لتكوين وتعليم فعال للأطفال المعاقين
الأقسام الخاصة حماية لحق التلاميذ وضمان لراحة الجميع
- 337
يشتكي الكثير من الأساتذة وأولياء التلاميذ، من واقع يعيشه بعض المتدرسين، بسبب بعض التجاوزات في حقهم، نظرا لعدم احترام النصوص التشريعية التي تفرد أقساما خاصة للتلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة، والذي أقرته الوصاية قبل سنوات، مراعاة لبضع الشروط التي لابد من توفيرها لراحة التلميذ، وضمان تعليم ذي "نوعية" جيدة، بتخصيص مرافقين مختصين في التعامل مع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، مع ضرورة ضمان أقسام خاصة بذوي الاحتياجات، لراحة التلميذ.
وحول هذا الموضوع، حدثت "المساء" أستاذة اللغة العربية بالطور الابتدائي، ربيعة حمدان، التي أكدت أن فصل التلاميذ في الأقسام، ليس من باب التفرقة أو تفضيل الأسوياء عن ذوي الاحتياجات الخاصة، بل بالعكس تماما، وأشارت إلى أن قرار الوزارة مبني على دراسات وتجارب، تهدف إلى تحقيق تعليم فعال للجميع، وتحقيق تدريس وتعليم للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، بالطريقة التي يستوعبها هؤلاء، بالأخذ بعين الاعتبار، حالتهم وإعاقتهم وتخصيص أساتذة مكونين في التعامل مع تلك الحالات.
وأضافت أن العديد من المدارس تتجاوز تلك القوانين، وبعيدة كل البعد عن تلك القرارات الوزارية، حيث لا يتم تخصيص قسم لذوي الاحتياجات الخاصة، ولا يتم توظيف أساتذة مختصين في الأرطوفونيا، أو مختصين في التعامل مع إعاقة بعض التلاميذ.
وقد أشارت المتحدثة، إلى أن الأستاذ اليوم، يقف شاهدا على العديد من المشاكل بين التلاميذ، بين الأسوياء ومن الأشخاص المصابين بإعاقة معينة، ما يجعل بعضهم يدخل في مناوشات، ويعيش حالات من التنمر، التي يمكن أن تزيد الطين بلة، لاسيما على نفسية الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة، ووضعهم في أقسام مختلفة، ليس أبدا لعزلهم أو التمييز بينهم وبين الباقين، وإنما لضمان راحة للطرفين.
وأضافت حمدان، أن بعض الأطفال الذين يعانون مثلا إعاقة عقلية، قد تنجم عنهم أحيانا تصرفات عدوانية متفاوتة الحدة، يروح في بعض الحالات ضحاياها أطفال من نفس القسم، حيث أكدت أنها شهدت قبل فترة، هجوما من طفل يعاني من مشكل التوحد باستعمال قلم، ضرب طفلا على مستوى الرأس، مما أدى إلى نقل الطفل إلى الاستعجالات، مشددة على وجود حالات كثيرة مثيلة لها، تنجم عندما يسيء بعض التلاميذ الأسوياء معاملاتهم مع شخص "معاق" في نفس القسم، لتكون ردة فعل هؤلاء أحيانا عنيفة.
وقالت الأستاذة، بأن الصغير لا يمكن أن يميز أبدا بين الصح والخطأ، وبالرغم من أن ذلك من دور الأولياء في التوضيح للأطفال الأسوياء، أهمية حسن التعامل مع الشخص الذي يعاني "إعاقة بدنية أو عقلية" ، ولا فرق بينه وبين الآخرين، وستكون هناك معاملة مع اختلافات الآخرين، إلا أن الصغير لا يعرف عواقب تلك التصرفات "اللئيمة"، على حد تعبيرها.
أكدت حمدان، من جانب آخر، أن القدرات الاستيعابية لبعض الأطفال من ذوي الهمم، ليست مثلها مثل الطفل السوي، الأمر الذي يحتاج إلى معلمين، مكونين في التعامل مع تلك الحالات، ذلك التكوين الذي قد لا يفقه فيه المعلم أو الأستاذ، الذي له دور تلقين الدرس وترسيخ المعلومة والتربية، إنما المكون له سبل خاصة في التعامل مع تلك الحالات، وفق دراسات وتكوينات استفاد منها خلال تكوينه.
وشددت الأستاذة على أن دمج الأطفال في نفس القسم، هو إجحاد في حق الطرفين، يضع الأستاذ أحيانا أمام حيرة في التعامل مع حالة استثنائية لطفل، قد يعاني بطئا في الفهم، أو عدم الفهم تماما، وباقي التلاميذ الذين يكونون أمانة في يد الأستاذ، وإذا كان أيضا العكس، واهتم الأستاذ بجميع القسم، وعزل "الطفل الذي يعاني إعاقة"، سيجعل وجود ذلك الطفل في القسم لا يختلف عن غيابه، ويمكن أن تمر الأسابيع والسنوات دون أن يتعلم ذلك الطفل شيئا، بل تسوء وضعيته، وقد تزيد مشكلته حدة.
ودعت الأستاذة إلى أهمية توعية الأولياء بضرورة تشخيص حالات أطفالهم، وعدم محاولة دمجهم في أقسام عادية، لضمان فعالية تكوينهم، وتفادي الأثر العكسي من رغبتهم في تسهيل إدماج أطفالهم مع ذويهم الأسوياء.
وفي الأخير، أكدت ربيعة حمدان، أن بعض المدارس تحترم فقط تلك القوانين، من خلال تخصيص أقسام للأطفال الذين يعانون مشكل التوحد، ولا تؤخذ بعين الاعتبار باقي المشاكل، من إعاقات مختلفة، حتى وإن كان ذلك جيد أحيانا، لإدماج بعض الأطفال الذين يعانون من إعاقات طفيفة، لا تؤثر على قدرة استيعابهم، إلا أن باقي الحالات لابد أن تخصص لها أقسام خاصة، لفعالية تكوينها وتعلمها وتخفيف حدة إعاقتها.