نصحت الدكتورة مريم زايدي، الأخصائية في صحة العظام، السيدات بضرورة حسن اختيار كعب الأحذية التي يرتدينها، على أن لا يكون بشكل يومي، خاصة الأنواع التي يتعدى طول كعبها خمسة سنتيمترات، فالأحسن أن تكون أقل من ذلك بهدف توزيع ثقل الجسم على القدمين بشكل متناسق، مشيرة إلى أن الأحذية ذات الكعب العالي خطيرة على الوركين، الركبتين والكاحلين، ومنه  يتأذى أسفل الظهر.

يعد الكعب العالي أيقونة الأناقة المتمردة، يسحر بجاذبيته ملايين النساء حول العالم، ذلك الأكسسوار الذي لا تتخلى عنه المرأة وتحوز على ألوان مختلفة منه في خزانتها، باعتباره قطعة تتماشى مع ألبسة وحقائب يد مختلفة، أبدع مصمموه حول العالم في صناعة أنواع لا تعد ولا تحصى، بتصاميم وموديلات مختلفة، يبقى دوره الأساسي إضفاء الرشاقة على قوام المرأة التي ترتديه.

يعود أصل الكعب العالي إلى زمن قديم، لم تكن المرأة أول من ارتدته، إنما ارتداه الرجل من قبل، إذ ظهرت تلك الأحذية في عصر ركوب الخيل والفروسية، بدأت في بلاد فارس، وكان حذاء مثاليا للمحاربين، يساعدهم على التحكم في الرماية والتمسك في السرج، ارتبط بالخيالة في الشرق وبنفس المبدأ انتقل إلى رعاة البقر في الغرب، وكانت فارس تحاول عقد تحالفات قوية مع أوروبا، بغرض تطويق غريمها التقليدي الدولة العثمانية، وحاز الدبلوماسيون الفرس على اهتمام الأرستوقراطيين في أوروبا بفضل أناقتهم ومظهرهم الرجولي الممشوق، ومنه انتقل الحذاء بالكعب العالي إلى طبقة النبلاء في أوروبا، وجعله البعض رمزا للولاء في السلطة، ورمزا للمكانة الاجتماعية، فكلما كان أطول دل على مكانة اجتماعية أعلى، وبعد سبعة قرون من ذلك ارتدته أخيرا المرأة كتقليد للرجال. وفي عصر التنوير والحركة الفكرية،  تخلى الرجال عن عاداتهم الصاخبة في ارتداء الملابس، سماه المؤرخون بـ«التنازل الذكوري العظيم”، وابتعدوا عن السطحية والمغالاة في الملابس والزينة.

عند ظهور أيقونات الاستعراض والموضة، أعيدت للكعب العالي نفس المكانة، وأنتج مفهوم الإغراء الأنثوي وعاد الكعب العالي لإعادة رسم إيقاع الأزياء نظرا لسحره في إبراز ملامح الجسد بشكل أحسن.

رغم اللمسة الجمالية التي يضفيها على إطلالة المرأة، لدرجة وصفه البعض بأعلى عرش تعتليه المرأة، إلا أن له آثار وخيمة على صحة مرتديه، يصيب عضلات الوركين، الركبتين والكاحلين، فضلا عن الأضرار التي يخلفها على القدمين وأسفل الظهر.

في هذا الصدد، حدثتنا الأخصائية في صحة العظام، أن العديد من النساء حول العالم يرتدين الأحذية ذات الكعب العالي، رغم أنها لا تمنح الراحة مطلقا عند المشي، إلا أنها تعشقها النساء،  حيث تمنحها إطلالة أنثوية تزيد من جمالها ورقتها، تشبع بها الرغبة في أن تكون الأجمل ومحطة أنظار الجميع، لتجد أن ذلك الحب ينمو مع الفتاة منذ صغرها، فتقلّد أمها أو أختها بانتعال حذائها السحري ذو الكعب الطويل ومحاولة المشي والتبختر به.

رغم كل ذلك، تضيف الطبيبة أن المثل الشهير يقول ”عليك أن تعاني لتكوني جميلة”، فالمرأة ومن أجل شعار ”أنا الأجمل” تتحمل معاناة الكثير من السلوكيات أو الروتينات الجمالية لتبدو في أحسن صورة، ارتداء ملابس غير مريحة، إزالة الشعر بالشمع، تصريح الشعر، ارتداء أحذية ذات كعب طويل غير عملي، إمضاء دقائق طويلة لوضع مستحضرات التجميل، كريمات وغيرها من تلك المواد، لكن بعض تلك السلوكيات مضرة بالصحة وبراحة الجسم.

في هذا المنحى، قالت زايدي، إن الكعب العالي وإذا تعدى خمسة  سنتيمترات، تنزلق القدم نحو مقدمة الحذاء، وتعيد توزيع وزن الجسم بشكل غير متساو على كافة القدم، فالوزن الزائد على مقدمة القدم يتسبب في إمالة الجسم نحو الأمام، ويضطر مرتدية الحذاء إلى محاولة استقامة جسمها للأمام لإعادة التوازن، تلك الحركة تتسبب في ألم على مستوى عضلات الجسم، الوركين وفي أسفل الظهر، ويعد من أسباب التهاب مفاصل الركبة.

إلى جانب كل تلك الآلام التي تتسبب فيها تلك الأحذية بالنسبة للواتي يرتدينها بشكل مستمر، هناك مشكل آخر يتمثل في السقوط بسبب التواء الكاحل ـ تضيف المتحدثة ـ، حيث قالت ”إن العديد من النساء يسقطن بسبب ارتداء تلك الأحذية ذات الكعب الرقيق، لأنها تُفقد التوازن عند المشي بها، لاسيما على مستوى  الأماكن التي تكون مملوءة بالمطبات أو الحفر، التي لا تسمح للجسم بإيجاد التوازن الذي يستحقه، كأن الفتاة تمشي على مسمار رقيق ولابد أن تتخذ كل الحيطة والحذر عند كل خطوة تخطوها، مرتدية ذلك الأكسسوار الجميل.

في الأخير، نصحت الدكتورة بضرورة تفادي الإفراط في لبس تلك الأحذية، والاكتفاء بارتدائها في المناسبات فقط، مع دلك الأرجل بطريقة تمنحها الراحة مباشرة بعد إزالتها، والاكتفاء بارتداء أحذية بكعب متوسط بثلاثة أو أربعة سنتيمترات، وذات شكل مربع عريض وليس حاد، لأنه يريح الجسم والعمود الفقري أكثر ويرفع الجسم قليلا عن الأرض، لاسيما أنه لا يُستحسن ارتداء أحذية مسطحة ذات اتصال مباشر مع الأرض.