حولت قِصر قامتها إلى عامل نجاح

المختصة النفسانية أحلام بن عودة.. نموذج متميز في الاندماج الاجتماعي

المختصة النفسانية أحلام بن عودة.. نموذج متميز في الاندماج الاجتماعي
  • 484
رشيدة بلال رشيدة بلال

تمكنت المختصة في علم النفس، الشابة أحلام بن عودة، بفضل شخصيتها القوية وروحها المرحة، أن تفرض احترام الجميع لها في مكان عملها، وحتى في محيطها، لأنها جعلت من قصر قامتها الذي أثر عليها، وجعلها تستعين بكرسي متحرك للتنقل، مصدر قوتها، فكانت بذلك نموذجا ناجحا للاندماج الاجتماعي بفضل إرادتها القوية.

من لا يعرف الأخصائية النفسانية أحلام بن عودة، العاملة في المؤسسة العمومية الاستشفائية "مجاجي مهدي" في العفرون؟ ما إن تدخل مكان عملها، حتى يقبل عليها زملاء المهنة وكل العاملين في القطاع الصحي بالتحية والترحيب، كيف لا وهي الشخصية المرحة التي تمكنت بفضل إرادتها القوية، من أن تجد مكانا لها في واحد من أهم المرافق العمومية، حيث لم تمنعها إعاقتها من شق طريقها، مع التأكيد لكل من هم مثلها، أن الإعاقة مهما كان نوعها، لا يمكن أبدا أن تقف عائقا أمام النجاح والاندماج في المجتمع، ولعل أكثر ما جلب الناس إليها، سواء من زملاء المهنة أو من طالبي الاستشارة، أو حتى من أفراد المجتمع؛ شخصيتها الطفولية المرحة التي جعلت الجميع يحبها، ويقبل عليها فقط لإلقاء التحية عليها والسؤال عن حالها، وأخذ جرعة من الأمل لبداية يوم سعيد.

قالت الشابة أحلام، بأن قصر قامتها لم يشكل لها يوما مشكلا في طفولتها، خاصة في المراحل التعليمية الأولى، لأن هذه الإعاقة المتمثلة في قصر القامة، كانت دائما تجعل منها الشخصية المدللة بين زملائها ولدى أساتذتها، ولعل هذا ما جعلها تنمو نموا طبيعيا ولا يؤثر ذلك على شخصيتها، لكن الأمر سرعان ما بدأ يتغير في مراحل التعليم المتوسط والثانوي، بعدما ظهر الفرق بينها وبين زملائها، وأصبحت إعاقتها ظاهرة للعيان، خاصة أنها أصبحت تشعر بالتعب، نتيجة التنقل، رغم الدعم الذي كانت تتلقاه من المقربين.

تؤمن الشابة أحلام بأن الاختلاف بين البشر لا ينبغي أن ينظر إليه دائما على أنه شيء سلبي، إنما لابد أن نجعل منه، حسب قولها: "شيئا مميزا"، وهو ما حدث مع المختصة النفسانية، التي تقبلت إعاقتها بشكل إيجابي وحولته إلى مصدر سعادة، وحسبها، فإن أولى القواعد التي ساهمت في نجاحها في حياتها الشخصية والمهنية، أنها تمكنت من إقناع نفسها وحتى المرضى الذين يترددون إليها، بجعل الاختلاف بينهم وبين غيرهم أمرا مميزا، ليتمكنوا من المضي قدما، وتقدم تجربتها دائما كنموذج، مشيرة إلى أن ظروفها الصحية وقصر قامتها لم يكن يوما عائقا أمام نجاحها، لأنها عرفت في وقت مبكر، كيف تتجاوز كل العقبات التي لم تكن سهلة، خاصة ما تعلق منها بنظرة المجتمع والعراقيل التي واجهتها في حياتها التعليمية والاجتماعية.

اختيار تخصص علم النفس لم يكن صدفة، إنما كان تخصصا خدم أحلام، قبل أن يخدم غيرها. وقالت بأنها تملك كل المؤهلات التي تجعلها تنجح في هذه المهنة، من قدرة على تحليل الشخصيات وتفهم الناس والاستماع إليهم، فتمكنت من صقل شخصيتها تبعا لما تعلمته من دروس، وفتحت المجال واسعا للتقرب من الناس، بفضل مهنتها ومساعدتهم على تجاوز عقباتهم وحل مشاكلهم، الأمر الذي جعل شعبيتها كبيرة جدا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح لديها متابعين من خارج ولاية البليدة، حيث يقصدها المرضى حتى من العاصمة وتيبازة وعين الدفلى والمدية، للاستفادة من مهاراتها في متابعة بعض الحالات النفسية المستعصية.

ولعل من العوامل التي ساهمت في نجاح المختصة النفسانية أحلام، أنها لم تقصّر عطاءها على مهنتها فقط، بل على العكس من ذلك، جعلت من العمل التطوعي جزءا من حياتها اليومية، حيث لا تقصر مطلقا في المشاركة من تلقاء نفسها، في كل النشاطات التي تنظمها المؤسسة الاستشفائية في مجال التوعية والتحسيس بمواضيع مختلفة، حيث تبادر إلى تقديم المساعدة، الأمر الذي ساهم في تعزيز مكانتها وشعبيتها بين عامة الناس. وحسبها، فإن لكل شخص رسالة هو مكلف بأدائها، وهو ما ينبغي أن يقتنع به الجميع، سواء أكانوا أشخاصا عاديين أو مرضى.