ينتشرون في الشواطئ والمرافق الترفيهية

أطفال يبيعون كل شيء.. والأولياء في قفص الاتهام

أطفال يبيعون كل شيء.. والأولياء في قفص الاتهام
  • 210
رشيدة بلال رشيدة بلال

تحولت عمالة الأطفال إلى ظاهرة مرتبطة ارتباطا وثيقا مع الموسم الصيفي، فبمجرد الإعلان عن دخول موسم العطل، يشرع العديد من الأطفال في ممارسة مختلف الانشطة التجارية، لدعم أسرهم، حيث نجدهم ينتشرون بشكل كبير على الشواطئ، وعلى الطرق المؤدية إلى مختلف المرافق الترفيهية، وحتى في الغابات، الأمر الذي يستدعي، حسب رئيس شبكة "ندى" للدفاع على حقوق الأطفال، عبد الرحمان عرعار، إعادة النظر في هذه الظاهرة، من أجل محاربة السوق الموازية لعمالة الأطفال، والتي يُعتبر فيها الأولياء مسؤولين عن انتشارها.

إن اخترت التواجد في أي شاطئ، فإنك أكيد، سوف تصادف باعة صغارا من الجنسين؛ ذكورا وإناثا، يجوبون المكان طيلة اليوم، ذهابا وإيابا، من أجل بيع بعض "المحاجب" أو "البيني"، أو "البيتنزا المنزلية"، وهي نفس الظاهرة التي تصادفك، إذا كنت متجها إلى أي مكان للنزهة والترفيه، حيث تجد عددا من الأطفال يصطفون على حافتي الطريق، لبيع بعض المشروبات أو المياه أو بعض الفاكهة الموسمية، ومختلف أنواع الخبز، والغريب في الأمر، حسبما وقفت عليه "المساء"، في الطريق المؤدي إلى شاطئ الحمدانية ببلدية شرشال، ولاية تيبازة، أن الأطفال الذين يبيعون مختلف المأكولات على حافتي الطريق، تجدهم في أي وقت، حتى فترة الظهيرة، حين تكون درجات الحرارة عالية جدا، وبعد أن تعود أدراجك إلى المنزل بعد غروب الشمس، تجدهم أيضا في نفس المكان، لأن الهدف هو الوصول إلى تصريف كل سلعتهم، وعزاؤهم خلال فترة الانتظار، هو التسلية واللعب بالهاتف النقال طيلة اليوم، حتى لا يشعروا بالملل من المكوث لساعات طويلة.

وحول  ظاهرة عمالة الأطفال والآليات المقترحة، للحد منه خاصة وأنها تمس أطفالا لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، قال رئيس شبكة "ندى"، عبد الرحمان عرعار، في حديثه لـ"المساء"، بأن "العطلة الصيفية في السنوات الأخيرة، أصبحت تكشف عن ظاهرة بدأت صغيرة واستفحلت بشكل ملفت للانتباه ومقلق في نفس الوقت، حيث نجد الكثير من العائلات المعوزة تدفع بأبنائها، بمجرد بداية العطل، إلى العمل في مختلف الأنشطة التجارية أو الفلاحية أو ورشات البناء، فيما يسمى بالسوق الموازية، مقابل ربح بعض المال القليل"، وحسب المتحدث، فإن "الإشكال ليس في الدفع بالأبناء إلى سوق العمل فقط، وإنما أغلبهم صغار في السن ومعرضون لمختلف المخاطر النفسية والاجتماعية والأخلاقية خلال تواجدهم في بعض الأماكن للبيع"، مؤكدا بأن "بعض الأطفال يتعرضون لبعض الانتهاكات، والسؤال الذي يطرح في بعض الأحيان هو: كيف يصل الأطفال للبيع في بعض الأماكن؟، وكيف يدافعون عن أنفسهم إن تعرضوا لبعض أنواع الاعتداءات المختلفة؟ وكيف يحمون أنفسهم من الشمس، وغيرها من المخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها؟ وكيف يؤمّنون أنفسهم وهل لديهم استعداد أصلا للعمل؟... وغيرها من الأسئلة، الأمر الذي أدى بالمتحدث إلى القول: "إننا أغفلنا السوق الموازية التي توظف عددا من الأطفال، رغم أن القانون والدستور يجرمان عمالة الأطفال، خاصة الدستور الأخير الذي كان صريحا، وأقر برفض عمالة الأطفال مهما كانت وضعيتهم الاجتماعية".

ما الذي تم القيام به من أجل محاربة عمالة الأطفال في السوق الموازية؟ يسأل رئيس شبكة "ندى" ويجيب: "لاشيء .."، مردفا بقوله: "شبكة ندى ترفع نداءها أمام البدائل الموجودة، التي تحتاج إلى تفعيلها، وأعتقد أنه من الضروري القيام بمسح وطني لتشخيص الظاهرة، وتنفيذ القانون المستمد من الاتفاقية الدولية للحد من استغلال الأطفال، والبحث عن الحلول لحماية هذه الفئة من الاستغلال الاقتصادي لهم"، مشيرا إلى أنه لا وجود لقانون صريح يمنع الأولياء من الدفع بأبنائهم للعمل، ولكن، حسبه، "دستوريا، الأولياء مسؤولون عن المخاطر التي يتعرض لها أبناؤهم"، لافتا إلى أنه لا يحبذ فكرة اللجوء إلى معاقبة الأولياء، وإنما تفضيل فكرة السعي إلى المرافقة والدعم الاجتماعي والتربوي.

أما إن ثبت وجود حالة استغلال، فإن القانون مطالب بمعاقبتهم، مشيرا إلى أنه على مستوى الشبكة، لا يبررون عمل الأطفال أيا كانت الأسباب، لأن الأمر يتعلق بالمصلحة الفضلى للأطفال، مؤكدا أن قلة المبادرات والحوار جعل ظاهرة عمالة الأطفال تتفاقم وأصبحت صفة مقترنة بالعطلة الصيفية، وينظر إليها على أنها شيء عادي، رغم أن الجزائر قادرة على محاربتها.

من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أن شبكة "ندى" تستقبل عدة اتصالات بخصوص موضوع عمالة الأطفال، وفي السنوات الأخيرة، أصبحت تُسَجَل قضايا تخص الاستغلال في مجال التجارة الإلكترونية، التي يقبل عليها الأطفال، وخاصة الفتيات المراهقات، والتي تحولت إلى خطر على القصر، الذين يفتحون صفحات ويمارسون بعض الأنشطة دون أي خلفية حماية ومرافقة، وكشف المتحدث عن مشروع تعمل عليه شبكة "ندى" في موضوع عمالة الأطفال، خاصة في التجارة الالكترونية، ينتظر أن يتم الإعلان عنه مطلع سبتمبر المقبل، ويخص المراهقين بين 13 و16 سنة، وكيفية إخراجهم من السوق الموازية وإدماجهم في المهن والتكوين والتأسيس لمشاريعهم الخاصة.