فيما تشهد محلات الألبسة الشتوية حالة ترقُّب
التجار يستنجدون بمواقع التواصل لتصريف سلعهم
- 391
يعيش تجار الملابس والأحذية منذ حلول موسم الشتاء، حالة من الترقب ومتابعة الأحوال الجوية؛ أملا في تغير المناخ، وهطول بعض الأمطار لبيع بعض السلع الشتوية التي تكدست في المحلات؛ بسبب عزوف المواطنين عن اقتنائها بالنظر إلى الاستقرار المسجل في الجو. وإذا كان الفلاحون يستبشرون خيرا بعد أداء صلاة الاستسقاء، فإن التجار، أيضا، يأملون في تغير المناخ، وانخفاض درجات الحرارة حتى لا يتكبدون خسائر كبيرة، لا سيما أن موسم الشتاء لم يبق عن خروجه إلا القليل، ودخول موسم جديد لعرض سلع أخرى.
وقفت "المساء" خلال الجولة الاستطلاعية التي قادتها إلى بعض المحلات التجارية ببلديات الولاية؛ على غرار السوق الشعبي بساحة التوت بمدينة البلدية، وتلك المنتشرة عبر شوارع العفرون، على تكدّس السلع الشتوية على اختلاف أنواعها في المحلات. فرغم توفر كل أنواع السلع الشتوية؛ من معاطف وقفازات وكنزات صوفية وسراويل، إلا أنها ظلت تراوح مكانها بالنظر إلى قلة الطلب عليها.
وحسبما رصدت "المساء" على ألسنة بعض التجار، فإن الجزائر على غرار دول العالم، تعاني في السنوات الأخيرة من تأثيرات التغيرات المناخية التي جعلت موسم الشتاء يتأخر؛ الأمر الذي انعكس سلبا، على نشاطهم الذي لايزال يعمل وفق الطريقة المعتادة، والتي تقتضي اقتناء السلع الشتوية أواخر فصل الصيف، للشروع في بيعها مع بداية شهر أكتوبر، لتنتهي العملية، والدخول في موسم جديد مع نهاية شهر فيفري وبداية شهر مارس.
وحسبهم، فإن التغيرات المناخية دفعت ببعضهم إلى تغيير طريقة اقتناء السلع والاكتفاء بعرض كميات محدودة؛ حتى لا يكون حجم الخسارة كبيرا؛ لأن السلع التي لا تباع يتم إعادة تكديسها في المخازن؛ لعرضها في موسم شتوي مقبل مع احتمال ألا تباع إن ظهرت سلع جيدة.
التضحية بجزء من هامش الربح لتصريف السلع
وحسب التاجر "جمال. م« من العفرون، فإن تراجع موسم الشتاء جعل كل زبائنه يطلبون بعض أنواع السلع التي تقترب من تلك التي عادة ما يتم الترويج لها في موسم الربيع، مشيرا إلى أنه في ما يتعلق بالمعاطف، عرض ما كان لديه في المخزون الذي بقي من السنة الماضية، كاشفا أنه يحاول من خلال التحايل على السعر، إغراء الزبائن بالشراء حتى وإن كان هامش الربح قليلا.
وقال تاجر آخر مختص في بيع ملابس الأطفال، بأنه اغتنم فرصة بيع بعض الملابس الشتوية عقب الدخول المدرسي، وخلال الفترة التي تساقطت فيها الأمطار؛ حيث قام بتصريف جزء كبير من سلعته التي اشتراها، ولا يفكر مطلقا في إعادة جلب سلعة أخرى حتى وإن هطلت الأمطار؛ لأن موسم الشتاء لم يبق منه إلا القليل، وبالتالي فإن حجم الخسارة سيكون كبيرا؛ لذا قرر العودة إلى المخزون لبيع ما تبقّى من السنة الماضية؛ لأن عملية البيع لن تكون في المستوى حتى وإن تغير المناخ.
ومن جهته، أوضح تاجر آخر أن على مستوى ولاية البليدة التي تُعرف ببرودتها الشديدة خلال موسم الشتاء بسبب تهاطل الثلوج على جبال الشريعة، كانت تجارة الملابس والأفرشة الشتوية فيها من أنعش الأنشطة خلال موسم الشتاء، حتى يتم تسجيل نفاد بعض السلع التي يكثر عليها الطلب، خاصة تلك الموجهة للأطفال؛ مثل القفازات والمعاطف وحتى الأحذية الشتوية والأغطية والأفرشة، مردفا: "أما اليوم فنخشى من شراء السلع وتكديسها في المخازن؛ بسبب قلة الطلب"، مشيرا إلى أن التجار يقتنون كميات محدودة من السلع. وفي بعض الأحيان حسب الطلب؛ لضمان بيعها، والاعتماد، بشكل كبير، على مواقع التواصل الاجتماعي للترويج بأسعار تنافسية.
حلول استعجالية لإنقاذ الموسم
قال رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين حاج طاهر بولنوار في تصريحه لـ«المساء" ، بأن النشاط التجاري الخاص بالألبسة الشتوية وحتى الأغطية والأفرشة، سجل في السنوات الأخيرة، تراجعا كبيرا نتيجة التغيرات المناخية؛ حيث تم، حسبه، تسجيل بعض الشكاوى من تجار الألبسة الشتوية والمظلات والأحذية، الذين جهّزوا كميات كبيرة من السلع التي بقيت مكدَّسة.
وفي المقابل، اقترحت الجمعية على التجار، حسب المتحدث، للتقليل من حجم الخسائر المسجلة، اللجوء إلى التخفيضات على بعض القطع على حساب هامش الربح إلى غاية النصف؛ لإنقاذ الموسم. وقال أيضا: " طالبناهم كذلك بالاستفادة من مواسم البيع بالتخفيض، والبيع الترويجي؛ من خلال الاعتماد على التجار الذين يشاركون في بعض المعارض أو الأسواق الأسبوعية والجوارية؛ لتصريف جزء من المنتجات". ويضيف المتحدث: "الاعتماد على بعض التجار المتنقلين فرصة مهمة؛ لأن وزارة التجارة سمحت بممارسة التجارة المتنقلة"، لافتا إلى أن هذه بعض الحلول المقترحة لإنقاذ الموسم، والحفاظ على هامش الربح حتى وإن كان قليلا.
وحسب المتحدث، فإن صفحات التواصل الاجتماعي لعبت هي الأخرى، دورا هاما في التخفيف من حجم الخسارة عن بعض التجار الذين اعتمدوا على الترويج لسلعهم بأسعار تنافسية عبر بعض الصفحات؛ لتحفيز المواطنين على الشراء بأسعار مخفضة، لافتا إلى أن سوق الألبسة في الجزائر يحكمه موسمان؛ الموسم الصيفي الذي يعرف رواجا للألبسة الصيفية منذ بداية شهر مارس إلى غاية نهاية شهر أوت وبداية شهر سبتمبر. أما بالنسبة للموسم الثاني، فينطلق من شهر نوفمبر إلى غاية نهاية شهر فيفري، إلا أن السنوات الأخيرة ونتيجة التغيرات المناخية وشح الأمطار، جعلت ذهنية المستهلك تتغير؛ إذ يرفض اقتناء الملابس الشتوية هو الآخر لعدم حاجته إليها؛ الأمر الذي يحتّم على التجار ـ يختم المتحدث ـ "التكيّف مع التغيرات المناخية؛ للتخفيف من حجم الخسائر".