أصيب برصاصات في الظهر من مسدس شرطي

مقتل أمريكي أسود ثان يؤجج نار الغضب في الولايات المتحدة

مقتل أمريكي أسود ثان يؤجج نار الغضب في الولايات المتحدة
مقتل أمريكي أسود ثان يؤجج نار الغضب في الولايات المتحدة
  • 1193
م. مرشدي م. مرشدي

كان مقتل شاب أمريكي آخر من أصول إفريقية بمدينة أطلنطا عاصمة ولاية جيورجيا الأمريكية على يد شرطي أبيض، بمثابة صب زيت إضافي على وهج المظاهرات الاحتجاجية المناهضة للعنصرية في الولايات المتحدة والتي فضحت حقدا دفينا ترسب في أذهان الأمريكيين من أصول أوروبية.

وبررت هذه الجريمة الإضافية المقترفة في حق المنحدرين من الأقلية الإفريقية، درجة نار الغيض التي خلفها مقتل، جورج فلويد نهاية الشهر الماضي بمدينة مينيابوليس وشكلت جريمة قتله شرارة اندلاع موجة الاضطرابات الشعبية المتواصلة في الولايات المتحدة، كما أنها جاءت لتؤكد أن أزمة العنصرية التي يتعرض لها السكان السود في هذا البلد حقيقة مكرسة وقد حان الوقت لفقع دملتها بشكل نهائي وفضح ما كان مسكوتا عنه في إحدى اكبر الديمقراطيات الغربية.    

وأضيف رايشارد بروكس البالغ من العمر 27 سنة إلى قائمة ضحايا استفحال هذه الظاهرة العرقية البائدة وجعلت، أريكا شيلدس رئيسة شرطة المدينة تفضل تقديم استقالتها من منصبها احتجاجا ورفضا لتكرار قتل مواطنين ملونين سبب شجار عاد مع عناصر الشرطة.

وأدت الحادثة إلى توهج المظاهرات الاحتجاجية في مختلف المدن الأمريكية بمجرد ذيوع خبر مقتل هذا الشاب مما أدى إلى مواجهات مع تعزيزات الشرطة الفدرالية والمحلية في مختلف الولايات تخللتها عمليات حرق للسيارات والمحلات التجارية وشل لحركة السير على كبريات الطرق السيارة ضمن عمليات شلت كل مظاهر الحياة في الولايات المتحدة.

وأكدت كايشا لانس بوتومس، رئيسة بلدية أطلنطا والمرشحة السوداء لشغل منصب نائب رئيس الولايات المتحدة، في حال فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بمقعد الرئاسة الأمريكية في انتخابات الثالث نوفمبر القادم، أن رئيسة شرطة المدينة التي أدارت هذه الهيئة النظامية لمدة عقدين كاملين فضلت تقديم استقالتها لأنها كانت تأمل في جعل أطنلطا نموذجا لإصلاح جهاز الشرطة الذي جعل منه المتظاهرون مطلبا فوريا لوقف احتجاجاتهم.

ومما زاد في درجة تذمر المتظاهرين في مدينة أطلنطا، أن الشاب القتيل الذي دخل في عراك مع عناصر الشرطة أصيب برصاصات قاتلة في الظهر لدى فراره بعد أن تمكن من الاستيلاء على المسدس الكهربائي لأحد عناصر الشرطة وكان يمكن تفادي اللجوء إلى الرصاص الحي وملاحقته إلى غاية اعتقاله.

وأكد تقرير مكتب التحقيقات في جورجيا أن عناصر الشرطة لاحقوا بروكس لحظة قيام هذا الأخير بتوجيه المسدس الكهربائي باتجاه ملاحقيه مما جعلهما يطلقان النار عليه رغم إدراكهما أن المسدس الكهربائي يؤدي فقط إلى شل حركة الشخص ولا يؤدي إلى الوفاة إلا في الحالات النادرة جدا وهو ما جعل رئيس بلدية المدينة تقوم بطرد، غاريث رولف الشرطي القاتل من منصبه في انتظار نتائج التحقيقات الجنائية.

ويعد مقتل الشاب الأسود الحالة الثامنة والأربعين التي تورط فيه عناصر شرطة ولاية جورجيا، 15 من بينها راح ضحيتها مواطنون من أصول إفريقية، مازال مكتب تحقيقات الولايات يجري تحرياته بخصوص ظروف وقوعها.

وزاد مقتل الشاب، رايتشارد بروكس تمسك المتظاهرين بمطالبهم بإجراء إصلاحات جذرية داخل جهاز الشرطة الأمريكية وحتى حلها بسبب التجاوزات العنصرية المقترفة في حق الملونين من أصول إفريقية وإسبانية أو امريكو ـ لاتينية.

والواقع أن حوادث قتل الأمريكيين السود لم يكن يوما قضية تجاوزات عناصر الشرطة فقط ولكنه ناجم عن عنصرية المجتمع الأمريكي الأبيض الذي ينظر إلى كل ما هو ملون بنظرة دونية وأن كل مواطن اسود  يبقى مصدر خطر يتعين الاحتياط  له وعدم التردد في قتله إذا استدعى الأمر.

وحسب تقارير أمنية أمريكية فإن عناصر الشرطة يقتلون يوميا ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص ليس بالضرورة دفاعا عن النفس أو لإنقاذ حياة أشخاص في خطر وإن نصف هؤلاء ينحدرون عادة  من أصول إفريقية.

وهو ما يجعل صرخات آلاف الملونين لإصلاح جهاز الشرطة ناقصة إذ يتعين المطالبة بإصلاح الذهنية العنصرية التي سكنت الأمريكيين البيض الذين يعتقدون أنهم علية القوم ودونهم هم الرعاع.

ومهما كانت هذه الوضعية فان مقتل، جورج فلويد لم يحرك فقط مشاعر الأمريكيين سودا وبيضا على السواء ولكنه حرك رأي عام دولي خرج في مظاهرات صاخبة في مختلف عواصم العالم وخاصة الدول الاستعمارية السابقة  تم خلالها تحطيم تماثيل وجوه الاستعمار البائد الذين قهروا شعوبا بأكملها في إفريقيا وكانوا سببا مباشرا في  تكريس عنصرية مازالت تبعاتها قائمة بعد قرون من معاناة  الرقيق الأفارقة.