في اليوم العالمي للتطوع
الجزائر ترسم أسمى صور التضامن ضد الجائحة
- 1695
يأتي الاحتفال باليوم العالمي للتطوع، المصادف للخامس من شهر ديسمبر من كل سنة، والذي حددته الأمم المتحدة مناسبة عالمية ليثبت في ظل الظروف التي يعيشها العالم بأكمله، بفعل تفشي الوباء التاجي، بأنه تم على المستوى الفردي والجماعي صنع الحدث، على غرار ما قامت به الجمعيات الخيرية التي وقف أفرادها وجها لوجه أما الوباء، وهو ما عكسته الهبات التضامنية لمتطوعين دعما للفئات الفقيرة والمعوزة والهشة، لمكافحة جائحة ”كورنا” والتكفل بعمليات التعقيم، وتولي توزيع معدات الوقاية والحث على استخدامها.
شهد المجتمع الجزائري هبة تضامنية كبرى، منذ بداية تفشي وباء ”كورونا”، مطلع شهر مارس المنصرم، سواء على المستوى الفردي، من خلال إطلاق متطوعين لعدد من المبادرات الشخصية، همهم الوحيد في ذلك؛ تقديم يد المساعدة لخدمة غيرهم، كوضع أرقام هواتفهم أو سياراتهم لنقل المرضى أو توصيل الأدوية أو تلبية احتياجات المسنين، حتى لا يغادروا منازلهم، أو على المستوى الجماعي، من خلال الحملات التي تبنتها الجمعيات ممثلة في توزيع الكمامات والمعقمات، وحتى المستلزمات الغذائية على المحتاجين، من الذين ألحقت بهم الجائحة أزمة مالية، فضلا عن حملات التعقيم الواسعة والمساهمة في التوعية والتحسيس التي لا تزال مستمرة، حيث كان الهدف واحدا، وهو المساهمة من باب التطوع والحس العالي بالمسؤولية في محاربة الوباء، رغم خطورته على المطوعين في حد ذاتهم. حول أهمية العمل التطوعي في المجتمعات، أوضح الخبير التنموي الاجتماعي العربي فواز رطروط ”أن التطوع بنوعيه المنظم والفردي، على درجة كبيرة من الأهمية الاجتماعية والنفسية” موضحا في هذا السياق: ”اجتماعيا نجد المتطوعين يقدمون على تأسيس الجمعيات والمبادرات التطوعية، من باب استجابتهم لثقافتهم المجتمعية التي تدفعهم إلى فعل الخير وتعزيز التضامن، والتكافل الاجتماعي في مجتمعاتهم المحلية، وبحثهم عن المنافع المعنوية والمادية، مثل الشعور بالرضا عن الذات، الحصول على المكانة الاجتماعية أو تعزيزها، والحصول أيضا على الشهرة في أوساط المجتمع المحلي”.
مردفا هذا الصدد ”أما نفسيا، فإن ما يدفع المتطوعين إلى التطوع، هو الدافع الإيثاري ونتاجه مساعدة الآخرين، أو الدافع الأناني وحصيلته الحرص على المصلحة الخاصة وزيادة المعارف والمهارات، والحصول على التقدير أو الدفع الاجتماعي، وخلاصته البحث عن الاستثمارات الاجتماعية، وتكوين الصداقات، وهذه الدوافع قد تكون داخلية، كالبحث عن السعادة والفرص والتنشئة والإنجاز، أو خارجية كالحصول على الحوافز”. عن نوعية التطوع السائد في المجتمعات العربية، أوضح الخبير رطروط، بأن ”النمط السائد للتطوع في العالم العربي، هو التطوع المنظم من خلال الجمعيات، وليس التطوع الفردي من خلال المبادرات الشخصية. فالعرب ينخرطون في العمل التطوعي من خلال الجمعيات، على اعتبار أنه حق لهم كفلته دساتير بلدانهم بموجبه القانون”. مشيرا إلى أن ”الدراسات تؤكد مثلا، بأن الجزائر هي الأولى عربيا في مجال حصة السكان من الجمعيات مقاسة بنصيب كل 100 ألف نسمة من الجمعيات، وإلى أن لبنان هي الأولى عربيا في مجال استدامة الجمعيات، وإلى أن السودان هي الأولى عربيا في مجال تسجيل الجمعيات”.
أما حيال التطوع الفردي، فيكشف: ”في الدول العربية، فإن التطوع الفردي هو أسير الظروف والمناسبات، كهطول الثلوج الذي يتطلب تحريك المركبات المعرقلة للسير على الطرق الرئيسية، وغابات الأشجار التي تحتاج إلى تنظيفها من مخلفات المتنزهين، وتظهر بصورة كبيرة في الأيام العالمية المرتبطة بالبيئة، وهو غير مسجل رسميا، إلا في تونس والأمارات والسعودية، وغير موجه نحو الفرص التطوعية المتوفرة والمتاحة، وغير مستدام؛ كونه في غالب الأحيان ينتهي بانتهاء ظرفه الزماني والمكاني”. في السياق، يؤكد رطروط ”على ضرورة تنظيم التطوع الفردي في غالبية الدول العربية بموجب التشريع، على اعتبار أن ذلك ممارسة عالمية فضلى تتطلب نقلها إلى العالم العربي، واستجابة عملية للاستراتيجية العربية لتعزيز العمل التطوعي، ومنظما ذاتيا لجهود المواطنين في أوقات الأزمات، كأزمة جائحة ”كورونا”. فخلال مرحلة الحظر الشامل من هذه الأزمة، غاب عن المشهد في غالبية الدول العربية، دور المتطوعين في العمل التطوعي الفردي.