ملفها سيناقش اليوم في نيويورك

مصداقية مجلس الأمن أمام امتحان الأوضاع في الصحراء الغربية

مصداقية مجلس الأمن أمام امتحان الأوضاع في الصحراء الغربية
  • القراءات: 700 مرات
و.عبد الله و.عبد الله

تفاءل الصحراويون خيرا بمضمون تقرير الأمين العام الاممي، حول نزاع الصحراء الغربية، واعتبروه خطوة في الاتجاه الصحيح الذي قد يمهد لإنهاء أحد أطول النزاعات في العالم، ولكنه تفاؤل يبقى ظرفيا في انتظار كيفية تعاطي الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن معه بداية من اليوم. وتشرع الدول الدائمة العضوية بمقر الأمم المتحدة، في مناقشة مضمون هذا التقرير تمهيدا لاستصدار لائحة جديدة حول نزاع الصحراء الغربية، بعد أن يقفوا على تطورات سنة من الأحداث التي عرفتها المدن في هذا الإقليم المحتل طيلة عام.

وتبقى إشكالية مهمة بعثة الأمم المتحدة “مينورسو”، في شقّها الحقوقي من بين أهم القضايا المثيرة للجدل في الأمم المتحدة، على اعتبار أنها البعثة الوحيدة في العالم التي يفتقر موظفوها إلى آلية تخول لهم الحق في مراقبة وضعية حقوق الإنسان، وفضح الانتهاكات التي يتعرض لها السكان الصحراويون.

ولأن تقرير بان كي مون، الذي استخلصه من الزيارات الميدانية التي قام بها الدبلوماسي الأمريكي، كريستوفر روس، ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء الغربية ودول المنطقة، ركز على الشق الحقوقي لهذه البعثة فقد تفاءل الصحراويون خيرا بإمكانية حدوث صحوة ضمير لدى الدول الدائمة العضوية في هذا المجلس، وتتحمّل مسؤوليتها كحماية للأمن والاستقرار في العالم، وتقول جهارا وبعد أكثر من عقدين منذ بدء مسار تسوية هذا النزاع، كفى من وضع قائم جعل قضية الشعب الصحراوي تتحول إلى مأساة منسية.

ولكن هل تكون لسفراء الدول الخمس تلك الجرأة والشجاعة الدبلوماسية والسياسية لقول كلمة الحق، وإنصاف هذا الشعب المغبون جراء سياسة قمعية مغربية حولتهم إلى مجرد خادمين لبلاط “تفرعن” حد الإفراط، مستغلا في ذلك تواطؤ هذه الدول سواء بصمتها المخزي، أو تأييدها العلني لممارسات تدخل في قائمة الجرائم ضد الإنسانية.

بل إن الحكومات الفرنسية المتعاقبة الاشتراكية واليمينية منها على السواء لم تجد حرجا في عرقلة كل مسعى للجم حليفها المغربي، مفضّلة بذلك التضحية بمبادئ الجمهورية الفرنسية، من حرية وعدالة وأخوّة للمحافظة على مصالحها الاقتصادية الضخمة في مملكة يبقى أرباب العمل الفرنسيين أكبر المنتفعين من “إكراميات” بلاط مغربي، لم تعد أطروحاته في ضم الصحراء الغربية تقنع أحدا.

ولم ينس الشعب الصحراوي، وكل المنظمات الحقوقية في كل بقاع العالم الموقف المخزي الذي تبنّته السلطات المغربية، لمنع فضح مضمون تقرير أممي اسود حول وضعية حقوق الإنسان سنة 2006، في موقف كررته العام الماضي، عندما لجأت إلى كل أساليب الضغط من أجل عرقلة كل مسعى لتمرير موقف أمريكي، دعا إلى توسيع مهام بعثة “مينورسو” لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، والتبليغ عن كل انتهاك يطال السكان الصحراويين.

ولم تفعل فرنسا ذلك سوى إرضاء لرغبة ملك، يريد أن يجعل من الصحراء الغربية قضية وطنية، وأن يقنع العالم أن كل مسعى يسير إلى نقيض هذه القناعة سيؤدي إلى زعزعة أمن واستقرار كل المنطقة، ومنها إلى كل منطقة جنوب أوروبا.

ووجد التخويف المغربي طريقا له في الأوساط السياسية الأوروبية، التي تبنّت عن غي وعدم نباهة هذه المقاربة، مع أنها إن هي استمرت فإنها هي التي ستهدد هذا الأمن، وتضرب استقرار منطقة بأكملها من منطلق أن استمرار الحال من المحال ـ كما يقال ـ ولأن الشعب الصحراوي إن هو التزم إلى حد الآن باتفاق وقف إطلاق النار، فإن ذلك لن يكون إلى الأبد ما دام أنه ما ضاع حق وراءه مطالب.

وهي الحقيقة التي وقف عليها كريستوفر روس، في زياراته المتلاحقة وجعلت الأمين العام الاممي، لا يفوّت فرصة عرض تقريره على مجلس الأمن، دون أن يحذّر من غد غير مضمون التبعات، وطالب لأجل ذلك بوقف الانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان في المدن المحتلة، لأنها إن هي تواصلت بنفس درجة الفظاعة الممارسة بها فإنها قد تكون الشرارة التي تشعل “قنبلة” الصحراء الغربية، وحينها لن تجد لا الرباط ولا باريس إلا الندم للتحسّر على تضييع فرصة كانت متاحة لتفادي ذلك، ولكنهما لم يعرفا استغلالها بكيفية تنصف الشعب الصحراوي، وتنهي تلك المأساة المنسية.