أوروبا في مواجهة سياسة الحرمان التي سلطتها على الجاليات الأجنبية

كيف يمكن منع تكرار أحداث باريس؟

كيف يمكن منع تكرار أحداث باريس؟
  • القراءات: 825 مرات
م/مرشدي م/مرشدي
تفطن الأوروبيون أخيرا وبعد أن وقعت ”الفأس في الرأس” ـ كما يقال ـ إلى حاجتهم لتعاون أمني وثيق مع البلدان العربية من أجل الحد من تنامي الظاهرة الإرهابية ومحاربة التنظيمات المسلحة في العالم.
وقالت فديريكا موغريني، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أمس بـ«ضرورة تعزيز طريقة تعاوننا مع الدول العربية وفيما بيننا أيضا” في إشارة إلى الدول الأوروبية لمواجهة المد الإرهابي المتفاقم.
وهي القناعة التي دافع عنها أيضا وزير الخارجية الألماني، والتر شتنماير الذي ألح على ضرورة التباحث حول مفاهيم السياسة الخارجية وتبادل مكثف للاتصالات مع الدول الإسلامية”. وجاءت هذه التصريحات قبل انطلاق اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بالعاصمة البلجيكية ويحضرها الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي.ولم تجد المسؤولة الأوروبية من طريقة لتوريط الدول العربية في هذه الحرب إلا القول أن المسلمين هم من يعاني من هجمات المتطرفين ولكنها لم تشأ الإقرار والقول إن دعوتها إنما جاءت بعد أن اكتوت دول أوروبية بتبعات ونار عملية باريس الأخيرة.فبالعودة قليلا إلى الوراء، يتأكد المتابع أن الدول الأوروبية لم تكن تكترث لمجازر كانت تقع ومازالت في أفغانستان والعراق على خلفية رفض حركات وتنظيمات متشددة للاحتلال الامريكي ـ الأوروبي لهاتين الدولتين.ثم أن الدول الأوروبية عندما وجهت نداء مساعدة الدول العربية لها فإنها في المقابل لم توفر الأجواء لإنجاح مثل هذا التعاون بعد أن شددت قبضتها الأمنية ضد أبناء الجاليات العربية والمسلمة ورفع مستويات حالة الطوارئ إلى أقصى درجاتها في مختلف العواصم الأوروبية من أجل مراقبة المسلمين فيها والذين أصبحوا يعيشون حالة خوف دائم لا لذنب اقترفوه إلا لأنهم عرب ومسلمين.والأكثر من ذلك أن حكومات هذه الدول، وتحت ذريعة احترام حرية التعبير راحت تؤجج مواقف متطرفي اليمين الأوروبي لتعكير حياة المغتربين وأبنائهم في بلدان اعتقدوا مخطئين أنهم أصبحوا جزء منها. فبعد قرابة أسبوعين منذ حادثة ”شارلي إيبدو”، مازالت الصحف الأوروبية تطرح التساؤل هل للمسلمين مكانة في أوروبا؟ في دعوة تحمل عداء مبطنا تجاههم ونداء باتجاه المنظمات المعادية لهم للتحرك وشن حرب ضدهم.ولم تكن اعترافات أبناء الجاليات العربية في فرنسا ومختلف الدول الأوروبية بحماية أماكن عبادتهم من عمليات تدنيس ممنهجة وحماية حياتهم من محاولات قتل حقيقية مجرد تهويل فرضته الحملة العدائية ضدهم وإنما جاءت بعد تزايد هستيريا مناهضة المسلمين في أوروبا التي يروج لها لوبي إعلامي صهيوني ـ يميني من أجل التضييق عليهم. وهو ما حاول نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية لفت الانتباه إليه عندما أكد أمس أن معالجة الظاهرة الإرهابية والتصدي لها لا يتم فقط عبر الحلول العسكرية والأمنية ولكن عبر الجوانب الثقافية والإعلامية والدينية، في إشارة واضحة أن الداء في سياسة الدول الأوروبية تجاه حاملي جنسياتها من المسلمين الذين يعيشون التهميش والحرمان هو ما زاد في درجة عدائهم لأنظمة دول أصبحوا لا يشعرون بالانتماء إليها.ويبقى تغيير النظرة إلى الجاليات العربية والمسلمة واعتبارهم مواطنين سواسية مع نظرائهم الأوروبيين بمثابة العلاج الناجع لداء ظاهرة جعلت أكثر من ثلاثة آلاف أوروبي من أصول عربية وإسلامية وحتى أوروبية يلتحقون بجبهات القتال في سوريا واليمن وأفغانستان والعراق. وهي المعضلة التي سيتناولها رؤوساء دول الاتحاد الأوروبي في قمتهم المرتقبة ليوم 12 فيفري القادم والتي ستخصص بشكل كبير لكيفية التعامل مع هؤلاء العائدين من سوريا والعراق والتي من المؤكد أن الحل الأمني لن ينفع في تحييدهم بقدر ما يستدعي الموقف التعامل معهم بمنطق اللين ومحاولة تغيير أفكارهم بإجراءات تخرجهم من العزلة المفروضة عليهم.