صالون الطوابع والبطاقات البريدية في طبعته السادسة بالبليدة

احتفاء بالتراث بلمسة تحاكي التاريخ

احتفاء بالتراث بلمسة تحاكي التاريخ
  • 86
رشيدة بلال رشيدة بلال

شكّل صالون الطوابع والبطاقات البريدية في طبعته السادسة بولاية البليدة، محطة هامة، جمعت أكثر من 25 عارضا وهاويا من 18 ولاية، حاولوا من خلال مشاركاتهم، تسليط الضوء على مواضيع متنوعة، بعضها تاريخي، وأخرى تراثية وبيئية، لتؤكد الطوابع البريدية الجزائرية، من جديد، أنها وسيلة لإيصال رسالة، مفادها أن هذه الهواية رغم تطورات التكنولوجيا، لاتزال تمثل حضارة متجذرة. ويسعى المهتمون بها إلى نقلها للأجيال الصاعدة، والترويج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي، لجعل التكنولوجيا في خدمة هذه الهواية، التي طالما لعبت دورا بارزا في حفظ تاريخ الجزائر، والترويج له، والدفاع عن مقومات هويتها.

أبدع هواة جمع الطوابع البريدية والعملات والبطاقات البريدية بالمركز الثقافي محمد خداوي لولاية البليدة، في إظهار جمالية هذه الهواية، وما تحمله من أحداث وقصص تؤرخ لكل ما هو جزائري. فبينما اختار البعض جمع الطوابع باختلاف أشكالها ومواضيعها وعرضها مع العملات والأوراق النقدية والمعدنية القديمة، قرر آخرون التخصص عبر تأطير الطوابع، في مواضيع تروي جانبا من عراقة وأصالة المجتمع الجزائري، من خلال طوابع لا تتعدى مساحتها بضع السنتمترات.

ومن بين هؤلاء برز جناح العارضة حداد خديجة من ولاية تيارت، التي أكدت في حديثها مع " المساء "، أنها تهوى جمع كل ما هو عريق وقديم، إلا أن اهتمامها الأكبر منصبٌّ على الطوابع البريدية. وقد شاركت في المعرض لإبراز جمالية الطوابع التي تناولت مواضيع مثل العلم الوطني، والذي يُعد رمزا من رموز السيادة الوطنية. وقالت إن الطوابع تؤرخ لأحداث هامة، مشيرة إلى أنها تعرض في جناحها، أول طابع بريدي صدر في الجزائر يوم 1 نوفمبر 1962. وبالنسبة لها فإن الطوابع ليست مجرد هواية، بل وسيلة تعليمية وتربوية، ومن المهم تعليمها الأطفالَ.

من جهته، أبدع الهاوي وائل عبد الحق من ولاية سطيف رئيس جمعية "فوارة للطوابعية" ، الذي يمارس هذه الهواية منذ أكثر من 38 سنة وله تجربة في المشاركة بالمعارض الوطنية والدولية تزيد عن 27 سنة. وقد تميز في المعرض بسرده لتاريخ الثورة التحريرية من خلال الطوابع، خاصة تلك التي توثق لمجازر الثامن ماي. وقال في حديثه مع المساء إنه حاول من خلال الطوابع، تسليط الضوء على محطات النضال الشعبي، وصولًا إلى المجازر التاريخية، مؤكدا أن الطابع البريدي كان ولايزال "سفيرا بلا حدود" . واليوم ومع التطور التكنولوجي أصبح من الضروري رد الاعتبار له، لأنه مرآة الجزائر للعالم.

وأضاف: " من يعتقد أن هذه الهواية قد تراجعت فهو مخطئ، فهي لاتزال حاضرة بقوة؛ بفضل من توارثوها جيلًا بعد جيل. وهناك عمل مستمر من خلال الجمعيات والنوادي لتعزيز هذا الموروث. وتُعد المعارض الوطنية والدولية دليلًا حيا على ذلك ". كما كشف عن مسعى لتأسيس جمعية وطنية تضم كافة الهواة، من أجل بعث هذه الهواية، والترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وبدوره، اختار بادي مكي من ولاية بسكرة، أن يسلط الضوء عبر الطوابع، على موضوع الموارد المائية التي عالجتها الطوابع بطرق مختلفة لهذا الموضوع الحيوي، مثل مشاريع تحلية مياه البحر التي أولاها رئيس الجمهورية اهتماما خاصا. وأوضح أن الطوابع البريدية عالجت موضوع الأمن المائي، الذي يُعد أحد أبرز التحديات في العالم اليوم، وهو ما يجعل من هذه الهواية وسيلة تثقيفية مهمة، يجب الحفاظ عليها، وتعليمها للأطفال، خاصة في ظل تحديات العولمة، التي أبعدت الأجيال الجديدة عن الاهتمام بالهوايات ذات البعد الثقافي والتاريخي. وأكد أن هذه الهواية تمتلك كل المقومات التي تسمح لها بالاستمرار، فقط إذا تم تشجيع الجمعيات على التواصل فيما بينها؛ لإعادة بعثها، مشيرا إلى أن "الطابع البريدي هو ثقافة، وتاريخ، وهوية، وبالتالي من الضروري الحفاظ عليه".