أعوان" ناتكوم" ضحايا علب المصبرات وبقايا الزجاج

80 حادث عمل خلال تسعة أشهر من عام 2015

80 حادث عمل خلال تسعة أشهر من عام 2015
  • 1758
حنان. س حنان. س
  سجلت إدارة مؤسسة النظافة لولاية الجزائر ‘ناتكوم’ في الفترة الممتدة  بين الفاتح جانفي و30 سبتمبر 2015؛ 80 حادث عمل أغلبها يتعلق بالكسور والرضوض وجروح متفاوتة الخطورة، بسبب الإصابة ببقايا الزجاج أو علب التونة والطماطم المصبرة وغيرها، وحتى الخدوش بالحقن المرمية والمسامير. أغلب تلك الحوادث تكون خطيرة وتتطلب عطلا مرضية ومتابعات صحية، مما يسبب تعطلا في سير العمل من جهة وخسائر مادية مضاعفة، حسبما استفيد من إدارة المؤسسة.
أقرت السيدة نسيمة يعقوبي، رئيسة القسم التقني والبيئة بمؤسسة النظافة لولاية الجزائر ‘ناتكوم’، بتسجيل حوادث عمل سببها المباشر الإصابة ببقايا الزجاج وعلب المصبرات أثناء قيام الأعوان بعملهم في رفع النفايات المنزلية، وقالت المسؤولة بأن هذه الحوادث التي يكون سببها المباشر جهل المواطن بفرز النفايات، رغم حملات التوعية والتحسيس في المجال، تسبب خسائر مادية كبيرة ليس فقط لـ’ناتكوم’ وإنما للدولة بفعل مصاريف العطل المرضية والضمان الاجتماعي.
كما تقر المسؤولة بوجود إهمال في تعامل بعض الجهات الطبية الاستشفائية في ملف التعامل مع النفايات الطبية والجراحية بكل أنواعها، إذ أن عون النظافة الموكل له رفع النفايات بالقرب من بعض العيادات الخاصة، أو الفرق الموفدة لبعض المستشفيات لنفس الغرض، مطلوب منهما رفع أكياس النفايات وليس مطالب فرزها، لأن عملية الفرز يفترض أن تتم وفق طرق مضبوطة ومحددة ونطالب بالتطبيق الصارم لها ـ تقول المتحدثة - لأن ضررها كبير إذا تسببت في إلحاق ضرر جسماني بالعون، خاصة إذا كانت الإصابة بسبب الحقن.
أما بالنسبة للمواطن، فإن مسؤوليته مضاعفة ـ تواصل ـ كوننا كإدارة ‘ناتكوم’ نقوم بحملات للتوعية والتحسيس قدر المستطاع في سبيل إرساء ثقافة مجتمعية تخص التعامل الصحيح مع النفايات المنزلية وكيفية فرزها، لكن غياب التنسيق وعدم تعامل المواطن معنا يرهن كل مجهوداتنا.

"الرسكلة"... الثروة الحقيقية التي يمكن الاعتماد عليها

ذهبت المسؤولة بعيدا حينما أوضحت أن الجزائر تنام على ثروة ذهبية حقيقية، وهي إعادة التأهيل (الرسكلة) الممكن جدا الاستفادة منها في ظل انهيار أسعار البترول، داعية كافة الأطراف إلى التعاطي مع هذا الملف بجدية كبيرة خاصة أن تجارب دول كثيرة في الرسكلة أثبتت نجاعتها وإمكانية تحقيق الاكتفاء الذاتي على أكثر من صعيد.
وأوضح السيد محمد الياس سماش المكلف بحوادث العمل في مؤسسة ‘ناتكوم’، في حديث خاص مع "المساء"، أن حالات حوادث العمل الـ80 المسجلة يتم متابعتها بمصلحة طب العمل على مستوى المؤسسة أولا، ثم مستشفى العادي فليسي ‘القطاّر’، ويتطلب الأمر إجراء تحاليل للتأكد من عدم إصابة العامل بالعدوى، وهذه الحالات تكون في الغالب عند الإصابة بخدش الحقن المرمية عشوائيا خاصة أمام العيادات والمستشفيات، ناهيك عن جرح الأرجل بسبب دعس المسامير خوفا من الإصابة بالتيتانوس، دون إغفال أمر الإصابة بالجروح متفاوتة الخطورة بسبب الزجاج المرمى في النفايات المنزلية الراجع إلى قارورات المشروبات الغازية أو بقايا صحون أو كؤوس مكسرة، وكذا علب التونة وعلب الطماطم المصبرة وحتى الشفرات الحادة، كلها تسبب لعون النظافة إصابات خطيرة تسبب عجزا عن العمل وخسارة للمؤسسة والدولة.
وأكد المسؤول أمر إصابة أعوان النظافة أثناء تأدية مهامهم بجروح خطيرة سببها الزجاج الذي يرمى مع النفايات المنزلية، بسبب انعدام ثقافة فرز النفايات عند المواطنين، كما أن لامسؤولية بعض المؤسسات الاستشفائية وسوء إدارتها، تسبب هي الأخرى في إصابة الأعوان بخدوش الحقن التي عادة ما تكون ملوثة نتيجة عمل طبي أو جراحي، "ونحن هنا ندعو كل الأطراف إلى التحلي بالضمير الإنساني مراعاة لعمل هؤلاء الأعوان، يقول المتحدث، مضيفا أن أغلب حالات الإصابة بالخدوش والجروح يتم تسجيلها بالمؤسسات الاستشفائية، حيث أن فرقة معينة من طرف ‘ناتكوم’ تقصد مستشفى مصطفى مثلا لجمع النفايات المحددة في أكياس خضراء اللون وفي أماكن محددة، إلا أن الفرقة تفاجئ بوجود جميع أنواع النفايات ومنها في الأكياس الوردية وحتى الأكياس الحمراء التي لا بد أن يتم عزلها وحرقها، حتى أنه في الكثير من الأحيان، يتم خلط النفايات مع بعضها في أكياس خضراء المخولة لأعوان ‘ناتكوم’ رفعها حسب اتفاقية بين الطرفين، وبسبب سوء التسيير، فإن كثيرا ما يصاب الأعوان بخدوش حقن ملوثة كثيرا ما تخترق القفازات، فيتم إرسالهم مباشرة إلى مستشفى القطار في سبيل إجراء تحاليل معمقة للتأكد من سلامتهم وخلوهم من الإصابة بأي عدوى محتملة، وهذا أيضا بعد اتفاقية عمل بين ‘ناتكوم’ والقطّار".

ضحايا علب المصبرات والشفرات وبقايا الزجاج

من جهتهم، أكد أعوان نظافة تحدثوا إلينا في الموضوع، عن أمر إصاباتهم المتكررة بخدوش الزجاج والحقن المرمية عشوائيا في النفايات المنزلية، فأحدهم كان بصدد تأدية عمله في الكنس ورفع النفايات بشارع خليفة بوخالفة وسط العاصمة، قال وهو يلوح بيده بأنه كثيرا ما يصاب بخدوش بسبب الزجاج المرمي مع النفايات المنزلية، مما جعله اليوم يضطر إلى تفتيش النفايات قبل رفعها، يقول: "أصبت بجروح كثيرة على مستوى يداي بسبب رفع أكياس النفايات التي يكون بها قطع زجاج مرمية، صحيح أنها لا تكون إصابات خطيرة، لكن تكرر الأمر أصبح مزعجا، خاصة أن الإصابة تجعلني أهدر الكثير من وقت العمل، حيث أضطر إلى إيقاف عملي وتنظيف الجرح بما كان متوفرا عندي من قطعة قماش أو منديل، إلى أن أعود إلى المصلحة وأقصد طب العمل لتلقي الإسعافات، وهذا الأمر جعلني اليوم أفتح كيس الزبالة قبل رفعها من باب الحيطة، فإذا سمعت خشخشة أعرف أن في الكيس زجاج فأعمل بحذر".
من جانبه، يقول عامل نظافة آخر من شارع فرحات بوسعد، أن لا علاقة للأحياء الشعبية أو غيرها بموضوع الرمي العشوائي للنفايات وعدم الانتباه إلى إحكام إغلاقها إذا تعلق الأمر بالزجاج والحقن والمسامير وغيرها، وإنما بذهنيات الأفراد الذين يرمون كل شيء في أي وقت وفي أي مكان، حتى أنه يقول إنه كثيرا ما يجد جثث قطط مرمية فوق أكياس النفايات التي يضطر إلى رفعها، ويقر كذلك بتعرضه لحادث عمل عندما كان يعمل بقطاع ‘ناتكوم’ في باش جراح، حينما رمى يده يوما لرفع أكياس النفايات ولم ينتبه لوجود قطعة زجاج بين النفايات، لتكون النتيجة جرح عميق بين وسطى وبنصر يده اليمنى، مما اضطره إلى إيقاف عمله والبحث عن طريقة لإيقاف الدم وقصد مباشرة مصلحة طب العمل لـ’ناتكوم’. ويعيب المتحدث على المؤسسة كونها لا تجدد ألبسة السلامة لأعوان النظافة إلا مرة كل سنتين دون حسبان تلفها السريع، مثل القفازات والأحذية، فكثيرا ما يرتدي العون حذاءه الخاص ويعمل دون قفازات.
كذلك يقر عامل آخر التقته "المساء" بشارع ديدوش مراد بقلب العاصمة،  بصدد أداء مهامه، قائلا بأنه كان ضحية الإصابة بجروح على مستوى اليدين بسبب قطع الزجاج المرمية مع النفايات المنزلية، مؤكدا أن أخطرها تكون لقارورات المشروبات الغازية، أو حتى شفرة سكين تالف تم التخلص منه في النفايات، وقال بأنه يضطر لوضع قطعة قماش أو ما توفر عنده من حل لإيقاف نزيف الدم وإكمال عمله إن لم تكن إصابته خطيرة.

همسة رحمة:

حتى لا نكون سببا في إيذاء الآخرين، خاصة عمال النظافة، لابد من جمع الزجاج المنكسر ولفه جيدا في جريدة قديمة أو جريدتين، حسب الكمية المكسورة وخطورتها، ثم توضع في كيس يعقد جيدا، وهو حال كل المواد الصلبة، حتى نساهم في الحفاظ على صحة من يكفلون راحتنا وصحتنا.