منع بان كي مون حتى من زيارة الرباط
محمد السادس يسخر من العالم بمبررات فاقدة للمصداقية
- 1135
أكدت الأمم المتحدة أمس أن جولة أمينها العام إلى منطقة المغرب العربي لن تشمل محطة الرباط وسوف تقتصر فقط على محطات الجزائر ونواقشوط ومخيمات اللاجئين الصحراويين في منطقة تندوف. وينتظر أن يشرع الأمين العام الأممي يوم الثالث مارس القادم في جولة مغاربية تم الاتفاق بشأنها بعد مخاض عسير وبعد تأجيلات متتالية بسبب مواقف الرباط الرافضة لزيارة خشيت أن تفضح حقيقة الانتهاكات والتجاوزات التي يخلفها الاحتلال على السكان الصحراويين في المدن المحتلة. وقال ستيفان دوجاريك الناطق باسم الأمم المتحدة مبررا استثناء المغرب من هذه الزيارة لكون الملك محمد السادس سيكون في جولة في الخارج، مؤكدا أن بان كي مون سيكون سعيدا للقيام بزيارة إلى الرباط في أية لحظة.
وكان الأمين العام الاممي يأمل بعد زيارة العاصمة المغربية التوجه الى مدينة العيون عاصمة الصحراء الغربية المحتلة ولكن خطته سقطت في الماء كما يقال بسبب الموقف المغربي المفاجئ. وشكل ذلك محور المحادثات التي أجراها مبعوثه الخاص كريستوفر روس خلال زيارته الأخيرة الى الرباط ولكنه غادرها بخيبة أخرى بعدما تلقى رفضا قاطعا ليس لزيارة العيون ولكن الرباط أيضا. وبغض النظر عن درجة الحرج التي وضعت فيها الأمم المتحدة ومعها بان كي مون الذي وجد سلطته كأمين عام رهينة دولة محتلة لإقليم مازال تحت سلطة هيئته، فإن الرباط أهانت نفسها من حيث لا تدري وكشفت أنها تخفي الكثير من التجاوزات في حق السكان الصحراويين لا تريد خروجها للعلن وان خطابها الإعلامي ما هو في الواقع سوى تنميقا لحقيقة سوداء وراء أصوار سجن مفتوح على الهواء اسمه "الصحراء الغربية".
ويكون الملك المغربي قد فضح نظامه وأكد بطريقة ساذجة مضامين كل التقارير التي ما انفكت تصدرها مختلف المنظمات الحقوقية الدولية بوجود شعب يعاني ويلات قهر وتجاوزات لا يمكن وصفها وتصر على وضع حد لها. ولذلك فإن مبرر عدم تواجد الملك محمد السادس في الرباط يوم زيارة الأمين العام الاممي تدفع الى السخرية إذا اقتنعنا أن زيارات على هذا المستوى تتم عادة بعد مشاورات مع سلطات البلد المعني ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون الأمين العام الاممي قد ضبط موعدها دون علم السلطات المغربية لأن ذلك يبقى بمثابة خرق للعرف الدبلوماسي والعلاقات بين الدول.
وأكد الموقف المغربي أن الملك محمد السادس عندما فشل في إقناع الأمم المتحدة بتأجيل هذه الجولة الى غاية شهر جويلية القادم لم يجد من حيلة لرفض زيارة بان كي مون سوى مبرر انه سيكون في جولة خارج البلاد حتى لا تكون الحقائق التي سيقف عليها في مدينة العيون المحتلة حيث مقر بعثة الأمم المتحدة "مينورسو" في تقريره السنوي الذي سيعرضه نهاية شهر أفريل القادم أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي. والمفارقة ان الملك محمد السادس لجأ الى نفس الحيلة التي سخر منها كل العالم عندما رفض استقبال كريستوفر روس مبعوثه الشخصي الى الصحراء الغربية في إحدى جولاته السابقة الى المنطقة بدعوى انه كان في زيارة داخلية.
ورغم أن تلك الحيلة لم تنطل على أحد إلا أن الملك أعادها هذه المرة مع بان كي مون رغم أنه يدرك قبل غيره أنها ذريعة تمس صورة مملكة تدعي الديمقراطية والحريات وأنها النموذج الذي يتعين الاقتداء به. ولكن الأمر الذي لا يجب إغفاله في كل مرة انه لولا التزكية الفرنسية لمثل هذه التصرفات لما تصرف الملك المغربي بمثل هذه الصورة الكاريكاتورية التي إن تفادى استقبال الأمين الاممي فإنه كرس حقيقة أن بلاده تبقى قوة استعمارية لا تريد فضح نفسها أمام العالم وهي تفتقد لأي مبرر قانوني للدفاع عن مقاربتها لضم الصحراء الغربية.
وإذا كان الأمين العام الاممي سيضمن تقريره القادم مثل هذا التصرف الشاذ في العرف الدولي ضمن تقريره أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي فإن التساؤل الذي يجب طرحه هو: إلى متى تواصل المجموعة الدولية التعامل مع الرباط بهذه الطريقة على اعتبار أن كل تحد لإرادتها يبقى إنقاصا من ثقلها كهيئة دولية لها كلمتها ولكنها مادامت لم تفرض سلطاتها على دولة ضعيفة بحجم المغرب فإنها تفقد الصحراويين كل أمل في تحقيق استقلالهم عبر الطرق الدبلوماسية ويزيد في قناعتهم الدفاع عن حقهم بقوة السلاح. ومن هذا المنطلق فإن زيارة الأمين العام الاممي فقدت معناها إذا سلمنا أنها كانت فرصة سانحة لبان كي مون ليطلع العالم على حقيقة ما يجري وراء أصوار مدن العيون والداخلة والسمارة وبوجدور المحتلة.