فيما تعتبر الجزائر رقم واحد في استهلاكه
البلاستيك يهدد سكان البحر المتوسط والثروة السمكية
- 762
يعد التنوع البيولوجي البحري، محورا أساسيا لضمان البيئة السليمة من كل المخاطر التي تهدد صحة الإنسان، إلا أن ظهور البلاستيك أو الملوث الجديد في سواحل الجزائر، وأغلب دول الحوض المتوسط، من شأنه أن يسمم الثروة السمكية ويقضي عليها، ناهيك عن الغزو الكبير لبعض الأسماك غير المحلية، وهو أهم ما تناوله المتدخلون في اليوم الدراسي الخاص بإحياء اليوم العالمي للتنوع البيولوجي، الذي نظمته مديرية الصيد البحري بعنابة، ومؤسسة "بروبيوم"، غرفة الصيد البحري ومدرسة التكوين، مؤخرا، بمشاركة أساتذة جامعيين من العاصمة، عنابة والطارف، وحضور مدريات الصيد البحري وغرف الصيد البحري للولايات الشرقية، إلى جانب مهنيين وطلبة وجمعيات فاعلة في المجال البيئي، والوكالة الوطنية لتنمية الصيد البحري وتربية المائيات.
كشف حمدي بوعلام، الباحث والخبير في المدرسة الوطنية لعلوم البحار وتهيئة الساحل، خلال مداخلته، أن الجزائر تعاني بنسبة عالية من تلوث البحر وشواطئها، وهذا ينعكس سلبا على التنوع البيولوجي البحري وهلاك الثروة السمكية. يأتي ذلك، حسب ذات المصدر، من التلوث الناجم عن السفن التجارية والبترولية، التي تمر على حوض البحر المتوسط، إذ تأتي بمختلف الأنواع الغازية غير الأصلية والدخيلة على حوض المتوسط.
أشار الباحث بوعلام، إلى أن البحر الأبيض المتوسط يعاني من تلوث جديد، وهو تلوث البلاستيك، الذي يسبب خطرا كبيرا، خاصة مع الرمي العشوائي للأكياس والقارورات البلاستيكية، فهناك أطنان من البلاستيك أصبحت مجهرية، ومع تقلص حجمها، تزيد خطورتها على صحة سكان البحر المتوسط، خاصة ناحية الجزائر، التي لها حصة كبيرة في تربية المائيات ووفرة الأسماك بمختلف أنواعها، فهي تتغذى على جزيئات البلاستيك والأكياس القادمة من المصابات والوديان، التي تصب مباشرة في البحر.
لم يغفل محدثنا عن التأكيد، على أن الجزائر رقم واحد في استعمال البلاستيك، حيث يستهلك كل جزائري في العام 350 قارورة ماء معدني، يصل حجمها إلى لتر ونصف اللتر، ناهيك عن الاستعمال الخطير للأكياس السوداء عند اقتناء المستلزمات اليومية، حيث يدخل يوميا أكثر من 20 كيسا بلاستيكيا للبيت الجزائري.
وقد دعا بوعلام إلى منع استعمال الأكياس في المشتريات اليومية، مع وضع قوانين خاصة لترشيد الاستعمال العقلاني لهذه المواد، والحفاظ على التنوع البيولوجي البحري، مذكرا أن استهلاك ماء الحنفية لا يضر بالصحة، وتقليص اقتناء قارورات المياه المعدنية سيساهم في التقليل من معدل تلوث البحر، والحفاظ على وفرة الثروة السمكية.
من جهته، كشف دربال فريد، أستاذ جامعي بقسم البحار في جامعة "باجي مختار" بعنابة، وعضو في شبكة "بروبيوم"، عن الغزو الكبير لبعض الأسماك غير المحلية المتدفقة إلى حوض البحر المتوسط، خاصة على مستوى سواحل الجزائر، مثل السرطان الأزرق، الذي تكاثر ببحيرة المالحة في ولاية الطارف، وقد أصبح يهدد نشاط الصيادين خلال تعرض أشباكهم للتمزق، ناهيك عن أكله للأسماك الصغيرة، مثل "السردين".
كما أكد الأستاذ دربال، إمكانية وجود حل لهذا المشكل، من خلال إعادة النظر في القوانين الجزائرية وتليينها، بهدف السماح للصيادين، وحتى المواطنين، باصطياد هذه الأنواع الدخيلة من الأسماك، من أجل تعايش المواطن الجزائري مع هذا الغزو والتنوع البيولوجي المائي غير الأصلي، بالإضافة إلى الحفاظ على الثروة السمكية، خاصة منها الأسماك الزرقاء. كما عرجت الأستاذة وليا كاتي، بجامعة الطارف، في مداخلاتها، إلى التنوع البيولوجي البحري وأهميته في الحفاظ على الثروات البحرية.
من جهتها، قدمت الدكتورة سامية مساعدية، إطار بمديرية الصيد البحري في عنابة، حوصلة حول الأحجام التجارية الدنيا للأسماك، والنصوص القانونية المرجعية في هذا الشأن.
شاركت شبكة "بروبيوم"، الناشطة في حماية البيئة والتنوع البيولوجي البحري بعنابة، في اليوم الدراسي، من خلال عرض بعض نشاطاتها وحملاتها التحسيسية، التي تمحورت حول مخاطر التلوث الناجمة عن البلاستيك ورميه في البحر، كما تم تقديم فيديو علمي لخبراء في مجال البيولوجية البحرية، تم خلاله عرض عينات حول النفايات البلاستيكية في عرض البحر، لتحليلها ودراستها بخصوص مخاطر النفايات البلاستيكية، كما نظمت ذات الشبكة معرضا حول بحار ومحيطات من البلاستيك، سيستمر إلى 5 جوان القادم، بمدرسة التكوين التقني للصيد البحري بعنابة.
في الأخير، أجمع كل المشاركين في هذا اليوم الدراسي، على ضرورة تنظيم حملات تحسيسية دورية لفائدة مهنيي الصيد البحري، من صيادين وأصحاب السفن، للمحافظة على التنوع البيولوجي البحري، والعمل مع شركاء القطاع، خاصة مؤسسة تسيير الميناء، لخلق وحدات استرجاع وتدوير النفايات البلاستيكية المسترجعة من طرف البحارة وسفن الصيد.