تميزت بعنصر المفاجأة وقصر الوقت
قمة كيم جونغ اون- ترامب بالمنطقة العازلة
- 1069
حملت الخطوات التي قطعها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب مشيا على الأقدام من كوريا الجنوبية إلى المنطقة منزوعة السلاح في كوريا الشمالية دلالات تاريخية هامة كونها المرة الأولى التي تطأ فيها قدما رئيس أمريكي أرض كوريا الشمالية منذ حرب 1953، وشكلت أيضا خطوة على طريق حلحلة الانسداد الذي عرفته علاقات البلدين منذ فشل قمة العاصمة الفيتنامية شهر فيفري الماضي.
وجاء عقد القمة بين الرئيسين، ترامب وكيم جونع أون دون مقدمات هذه المرة على عكس قمتي سنغافورة وهانوي، ولكنها شكلت حدثا تاريخيا غير مسبوق يعود الفضل في التئامه إلى براغماتية الرئيس الأمريكي الذي استغل زيارته إلى كوريا الجنوبية ليطرح فكرة عقد قمة مع الرئيس الكوري الشمالي كيم جون وان في المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين.
وبغض النظر عن رمزية اللقاء والخطوة التي قام بها الرئيس الأمريكي فإن التساؤل يطرح حول أبعاد القمة وقدرتها في إعادة المياه إلى مجرى علاقات البلدين ووضع حد لعداء تاريخي تواصل على مدى الستين سنة الأخيرة، ومنه إلى طيّ صفحة البرنامج النووي الكوري الشمالي.
وعلى عكس القمم السابقة فإن قمة أمس، رغم مدتها التي لم تتعد 45 دقيقة، عقدت تلبية لدعوة مفاجئة وجهها الرئيس ترامب بمناسبة قمته مع الرئيس الكوري الجنوبي ورغبته في عقد لقاء قمة مع «صديقه» كيم جونغ أون في المنطقة العازلة بين الكوريتين التي شكلت رمز عداء قائم ببين الأختين ـ العدوتين منذ هدنة 1953، ولكنها ما لبثت أن تحوّلت في ظل تطوّرات السنتين الأخيرتين إلى رمز تقارب تاريخي، ليس فقط بين الكوريتين، ولكن أيضا بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية.
وتكمن أهمية هذه القمة في كونها وضعت حدا لحالة الجمود التي عرفتها العلاقات الأمريكية ـ الكورية الشمالية منذ قمة العاصمة الفيتنامية شهر فيفري الماضي التي انتهت إلى فشل متوقع بسبب تباين مواقف البلدين بخصوص البرنامج النووي الكوري الشمالي وإصرار ترامب على تجريد كوريا الشمالية من برنامجها النووي، وبين تمسك نظيره الكوري الشمالي بحتمية رفع العقوبات الدولية المفروضة على بلاده قبل أي حديث عن تفكيك برنامجها النووي.
وتكمن الأهمية الأخرى في كون القمة جاءت قبل انقضاء المهلة التي منحتها بيونغ يونغ لإدارة الرئيس الأمريكي، بحلول نهاية العام الجاري، من أجل تغيير مقاربتها وأسلوب تعاملها معها.
يذكر أن قمة العاصمة الفيتنامية انتهت إلى نتيجة صفرية بعد أن راح الرئيس الأمريكي يتحدث مع الرئيس كيم جونغ أون، من موقع قوة وسوء نية، وراح يملي شروطه المسبقة لطي صفحة البرنامج النووي ليجد أمامه رئيسا كوريا أكثر تشددا رافضا استصغاره والتقليل من أهميته كرئيس دولة دخلت عضوية النادي النووي رغم أنف الولايات المتحدة قبل عدة سنوات.
ولم تنتظر السلطات الكورية الشمالية لتأكيد تهديداتها باللجوء إلى إجراء عدة تجارب صاروخية باليستية خلال الربيع الماضي، هي الأولى من نوعها منذ تجارب سنة 2017، اضطر الرئيس الأمريكي إثرها إلى تلطيف لهجته وراح يقلل من أهمية تلك التجارب والقول إنها لن تؤثر على حقيقة التقارب الحاصل في علاقات البلدين وبدليل أنه كان المبادر إلى عقد قمة أول أمس.
ومهما كانت نوايا كل طرف من عقد قمة أمس، فإنها ستسمح دون شكّ في إعادة الروح إلى تقارب تخلله موت بطيء، بدليل التفاهم على استئناف فرق العمل المختصة من الجانبين للقاءاتهما خلال الأسبوعين القادمين.
وحسب متتبعين فإن هدف الرئيس الأمريكي من وراء رغبته في لقاء نظيره الكوري لم تكن مصافحة هذا الأخير، كما قال في تغريدته، بقدر ما كان رغبة ملحة في إخراج المفاوضات بينه وبين كيم جونغ أون من الطريق المسدود الذي آلت إليه، خاصة وأنه كان يأمل في التوصل إلى اتفاق يخلّد اسمه في سجل التقارب الأمريكي ـ الكوري الشمالي وإنهاء الصراع في شبه الجزيرة الكورية الشمالية سنة قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، شهر نوفمبر من العام القادم.
وتكون تلك هي أيضا رغبة الرئيس الكوري الذي أكد أن لقاءه بالرئيس الأمريكي كان فرصة لتجاوز كل العقبات وأن علاقاتهما الوثيقة هي التي سمحت بعقد هذه القمة في وقت قياسي.
ومهما كانت نوايا الرئيسين فإن القمة شكلت حدثا تاريخيا هذا العام وجعل من قرية بأن مونجوم التي احتضنتها رمزا لتقارب نوعي بين البلدين وطيّ صفحة العداء بينهما وفتح أخرى لغد أكثر تقارب وتجانس وألفة بعد أن شكلت طيلة ستة عقود رمزا لعداء تاريخي بين الكوريتين وبين المعسكرين الرأسمالي والشيوعي.
وقال الرئيس ترامب إنه يوم هام في تاريخ الإنسانية معبرا عن سعادته باجتياز خط ترسيم الهدنة بين الكوريتين سنة 1953، بينما أكد الرئيس الكوري الشمالي أن ما سماها «مصافحة السلام» بينه وبين الرئيس الأمريكي في مكان كان يرمز إلى الانقسام والفرقة يؤكد أن الحاضر أفضل من الماضي.