رفض التراجع عن إصلاح نظام التقاعد

ماكرون يكسر الصمت ويخاطب الفرنسيين

ماكرون يكسر الصمت ويخاطب الفرنسيين
الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون
  • القراءات: 623
ق. د ق. د

كسر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أمس، صمته أخيرا بعد أسابيع من التوتر الاجتماعي الشديد الذي فجرته الإصلاحات التي أدرجتها حكومته على نظام التقاعد وأقرتها من دون تمريرها على الجمعية الوطنية، بما أثار سخط المعارضة وغضب الشارع الفرنسي الذي يحتج منذ فترة ضد تبني هذه الاصلاحات خاصة منها ما تعلق برفع السن القانوني للتقاعد إلى 64 عاما. 

راح الرئيس الفرنسي في مقابلة تلفزيونية، أمس، دامت 36 دقيقة يدافع عن قراره بتبني إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل دون تمريره على الجمعية الوطنية الفرنسية من خلال تكرار نفس الحجج لتبرير اصدار هذا القانون الجديد. وقال إنه لم يندم على الإطلاق بشأن هذا الإصلاح الذي لا يحظى بالشعبية والذي يريد تطبيقه قبل نهاية العام الجاري. ولكن الشيء الوحيد الذي تأسف عنه الرئيس الفرنسي هو ببساطة "عدم النجاح في الإقناع بالحاجة إلى هذا الإصلاح"

وقال "أنا لا أتطلع إلى إعادة انتخابي .. لكن بين استطلاعات الرأي قصيرة المدى والمصلحة العامة للبلد، أختار المصلحة العامة للبلاد". بل وذهب أبعد من ذلك في إصراره على تمرير هذه الاصلاحات رغم رفض الشارع لها بالتأكيد أنه "إذا كان من الضروري تأييد عدم الشعبية اليوم، فسوف أؤيد ذلك". وهو ما يعني أن الرئيس الفرنسي قد حسم نهائيا موقفه بعدم التراجع عن هذه الإصلاحات التي ألبت المعارضة والشارع الفرنسي ضده ووضعته تحت الضغط لعدة أسابيع.

وتأتي هذه المقابلة التلفزيونية غداة اجراء الرئيس ماكرون مشاورات مع أعضاء الحكومة وقادة الأغلبية، بدءا برئيسة الوزراء، إليزابيث بورن، التي تجنبت بصعوبة الاثنين الأخير الإطاحة بحكومتها بعد رفض الجمعية الوطنية بفارق تسعة أصوات فقط أحد مقترحي حجب الثقة عنها على خلفية إقراراها مشروع إصلاح نظام التقاعد دون تمريره على البرلمان.

وأكد أحد المشاركين في ذاك اجتماع بأن ماكرون لا يعتزم حلّ البرلمان أو إجراء تعديل وزاري أو استفتاء على إصلاح النظام التقاعدي، غير أنه طلب من معسكره تقديم "مقترحات في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع كحد أقصى" بهدف "تغيير أسلوب وجدول أعمال الإصلاحات".

وتعتبر الحكومة أن هذه التغييرات ضرورية لتجنب عجز نظام التقاعد في العقود المقبلة بسبب شيخوخة السكان في فرنسا بينما يعد سن التقاعد في هذا البلد من الأدنى في أوروبا، إلا أن المحتجين يرفضون هذه التبريرات.

ومنذ تمرير الحكو مةمشروع تعديل نظام التقاعد من دون تصويت في البرلمان، تتواصل الاحتجاجات في مختلف أنحاء فرنسا، حيث تخرج مظاهرات عفوية تتخللها أحيانا توترات مع الشرطة مع استمرار الاضرابات في قطاعات أخرى منها عمال النظافة.

والمؤكد أن إجابات ماكرون وتبريراته في المقابلة التلفزيونية لم تقنع لا المعارضة ولا الشارع الذي يواصل حركته الاحتجاجية، في حين ندّد اليسار الراديكالي، جان لوك ميلينشون، الذي احتل المركز الرابع في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، بـ«علامات الازدراء التقليدية" و"غطرسة" إيمانويل ماكرون الذي يعيش على حد قوله "خارج نطاق الواقع".

من جانبه انتقد زعيم الحزب الاشتراكي، أوليفيي فور، انطلاقا من الجمعية الوطنية الرئيس الفرنسي الذي قال أنه في "حالة انكار مطلق"، معبرا عن مخاوفه بان يكون هذا الأخير "يضع مزيدا من المتفجرات في حريق هو في الأصل مشتعل". كما أثارت تصريحات ماكرون الذي رفض التراجع عن اصلاحه استياء النقابات العمالية التي تنظم منذ شهرين احتجاجات سلمية تزداد حدتها باستمرار، حيث اعتبر الأمين العام للنقابة المركزية، فليب مارتينيز، أن تصريحاته "نابعة من نبرة غضب وازدراء للملايين من الناس الذين يتظاهرون"، واصفا المقابلة الاعلامية بأنها سيئة ولم يقدم فيها أية اجابة. أما زعيم نقابة الاصلاحيين، لوران بارغير، فقد اتهم الرئيس بالكذب فيما يتعلق موقف منظمته من المتقاعدين.