إطلاق النار، ووضع آلية لإعادة انسحاب عناصر الحركة المتمردة من المحافظات والمدن التي احتلتها في زحفها الأخير باتجاه جنوب البلاد.   وقبل الحوثيون بفكرة العودة إلى طاولة المفاوضات بعد لقاءات سرية احتضنتها العاصمة العمانية مسقط بين وفد عن كتابة الخارجية الأمريكية وقياديين عن أنصار الله، تناولت فكرة إقناع المتمردين بالجلوس إلى طاولة الحوار مع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي اللاجئ إلى العربية السعودية.
ويمكن القول إن مهمة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن الموريتاني أحمد الشيخ إسماعيل، لن تكون سهلة بالنظر إلى التراكمات التي خلّفتها الحرب ودرجة الشحناء بين المتحاربين، ولكن ذلك لا يمنع من القول إن قبولهما الجلوس إلى طاولة حوار واحدة، يبقى، في حد ذاته، اختراقا مهمّا على طريق إنهاء المأساة اليمنية. والمهم في ظل التطورات التي يعرفها هذا البلد أن كل طرف سيطرح مواقفه وشروطه من أجل إعادة رأب الصدع، وفتح صفحة جديدة في علاقة شابها التوتر والضغينة حد المواجهة المسلحة وإراقة الدماء. وحتى إن أكد ضيف الله الشامي أحد قيادات أنصار الله أن حركته قبلت دعوة الأمم المتحدة بالجلوس إلى طاولة المفاوضات بمدينة جنيف بدون شروط مسبقة، فـ "لن نضع أي شرط، ولكننا لن نقبل أيضا بأي شرط، وإذا كان أي طرف يريد فرض شروطه فما عليه إلا أن يطرحها على طاولة المفاوضات".
يُذكر أن الحوثيين سبق وأن رفضوا الذهاب إلى مفاوضات ما لم توقف العربية السعودية غاراتها الجوية ضمن التحالف العربي على مواقع التنظيم ومعسكراته في مختلف المدن اليمنية، بالإضافة إلى إيصال مساعدات إنسانية استعجالية للسكان المدنيين، الذين وجدوا أنفسهم محاصَرين بين فكي كماشة حرب لم يكونوا طرفا فيها.     
وكان الشامي يرد على شروط سبق لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، أن وضعها بضرورة انسحاب الحوثيين من كل المحافظات التي بسطوا سيطرتهم عليها منذ جويلية 2014 كشرط مسبق لأي حوار مع أنصار الله، وتجريدها من أسلحتها؛ تطبيقا لنص اللائحة الأممية 2216 التي صادق عليها مجلس الأمن الدولي منتصف شهر ماي الماضي. ولكن السؤال المطروح: هل تراجعت الحكومة عن هذه الشروط بما سهّل عملية قبول الحوثيين فكرة التوجه إلى جنيف، خاصة أن إصرار خالد بحاح رئيس الحكومة اليمنية على ضرورة انسحاب الحوثيين وتجريدهم من أسلحتهم، كان سببا في إلغاء جولة حوار كانت مقررة ليوم 28 ماي الماضي؟
والمؤكد أن الدبلوماسية الأمريكية آن باترسون التي قادت وفد بلادها بالعاصمة العمانية، لعبت دورا محوريا في هذه التطورات الإيجابية، وسهّلت على الأمم المتحدة مهمة رعاية جولة المفاوضات التي ستشد، بدون شك، أنظار كل اليمنيين؛ على اعتبار أنها قد تكون فرصتهم الأخيرة لإنهاء مأساة حقيقية في بلد كان سكانه يحلمون بما هو أفضل. وهو ما يستدعي من الجانبين تقديم تنازلات، قد تمهّد الطريق للخروج من نفق أزمة يمنية استعصى حلها.