بين الخوف والتعوّد

أمهات يضبطن مواعيد العودة إلى المدارس

أمهات يضبطن مواعيد العودة إلى المدارس
  • القراءات: 737
 رشيدة بلال رشيدة بلال

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي تزامنا وحلول موعد الدخول المدرسي، ظاهرة عودة الأولياء وتحديدا الأمهات، إلى مرافقة أبنائهم من وإلى المدارس، بأسلوب فيه بعض التهكم؛ حيث كان التعليق بعبارة: "الأمهات على موعد لممارسة هواياتهم المفضلة" . والسؤال الذي يُطرح: "هل، حقيقةً، هناك مبرر لمرافقة الأبناء إلى المؤسسات التربوية، أم أن الأمر أصبح عادة ألِفتها بعض الأمهات، ووجدن صعوبة في تركها؟ " .
تعرف المؤسسات التعليمية خاصة في الطور الابتدائي، منذ اليوم الأول من الدخول المدرسي، توافدا مكثفا من الأولياء أمام أبواب المؤسسات. ولا يقتصر الأمر على اليوم الأول أو الأسبوع الذي يليه، بل يمتد على مدار السنة، وهو ما ألِفناه وتعوّدنا عليه خلال السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من أن بعض دوافع الأولياء معقولة ومقبولة وتدخل كلها في إطار الخوف على الأبناء، خاصة بالنسبة للذين يسكنون في أماكن بعيدة عن المدارس، أو بسبب اضطرار الأبناء لقطع الطريق للوصول إلى مؤسساتهم، أو لكون الطفل صغيرا في السنة الأولى أو الثانية ابتدائي وليس له مرافق من إخوته، أو أكثر من هذا؛ بسبب الخوف من احتمال أن يتعرض الأبناء لبعض الاعتداءات، وتحديدا بالنسبة للذين يقطنون في الأحياء السكنية الجديدة التي تفتقر إلى بعض المرافق، غير أن المؤكد أن بعض الأمهات يبدو أنهن تعوّدن على هذا التصرف الذي يسمح لهن بمغادرة المنزل وتبادل أطراف الحديث مع غيرهن، بل أكثر من هذا؛ تكوين صداقات.
وحسبما جاء في بعض التعليقات، فإن بعض الأمهات، حقيقة، يرافقن أبناءهن وينتظرن خروجهم لإعادتهم إلى المنزل، ولكن بعدها يطلبون منهم جلب بعض المستلزمات من المحلات التي تكون بعيدة عن المنزل، الأمر الذي يبعث على التساؤل: أليس هذا الطفل هو نفسه الذي انتظرته لوقت خروجه ورافقته إلى المنزل خوفا عليه ؟!

رئيس شبكة "ندى": المرافقة مبرَّرة

يرى عبد الرحمان عرار رئيس شبكة ندى للدفاع عن حقوق الأطفال، أن مرافقة الأبناء من وإلى المدارس حتى وإن كان فيها نوع من المبالغة، إلا أنها إلى حد كبير، مبرَّرة. وحسبما أكد في حديثه مع "المساء"، فإن ذهاب الأطفال إلى المدارس آلية من آليات الحماية المرتبطة بوجود الأطفال في مثل هذه المؤسسات التعليمية، التي قطعت فيها الجزائر أشواطا كبيرة من حيث التأكيد على المجانية، والإجبارية في التعليم، وكذا من حيث المناهج والبرامج، ومحاولة الرفع من النوعية، مشيرا إلى أنه في ما يتعلق بمرافقة الأولياء أبناءهم والخوف عليهم وإن كانت زالت جل الأسباب المغذية للخوف، فالسبب الرئيس الذي لايزال، ربما، يشكل هاجسا ويمكن الاستناد إليه، هو ظاهرة تفشي المخدرات والعنف.
وحسبه، فإن المطلوب من الأولياء إلى جانب المرافقة وتوعية الأبناء ببعض سبل الحماية المبنية على الحوار الجاد والتواصل مع أوليائهم والتبليغ عن أي تصرفات يمكن أن تحدث معهم، الحوارُ يبقى أهم آلية تبعث الطمأنينة في نفوس الأبناء، وتُبعد عنهم الخوف، وتجعلهم أقرب إلى أوليائهم، الذين يقع على عاتقهم وجوب معرفة كل ما له علاقة بالأبناء؛ من أصدقاء، ومعلمين، ومحيط المدارس.

ضبط برنامج الشبكة تحسبا للدخول الاجتماعيّ

وحول البرنامج المسطر تحسبا للدخول الاجتماعي، أكد رئيس الشبكة عبد الرحمان عرعار أن "ندى" وكعادتها، تحضّر لإطلاق عدد من المشاريع المختلفة التي تندرج ضمن الرؤية الاستراتيجية للشبكة التي تمتد إلى سنة 2028، والتي تعتمد على محاور هامة تعنى بها الأسرة الجزائرية. ولعل أهمها كل ما يخص الحماية الاجتماعية والقضائية، خاصة بعدما أصبحت المحاكم تستقبل الكثير من القضايا التي تتعلق بالأطفال، والتي من خلالها تتأسس الشبكة كطرف مدني، وتتحول في أحيان أخرى، إلى خصم، لا سيما أن قانون حماية الطفل يمنح الجمعيات هذه الصلاحية.
أما بالنسبة للمحور الثاني فيتعلق، حسب المتحدث، بكل ما له علاقة بالحماية الرقمية، خاصة أن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت تشكل أكبر تهديد يسيء إلى رواد المواقع من الأطفال، ويعرضهم للخطر، مشيرا إلى أن واحدا من أهم المخاطر التي تهدد هذه الشريحة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، الانتهاكات الجنسية من خلال المضايقات، والوقوع في فخ المواقع الإباحية، مؤكدا أن الشبكة، خلال العطلة الصيفية، تلقت الكثير من الاتصالات التي تتعلق بهذا النوع من المخاطر، ولافتا إلى أن المحور الثالث  تم تخصيصه لتربية الفاعلين على مقاربة حقوق الإنسان؛ حيث تشمل كلا من  الأمهات والمدرسين والمنشطين. ويُعد هذا المحور امتدادا طبيعيا لحقوق الأطفال. وأخيرا ختم رئيس الشبكة حديثه بمحور تعزيز التحالفات التي تخص حقوق الأطفال، وكل ما يتعلق بواقع حقوق الأطفال بالجزائر.