كابوس التفجيرات الإرهابية يؤرق الفرنسيين
مقتل شخصين واعتقال سبعة في مداهمة أمنية
- 905
عاشت فرنسا، أمس، حلقة أخرى من مسلسل التفجيرات التي هزت قلبها النابض الجمعة الماضي، بعد عملية مماثلة شهدها حي سان دوني بالضاحية الشمالية ضمن عملية للقوات الخاصة خلفت مقتل شخصين من بينهما سيدة فجرت نفسها بحزام ناسف، يعتقد في انتمائهما إلى نفس الخلية التي نفذت تفجيرات قاعة باتاكلان.
وعاش سكان حي سان دوني ليلة مرعبة في ظل تبادل لإطلاق النار كسر سكينة فجر أمس بين مسلحين تخندقوا داخل شقة في الحي المذكور وتعزيزات قوات التدخل الخاصة التي تعقبت أثرهم منذ عمليات "الجمعة ـ 13". وشلت الحركة في هذا الحي الشعبي الذي تقطنه أغلبية من المهاجرين المغاربيين والأفارقة بعد أن أغلقت خطوط ميترو باريس والتراموي المؤدية إليه في وقت بقيت فيه أبواب المدارس مغلقة وسط أوامر باتجاه السكان بعدم مغادرة مساكنهم.
وأكدت مصادر أمنية فرنسية أن عملية الاقتحام سمحت بعد ثماني ساعات من الحصار بإلقاء القبض أيضا على سبعة أشخاص اشتبه في علاقتهم بالخلية الإرهابية التي نفذت تفجيرات قاعة باتاكلان وملعب حديقة الأمراء ثلاثة من بينهم داخل الشقة المستهدفة. وكان من بين المعتقلين صاحب الشقة المستأجرة الذي أكد أنه لبى طلب أحد أصدقائه الذي التمس منه إيجاد شقة لاثنين من أصدقائه مؤكدا أنه كان يجهل أنهما من المطلوبين لدى الشرطة الفرنسية. وشكلت حادثة تفجير السيدة لنفسها بحزام ناسف بمجرد كسر باب الشقة من طرف قوات التدخل سابقة في فرنسا التي اقتصرت فيها العمليات المسلحة المحسوبة على الخلايا المتطرفة إلى حد الآن على العنصر الرجالي وهو ما شكل صدمة قوية في أوساط الفرنسيين.
واقتحمت القوات الخاصة الفرنسية الشقة اعتقادا منها أنها ستعثر بداخلها على الجهادي البلجيكي عبد الحميد أبا عود البالغ من العمر 28 عاما والذي حملته أجهزة المخابرات البلجيكية والفرنسية مسؤولية التخطيط لتفجيرات العاصمة الفرنسية. ولم يتم التأكد إلى غاية مساء أمس ما إذا كان هذا الأخير هو قتيل عملية الاقتحام. وبدأت مختلف الأجهزة الأمنية الفرنسية في عمليات بحث مضنية للعثور على هذا الجهادي المعروف في أوساط التنظيم باسم عمر البلجيكي والذي تحول من مسبوق قضائيا أمام العدالة البلجيكية إلى أكبر المبحوثين عنه في بلجيكا وفرنسا بعد أن تدريبات عسكرية مكثفة في سوريا قبل العودة إلى إحدى بلديات بروكسل التي تعد احد أهم معاقل التنظيمات الإسلامية المتطرفة.
ولكن اللغز المحير مازال قائما بخصوص صالح عبد السلام الذي يعتقد أنه كان من بين منفذي تفجيرات باتاكلان التي قتل فيها شقيقه الأكبر إبراهيم بينما تم الإفراج عن شقيقه الثاني محمد من طرف الشرطة البلجيكية التي اعتقلته لساعات مباشرة بعد تفجيرات باريس. وفي انتظار العثور عليه أو قتله تمكنت مصالح الطب الشرعي الفرنسية من تحديد هوية الأشخاص 129 قتلى عمليات التفجير الأخيرة والتي كان من بينهم أكثر من عشرين أجنبيا.
ودعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، أمس، كافة الفرنسيين الى عدم الخضوع لمشاعر الخوف أو المزايدات أو التجاوزات بعد نهاية الأسبوع الدامية. وقال في لقاء جمعه برؤساء البلديات الفرنسية أن العملية التي شهدها حي سان دوني، فجر أمس، "أكدت مرة أخرى أننا في حرب حقيقية ضد الإرهاب الذي قرر خوضها ضدنا" مما جعله يحذر الشعب الفرنسي من خطة تنظيم الدولة الإسلامية الرامية إلى "زرع الشعور بالشك والفرقة بيننا".
وكان الرئيس الفرنسي دعا إلى اجتماع طارئ لمجلس الوزراء تم خلاله بحث خطط التعاطي مع الوضع الأمني من خلال مشروع قانون عرض على أعضاء الحكومة للمصادقة عليه وتضمن إجراءات أمنية وقائية تفرض قيودا متزايدة على الجمعيات والمساجد التي سيتم حلها أو إغلاقها واعتقال كل شخص يسعى إلى الترويج للفكر المتطرف. وهو القانون الذي جعل الجالية المسلمة في هذا البلد تبدي مخاوف من تضييق الحريات على أفرادها على خلفية دينية.