فيما وصفت بالواجب والداعم للقضية الفلسطينية

الجزائريون يواصلون مقاطعة المنتجات الممولة للكيان الصهيوني

الجزائريون يواصلون مقاطعة المنتجات الممولة للكيان الصهيوني
  • القراءات: 670
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تواصل العديد من العائلات الجزائرية، مقاطعتها لعدد من السلع والمنتجات من علامات تجارية أجنبية مدعمة للكيان الصهيوني، وجاءت هذه المقاطعة امتدادا للمقاطعة العالمية، التي دعت إليها مختلف الشعوب المؤيدة للقضية الفلسطينية، دعما لشعبها، خاصة لسكان قطاع غزة، الواقع تحت وحشية وإرهاب جيس الاحتلال الصهيوني، منذ حرب السابع أكتوبر الماضي، حيث تهدف المقاطعة، حسب مؤيديها، إلى الإضرار بمختلف العلامات والقطاعات التي تمد بيد العون لهذا المحتل الغاصب، ومحاولة التأثير على القوى الخارجية التي تزيدها قوة وطغيانا ضد الأبرياء، حيث تعود عائدات أرباحها إلى هذا الكيان الظالم.

ولمعرفة مدى تبني هذا السلوك، كان لـ«المساء"، جولة استطلاعية بين عدد من المحلات، للتقرب من الزبائن والتجار، كما كان لها حديث مع بعض الخبراء، لمعرفة الأثر الحقيقي للمقاطعة التي ينتهجها المواطن.

محطتنا الأولى كانت إحدى المساحات التجارية الكبرى بباب الزوار، حيث توجهنا إلى قسم المشروبات، واحد من أكثر الأقسام زيارة، بفعل الاستهلاك الواسع للمشروبات بأنواعها، من عصائر ومشروبات غازية، بحكم أنها جزء لا يتجزأ من المائدة، حيث أكد الكثير من المتسوقين مقاطعتهم لإحدى أكثر العلامات شهرة في المشروبات الغازية؛ "كوكا كولا" و"بيبسي كولا"، ومختلف فروعها الثانوية، كـ"فانتا" و"ميريندا" وغيرها، حيث أعرب هؤلاء عن تضامنهم مع الفلسطينيين، وعلى وجه الخصوص الغزاويين، موضحين أنه من المرفوض تماما منح الكيان الصهيوني ما يزيد في وحشيته، معتبرين أن عائدات تلك العلامات هي أسلحة ضد أطفال ونساء وشيوخ القطاع ومختلف سكانه، موضحين في حديثهم لـ"المساء"، أن عدم اقتنائهم تلك المشروبات لن يميتهم، إنما سيساهم في قتل الفلسطينيين بطريقة غير مباشرة.

وأكد آخرون في قسم مشتقات الحليب، دعمهم للقضية ومقاطعتهم للمنتجات، خاصة في قسم "الياغورت"، وهو أيضا تتعدد فيه العلامات التجارية الأجنبية، التي فتحت فروعا لها في الجزائر قبل سنوات، وكاد انتشارها أن يوهم المستهلك بأنها علامات محلية، مثلها مثل منتجات أخرى، وقد وقفنا على عدد من التخفيضات التي طبقها مسيرو المحل لبعض من تلك العلامات، التي ضلت مكدسة هناك، واقترب موعد انتهاء تاريخ صلاحيتها، وهو دليل على عدم اقتنائها من طرف المواطنين، حيث ذكر هؤلاء أن اليوم هناك بديل جيد يساعد على الإصرار في متابعة القضية، وليس هناك أي مانع لمقاطعة منتج معين أو صنف ما من تلك السلع.

رغم تضررهم.. تجار يؤيدون حملات المقاطعة

أشار عدد من التجار الذين حدثتهم "المساء"، إلى أنه منذ بداية المقاطعة إلى يومنا هذا، ازدادت حدة "المقاطعة" وسط المواطنين، خصوصا الشباب، الذين بات لديهم وعي كبير بعظمة القضية، لاسيما ما يتعلق بمقاطعتهم للمنتجات ذات الاستهلاك الواسع، خصوصا في ظل وجود البديل، وأوضح هؤلاء أنه رغم تضررهم بالمقاطعة "كتجار"، إلا أنهم يؤيدون هذه السياسة، كتعبير عن دعمهم للقضية الفلسطينية، وباتوا بدورهم يختارون ما يقتنون من تجار الجملة، تماشيا مع طلب الزبائن، حسبما أكده سمير، صاحب محل مواد تجميل بالعاصمة، الذي أقر أنه منذ بداية حرب السابع أكتوبر، انتشر الوعي حول القضية بشكل أوسع، الأمر الذي حتم على "المسلم" والواعي والإنساني، محاولة دعم القضية بأي طريقة كانت، حتى وإن كان بكلمة، موضحا أن ما يحدث في غزة اليوم، أقل ما يمكن تحمله بعيدا عن الحرب؛ مقاطعة المنتجات الداعمة للكيان، مشيرا بقوله: "هذا لن يضر بنا شيئا أمام ما يعانيه الفلسطينيون من ألم وقتل وتشريد وتنكيل"، مردفا :"رغم ذلك، لا يزالون مؤمنين ويجمعون قوتهم وتوحدهم لمجابهة الكيان الغاصب".

المقاطعة ساهمت في إفلاس بعض الشركات الداعمة

في هذا الصدد، أوضح كمال يويو، رئيس مكتب العاصمة لدى المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، أنه من بداية المقاطعة التي طالب بها العالم منذ بداية الحرب، عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، كانت أول خطوة يخطوها العالم الداعم للقضية الفلسطينية كحرب عن بعد، مفادها إضعاف الكيان وإسقاطه، مؤكدا أن المقاطعة أتت بثمارها وساهمت في إفلاس وإضعاف الكثير من الشركات الأجنبية الداعمة للجيش الصهيوني، موضحا: "في الجزائر تتواصل هذه المقاطعة، خاصة على المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، التي غزت الكثير منها السوق في وقت سابق، وعلى سبيل المثال، مشروبات "كوكا كولا" التي يعشقها الكثيرون، لقوة مذاقها، فقد نجح نفس محبيها في مقاطعتها، وكان ذلك خلال الشهر الفضيل، حيث كان استهلاكها واسعا وتختفي من الرفوف فور عرضها، في وقت سابق، إلا أن اليوم تراجع الكثيرون عن اقتنائها ووُجدت لها بدائل من الإنتاج المحلي، الذي قد يكون بنوعية أحسن، فقط يختلف في التسويق الضخم الذي منح لتلك الشركة الكبيرة والقديمة لكوكا كولا ..".

مقاطعة الصهاينة واجب على الأمة المسلمة..

من جهته، قال الإمام حمدي، من مديرية الشؤون الدينية والأوقاف، إن مقاطعة الكيان الصهيوني أكثر من واجب، وهو حق الفلسطينيين على باقي مسلمي العالم، مشيرا في حديثه لـ«المساء": "لا مشكلة لدينا مع اليهود، ولا اليهودية كديانة، فلهم دينهم ولا يؤثر مؤمنوهم على شيء من هذه القضية، إنما المشكل في الكيان الصهيوني والصهاينة كجيش غاشم وظالم، فلابد من مقاطعتهم ومحاصرتهم"، وأردف الإمام بقوله: "هذا يعد ضرورة دينية وقانونية، أمام هذا الإرهاب الذي يحاول بناء دولة ليست من حقه على حساب دولة قائمة، ويضرب عرض الحائط كل التعاليم الدينية، والقوانين الدولية وحتى الإنسانية، لم يترك أي وسيلة شنعاء لمحاربة ذوي حق من تلك الأرض، بل ومارس مختلف أشكال الإبادة والعنف والتهجير والقتل والاغتصاب بأبشع الصور التي لا يمكن حتى للعقل البشري أن يتقبلها".

وأضاف الإمام أن مجمع الفتاوى الإسلامية، أجمع على أن الجهاد لتحرير فلسطين أمر واجب، وبالرغم من أن الجهاد كفاية، إلا أنه اليوم يعد على المسلمين أجمعين، في ظل ما يحدث، فرض عين، ويتعين على كل واحد أن يجاهد في سبيل الله على حسب إمكانه وقدرته، فللمسلم البعيد واجب الجهاد ولو بالكلمة، أو بتقديم مساعدات مالية، وأقلها الجهاد بمقاطعة كل ما يمد الكيان الصهيوني قوة ويمول إمكاناته من السلاح والذخيرة واللباس، وغيرها من مستلزمات تقويها في هذه الحرب غير العادلة.

المقاطعة سياسة محررة للشعوب

على صعيد آخر، قال ياسين بن بركات، خبير اقتصاد وأستاذ في الاقتصاد الدولي، إن المقاطعة عبارة عن شن حرب دون سلاح، قوتها قد تمتد على المدى الطويل، أهميتها إضعاف ممولي الحرب، ومس نقاط قوتهم، وقطع كل ما يدعم ويمول ذخائر الحرب، وقال:"وإن كانت المقاطعة لا تظهر آثارها خلال أول يوم من الحرب، إلا أن نتائجها قد تكون قوية جدا، تؤثر بشكل كبير على مسار الحرب، بل ويمكنها أن تجعل الكثير من الشركات الداعمة تتراجع قبل الإفلاس، بل والإفلاس لأكثرها، غوصا في عملية الدعم".

وأكد بن بركات، أن سياسة المقاطعة ومقاطعة السلع الأجنبية، نوع من السياسات المساهمة في تحرر الشعوب، على حد تعبيره، حيث يقطع ذلك التبعية التي قد تعيشها الأمم في ظل منتجات واسعة الاستهلاك من طرف شعبها، والتي قد تجعلها تابعة لها اقتصاديا، ومرتبطة بها، ووقف استهلاكها سوف يساهم في توجيه الاستهلاك نحو المنتجات المحلية، بالتالي يشجع الإنتاج المحلي وهو ما سينمي بدوره الاقتصاد ككل.