وهران
اختلالات في التكفل بحالات السيدا
- 614
يشهد التكفل بمرضى السيدا في ولاية وهران، اضطرابات عديدة نتجت عن الأزمة الصحية لـ”كوفيد19”، حيث يتحدث الأخصائيون في المجال عن الكثير من الاختلالات، كما يخشون تفاقم عدد الحالات في السنوات القادمة، وهو ما أكدته البروفيسور نجاة موفق، رئيسة المركز المرجعي الجهوي للتكفل بمرضى السيدا، التابع للمركز الاستشفائي الجامعي لولاية وهران ”الدكتور بن زرجب”.
تم تحويل مصلحة الأمراض المعدية (التي تأوي المركز المرجعي الجهوي للتكفل بمرضى السيدا) في أفريل الماضي، إلى وحدة للتكفل بـ”كوفيد19”، إلى غاية سبتمبر الماضي. وقد تجندت البروفيسور نجاة موفق، رئيسة المركز وطاقمها الطبي، لمجابهة الجائحة منذ بدايتها، باعتبارها على رأس المصلحة الوحيدة المختصة في الأمراض المعدية بولاية وهران. أبرزت البروفيسور موفق، أن تحويل مصلحة الأمراض المعدية إلى وحدة لمكافحة ”كورونا”، أدى إلى استحالة استقبال حالات السيدا التي تستلزم المكوث في المستشفى، وأضافت أنها وطاقمها الطبي، كانوا يجتهدون لإيجاد أسرّة استشفاء لهم على مستوى مستشفيات الولايات الأخرى، أو بمصالح أخرى في المركز الاستشفائي الجامعي بوهران، على غرار مصلحة أمراض الرئة ومصلحة الإنعاش. حسب السيدة أحلام عزي، رئيسة جمعية ”حلم العيش إيجابيا” لمساعدة الأشخاص المصابين بالسيدا، فإن ”المصابين بهذا الداء وجدوا أنفسهم كاليتامى”، في خضم هذه الأزمة التي انشغل فيها الجميع بوباء ”كورونا”، حيث يتجند أعضاء هذه الجمعية لمساعدة هذه الفئة من المرضى.
مخاوف من الإصابة بـ”كورونا”
رغم أن مصلحة الأمراض المعدية لم تكن تستقبل حالات الاستشفاء إلى غاية سبتمبر الماضي، غير أن إمكانية إجراء فحوصات لمرضى السيدا كانت متوفرة، إضافة إلى استمرار المصلحة في توزيع الأدوية للأشخاص الذين تتابع حالتهم الصحية، غير أن المشكل في الاستمرار في العلاج، كان يكمن في تخوف مرضى السيدا من الإصابة بـ”الكوفيد 19”، إذا ما قدموا إلى المستشفى، خاصة أن مشاكلهم المناعية تزيد من هشاشتهم أمام مخاطر العدوى بهذا الفيروس المستجد المتفشي في العالم.
رغم توفر إمكانية الفحص والمتابعة، إلا أن المرضى كانوا يترددون في الحضور خشية الإصابة بـ”كوفيد19”، حسب البروفيسور موفق، التي أبرزت أن ‘’الأزمة الصحية عزلت الكثير من مرضى السيدا”. أضافت نفس المسؤولة، أنه من بين 2.300 مريض (من مختلف ولايات الغرب والجنوب الغربي)، الذين تتابع مصلحتها حالتهم، يوجد 150 مريضا انقطعت تماما أخبارهم، حيث لم يأتوا للفحص الروتيني ولا لأخذ أدويتهم. وتأسفت البروفيسور موفق عن هذه الحالة، خاصة أن البعض من المتغيبين كانوا قد حققوا نتائج جيدة في العلاج، إذ تم احتواء الفيروس الذي كانوا يشتكون منه. أبرزت هذه الأخصائية، أن توقيف العلاج قد يؤدي إلى انتكاس حالتهم الصحية، والعودة إلى حالتهم المعدية. حتى بعد إعادة فتح مصلحة الأمراض المعدية، مع إبقائها على خمس أسرّة فقط، خاصة بالحالات المستعصية لـ”كورونا”، لا يزال مرضى السيدا مترددين في القدوم إليها. تؤكد البروفيسور موفق، أن مصلحتها لم تسجل أي حالة وفاة بـ”كوفيد19” للمصابين بالسيدا. وتفيد بدورها رئيسة جمعية ”حلم العيش إيجابيا”، أن عدة أشخاص حاملين للسيدا، تتعامل معهم في نطاق عملها الجمعوي، أصيبوا به دون أن يشكل ذلك خطورة على حياتهم. ورغم أن البروفيسور موفق لاحظت نفس الشيء، غير أنها تفضل عدم التسرع في الحكم، في ظل عدم وجود دراسات دقيقة إلى حد الآن حول هذا الإشكال.
يقوم متطوعو نفس الجمعية منذ بداية الجائحة، بإيصال الأدوية إلى غاية مقر سكن مرضى السيدا، حيث تقول السيدة عزي بأنها تتلقى نداءات من مختلف ولايات الغرب، على غرار تيارت ومعسكر وغليزان، ومن الجنوب الغربي للوطن، على غرار البيض والنعامة. تتأسف السيدة عزي عن عدم إمكانية الوصول إلى جميع المرضى، خاصة أولئك الذين لا يمكنهم استعمال مواقع التواصل الاجتماعي، التي تبقى في مثل هذا الظرف الصحي، وسيلة الاتصال الأكثر استعمالا من قبل الجمعيات. مضيفة أن بعض المرضى لا يحسنون القراءة ولا الكتابة، مما يصعب من مهمة التواصل معهم والوصول إليهم.
مخاطر ما بعد الجائحة
ساهمت مديرية الصحة والسكان المحلية، في مساعدة مرضى السيدا، من خلال إصدار تراخيص خاصة للجمعيات التي تقوم بتوصيل الأدوية. وفي هذا الشأن، يقول المسؤول عن الاتصال بهذه المديرية، السيد يوسف بوخاري، بأنها (المديرية) حاولت تسهيل المهمة أمام هذه الجمعيات، خاصة في فترة حضر التنقل بين الولايات.
ورغم أن الجهود كلها ركزت على التكفل بالمرضى، غير أن الفحص المبكر للحالات الجديدة ركن جانبا، حيث لم تنظم حملة واحدة منذ بداية الجائحة، بينما كانت تنظم الحملات قبل ذلك على مدار السنة. تظهر نتيجة قلة الفحص المبكر جلية، حيث لم تحص مصلحة الأمراض المعدية للمركز الاستشفائي الجامعي بوهران، سوى 245 حالة جديدة (تشمل ولايات الغرب والجنوب الغربي) منذ بداية 2020، فيما تم إحصاء في نفس الفترة من السنة الماضية، 530 حالة جديدة، حسب البروفيسور موفق. ما زاد الطين بلة -تواصل البروفيسور- تلك الاضطرابات التي عرفتها الخدمات الصحية المختلفة، حيث تم تأجيل جميع العلاجات والعمليات غير المستعجلة، مما أدى إلى نقص التحاليل الدموية (على غرار تلك التحاليل التي تتم قبل الخضوع إلى العمليات الجراحية)، والتي يظهر فيها - في بعض الحالات- جزء من حالات السيدا، حسب نفس المختصة التي أفادت أن عدد الإصابات سيظهر بشكل متفاقم، بعد نهاية الجائحة.
يعتبر المختصون في مجال الصحة، أن ”كوفيد19” تسبب في اضطرابات في باقي الخدمات الصحية بشكل ”جد ملحوظ”، حيث يجدر حاليا الوقوف على حالتها، والسعي إلى تدارك التأخر المسجل خلال الأشهر الأخيرة، مع ضرورة إيجاد توازن جديد بين عمليتي التكفل بـ”كوفيد 19”، من جهة، والأمراض الأخرى، من جهة ثانية.