استقرأت خبايا وكواليس القصر الملكي بعد فشل نموذجه التنموي
"لوموند دبلوماتيك" تتساءل عن احتمال إقدام الملك على تغييرات جذرية
- 1971
تطرقت المجلة الشهرية الفرنسية "لوموند دبلوماتيك" في عددها لهذا الشهر إلى فشل نموذج التنمية الذي اعتمدته السلطات المغربية من خلال قراءة مستفيضة للوضعين السياسي والاقتصادي في هذا البلد بما قد يدفع الملك إلى اتخاذ إجراءات جذرية لحلحلة أوضاع تنذر بانفجار وشيك.
واعتمدت المجلة في موضوع مطول بعنوان "في المغرب يعاملونك كأنك حشرة" لإصدار حكمها إلى تصريحات العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي اعترف رسميا "بمحدودية" النموذج الاقتصادي الذي اعتمده في السنوات الأولى لتوليه العرش الملكي في الرباط شهر أوت سنة 1999.
وأضاف كاتب الموضوع أن المواطنين المغاربة الذين كانوا يحلمون بحياة افضل في سياق الوعود الملكية تبخرت آمالهم مع تسريب مضامين تقارير متواترة من هيئات رسمية مغربية، من مجلس المحاسبة والبنك المركزي المغربي والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذين حذروا جميعهم من مشاكل هيكلية تنتظر المغرب ضمن حكم مسبق على فشل خطة الإقلاع الاقتصادي الذي وعد الملك المغربي الشاب بتحقيقها مباشرة بعد توليه عرش والده الملك الراحل، الحسن الثاني بدليل احتلال المغرب المرتبة 121 في تصنيف التنمية البشرية المتوسطة بعد الجزائر (82) وتونس (91) المصنفتان في خانة التنمية البشرية العالية وهو ما يؤرق النخبة المغربية.
وقال طيب عيس، الخبير المغربي المختص في التنمية الإقليمية أن المرتبة الـ121 تعكس الواقع المر، الذي يعيشه الشعب المغربي والذي يعني بلغة الأرقام أن 10 بالمئة من مواطنيه يعيشون فقرا مدقعا.
وأكدت المجلة في سياق هذه الصورة القاتمة السواد، على واقع كارثي يعاني منه قطاع التربية والذي يستدعي إصلاحا جذريا تماما كما هو الحال بالنسبة لقطاع الصحة الذي أكدت انه يعرف هو الآخر "مشكلا هيكليا" حسب شهادة الطبيب المغربي، عثمان بومعاليف، الذي طالب باستحداث نظام صحي جديد" بعد تأكد فشل النظام الحالي وعجزه في التكلف بصحة عامة المواطنين.
وأرجع نجيب أقصبي، الخبير في الاقتصاد المغربي فشل "نموذج التنمية " في بلاده إلى اعتماد المشاريع الاستثمارية على 70 بالمئة من الأموال العمومية التي قال، أنها لا تولد الثروة والنمو وبالتالي مناصب العمل.
وأضاف أن المصاعب التي يواجهها المغرب، لا ترجع فقط إلى اختيارات القصر المشكوك فيها وإنما إلى طابعها الهيكلي الذي يتبنى اقتصاد الريع والاحتكار.
وأضافت المجلة الشهرية إلى كل ذلك، أن المغرب "يتخبط في نظام جبائي وصفته بـ "الظالم وغير الفعال" ورفضه القيام بإصلاحات جذرية لهذا القطاع الحيوي لاقتصاد يريد تحقيق إقلاعه.
وعددت "لوموند دبلوماتيك" العوامل التي أثرت سلبا على تحقيق هذا الهدف، تلك الأموال الضخمة التي يخصصها القصر الملكي للقضايا الأمنية التي سخر لها ميزانية سنوية بقرابة 7,5 مليار اورو ضمن مبلغ وصفته بـ "الضخم" واصبح يضاهي قيمة خدمة الديون المغربية المقدرة بـ9,17 مليار أورو سنويا.
ولم يكن الوضع السياسي حسب تقييم المجلة مغايرا بعد أن أشارت إلى "مناخ سياسي عكر يسود المملكة" مستدلة في ذلك بالضغوط المتزايدة التي يتعرض لها نشطاء حراك منطقة الريف الذين حوكم المئات منهم منذ بداية سنة 2017 وصدرت في حقهم أحكام قاسية، أدين بعضهم بـ20 سنة سجنا نافذا مما جعل العديد منهم يدخلون شهر فيفري الأخير في إضراب عن الطعام احتجاجا على ظروف اعتقالهم.
وأشارت كذلك إلى حالة الغليان الشعبي التي يعرفها المغرب عكسها خروج آلاف المتظاهرين يوم23 فيفري الماضي في مظاهرات احتجاجية شهدتها شوارع الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية للمغرب تنديدا بتقهقر القدرة الشرائية وحجم الفساد وتفشي الرشوة والتراجع الخطير لوضعية حقوق الإنسان.
وتساءلت المجلة المختصة في الأخير في تلميحات مبطنة حول ما إذا كان الأمر "نهاية عهد"، ملك انطلاقا من "تصرفات الملك بحد ذاته" الذي أكدت أنه لم يحضر مراسم تشييع جنازة الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، شهر سبتمبر 2019، رغم انه كان صديق والده، ولا حضوره قمة روسيا-إفريقيا بمنتجع سوتشي شهر أكتوبر الماضي مكتفيا بتكليف وزيره الأول بحضورها.
وهي جملة تصرفات جعلت المجلة تتساءل "عما يفكر الملك المطوق بديوان متكون من حوالي 2000 شخص، وعما إذا كان كتمانه وسريته تعلنان عن تغيرات كبيرة في المستقبل؟.