بعد فشل اجتماع كينشاسا في احتواء أزمة سد النهضة
مؤشرات تصعيد خطير بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا
- 1010
عرفت أزمة سد النهضة مزيدا من التعقيد، ينبئ بتطوّرات خطيرة قد تقود إلى انزلاقات غير محمودة العواقب في ظل تمسك البلدان الثلاثة المعنية: مصر والسودان واثيوبيا، بمواقفها المتصلبة بشأن احتواء هذه الأزمة المتفجرة منذ عام 2011 تاريخ شروع أديس بابا في تشييد هذا السد العملاق على منبع نهر النيل.
وطغت مثل هذه المؤشرات المتشائمة بعد انتهاء اجتماع العاصمة الكونغولية، كينشاسا الذي جمع على مدار ثلاثة أيام، وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا، برعاية الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي الدوري، الرئيس الكونغولي، فليكس تشيسيكيدي، إلى الفشل مثله مثل سلسلة الاجتماعات السابقة التي عقدت لأجل حلحلة هذه الأزمة على أمل إيجاد مخرج لها. وأكدت السلطات الإثيوبية، أمس، أن اجتماع كينشاسا الذي وصفته مصر باجتماع "الفرصة الأخيرة" دون توصل الوزراء الثلاثة إلى أي اتفاق من شأنه نزع فتيل الأزمة مشتعلة، وراح كل طرف يتمسك بمواقفه المتصلبة بقناعة حماية أمنه المائي.
واشتدت هذه الأزمة بعد أن أصرت أديس أبابا على ما وصفته بحقها في الاستفادة من مياه نهر النيل والشروع في المرحلة الثانية لملء سد النهضة بحلول شهر جويلية القادم حتى وإن لم تتوصل إلى اتفاق مع القاهرة والخرطوم بعد عملية أولى شهر أوت 2020 ما أثار حفيظة الخرطوم والقاهرة اللتين تشكلان دولتي المصب وتعتمدان على مياهه باعتبارها العصب الحيوي لاقتصادهما. وبلغة حملت الكثير من التهديد والوعيد، شدّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مجددا على عدم التسامح على نصيب مصر من مياه النيل. وقال في تصريح له أمس "أقول لأشقائنا الإثيوبيين لا تلمسوا قطرة من ماء مصر لأن كل الاحتمالات مفتوحة". وأشار بطريقة ضمنية إلى المخاطر التي تولدها المواجهات بين الدول بالتأكيد على أن "التعاون والتفاهم أفضل بكثير من الأشياء الأخرى".
وليست هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها الرئيس المصري للغة التهديد ضد أديس أبابا، حيث سبق للرئيس المصري أن حذر نهاية شهر مارس الماضي مما وصفه بـ "عدم استقرار لا يمكن تصوّره" في المنطقة في حال شكل السد تهديدا ولو "لقطرة ماء المصريين". من جانبه حمّل وزير الخارجية المصري، سامح شكري مسؤولية فشل اجتماع كينشاسا للطرف الإثيوبي الذي قال إنه يرفض دائما ما تم تداوله من أطروحات مختلفة بشأن احتواء أزمة سدّ النهضة. واعتبر أن الرفض الإثيوبي وصل إلى درجة التنصل للولاية التي نشأت على أساسها المفاوضات والمسار الإفريقي من خلال البيان الذي أصدره مكتب الاتحاد الإفريقي على مستوى الرؤساء. وهو ما جعله يشدّد على أنه "يتعين على المجتمع الدولي إبداء المزيد من التفاعل والاهتمام لأن هذا الأمر ينبئ بتطوّرات خطيرة ولها تأثير بالغ على السلم والأمن الدولي".
وفي مقابل الإصرار الإثيوبي، شدّدت السودان من جهتها، أمس، في موقفها بعد أن حذر وزيرها للري من أن بلاده مستعدة للتعامل بتصلب أكثر بخصوص هذه الأزمة والتحرك على تدويلها بنقلها إلى مجلس الأمن الدولي. وقال وزير الري السوداني، ياسر عباس، أمس، أن كل الخيارات مطروحة على طاولة صناع القرار في الخرطوم بما فيها العودة إلى مجلس الأمن الدولي وتصعيد الموقف سياسيا" في حال أقدمت إثيوبيا على إتمام المرحلة الثانية لعملية ملء السد دون قبل التوصل إلى اتفاق ثلاثي، مشيرا أيضا إلى احتمال لجوء بلاده إلى "سيناريوهات تقنية" منها "إعادة استغلال سدودها".
وأمام تصلب مواقف الدول الثلاث يبقى التساؤل مطروحا حول دور المجموعة الدولية ممثلة الأمم المتحدة في احتواء هذه الأزمة خاصة وأن الأمين العام الأممي انطونيو غوتيريس دعا، أول أمس، العواصم الثلاثة للعمل من أجل التوصل إلى "حلّ وسط والتعاون فيما بينها لإنهاء أزمة هذا السد، حيث أبدى استعداد المنظمة الأممية دعم الجهود التي ترضي كل الأطراف".