الكثير من الأزواج يجهلون تأثيرها السلبي على المرأة
اكتئاب ما بعد الولادة... حالة نفسية وعضوية خطيرة
- 402
تتعرض المرأة لتغيرات هرمونية مختلفة أثناء الحيض أو النفاس، إلا أن أشد الحالات وطئا على نفسيتها، فترة ما بعد الولادة، إذ تتعرض لاكتئاب حاد، قد يصل إلى التفكير في الموت، وتتواصل أعراض الحالة لأيام طويلة، تترجمها نوبات الغضب والبكاء المتواصل بلا سبب مفهوم، إذ تصبح المرأة هشة المشاعر وضعيفة جدا، ولمعرفة سبل التعامل مع مريضة اكتئاب الولادة، تحدثت "المساء"، للمختصة النفسية، نسرين اكسيل، التي أوضحت أن المريضة تتعرض لتغيرات وضغوطات نفسية واجتماعية.
أشارت المختصة النفسية نسرين أكسيل، لـ"المساء"، إلى أن اكتئاب ما بعد الولادة، حالة نفسية شائعة، تصيب العديد من النساء بعد الولادة، نتيجة تغيرات هرمونية، جسدية وعاطفية، مؤكدة أن له تأثير قوي على المشاعر التي تتأرجح بين الحزن الخفيف، وصولاً إلى الاكتئاب العميق الذي قد يؤثر على الأم وعلاقتها بالطفل وأسرتها، فالأم في هذه الحالة، لا تقوم بافتعال المرض، كما هو شائع، أو أنها تتدلل، كما يعتقد البعض، مردفة بقولها: "غالبا ما يقوم البعض بالمقارنة، لماذا لم يكن هذا الاكتئاب موجودا قديما؟ وأصبح موضة العصر"، وتجيب المختصة: "لكل من يفكر هكذا، نقول لك خطأ وألف خطأ، قديما كانت العائلات تفسره على أن مريضة اكتئاب بعد الولادة يلبسها جني، ويذهبون بها للرقاة، إلى غيرها من الأفعلا الأخرى، لذلك يتطلب هذا النوع تكفلًا نفسيًا فعالًا لضمان استقرار حالة المريضة وصحتها النفسية".
أكدت المختصة، أن أسباب اكتئاب ما بعد الولادة عديدة، من بينها التغيرات الهرمونية، إذ يحدث معها انخفاض هرموني الإستروجين والبروجستيرون بسرعة بعد الولادة، يؤدي إلى اضطراب المزاج. بالإضافة إلى العوامل النفسية والضغوط المرتبطة بمسؤوليات الأمومة الجديدة، وقلة النوم وكذا العوامل الاجتماعية المتمثلة في نقص الدعم من الأسرة والمجتمع. علاوة على التاريخ المرضي، أي إذا كانت الأم تعاني من اضطرابات نفسية سابقة، فإن خطر الإصابة يزداد.
تأثيرات اكتئاب ما بعد الولادة على الأم والطفل والأسرة
أوضحت المختصة النفسية، أن أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، تتمثل في الشعور الدائم بالحزن واليأس. وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، وصعوبة في التركيز أو اتخاذ القرارات، إلى جانب مشاعر الذنب أو عدم الكفاءة كأم، وكذا اضطرابات في النوم أو الشهية، وصعوبة في التواصل مع المولود.
وقالت المختصة في هذا السياق: "الكثير منا يتساءل عن الحالة النفسية للمريضة في تلك الفترة، كيف تكون؟، وماهي العواقب إذا تُركت دون علاج، وهنا لابد من معرفة أنه قد يتطور الحزن إلى اكتئاب مزمن. وهو ما يؤثر على القدرة على أداء المهام اليومية، أما بالنسبة للطفل، فقد يؤثر اكتئاب الأم على تطوره العاطفي والاجتماعي، إذ يمكن أن يشعر بالقلق أو عدم الأمان، بسبب غياب الروابط العاطفية القوية."
أما فيما يخص تأثيره على الأسرة، فإنه يخلق نوعا من التوتر داخل العلاقة الزوجية، وكذا شعور الشريك أو أفراد الأسرة بالإرهاق، من محاولة تقديم الدعم دون فهم واضح للوضع.
هكذا تقدم يد المساعدة للمريضة
تحدثت المختصة عن سبل العلاج، وكيفية مد يد المساعدة للمريضة قائلة: "هناك طريقة العلاج الجماعي، التي يمكن أن تتيح فرصة التواصل مع أمهات أخريات، يمررن بنفس التجربة، إلى جانب الدعم المجتمعي، من خلال مجموعات دعم الأمهات، المكونة لورش عمل، حول كيفية التعامل مع مشاعر الأم بعد الولادة، دون إغفال الدعم الذاتي، الذي يتم من خلاله، تخصيص وقت يومي للاسترخاء أو ممارسة نشاط مفضل، وكذا النوم عندما ينام الطفل، لتقليل الإرهاق، والتحدث بصراحة عن المشاعر مع شخص موثوق فيه.
وفي الختام، قدمت المختصة النفسية نصيحة للحوامل، مفادها تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي قبل الولادة، وكذا ضرورة تعلم مهارات إدارة التوتر، واستشارة طبيب نفسي خلال الحمل، إذا كان هناك تاريخ مع الاكتئاب، موضحة في السياق، أن اكتئاب ما بعد الولادة ليس علامة على الضعف، بل هو حالة تحتاج إلى تفهم وعلاج، بالاعتراف بالمشكلة والسعي إلى الحصول على الدعم المناسب، وهو ما يمكّن الأم من استعادة صحتها النفسية والتمتع بتجربة الأمومة.