الحياة تدب في جسد العاصمة من جديد

الحياة تدب في جسد العاصمة من جديد
  • القراءات: 1343 مرات
حنان. س حنان. س
بدأت الحركة  يدب مجددا في “مفاصل” الحياة اليومية للجزائريين بعد عطلة عيد الأضحى المبارك، بعد نشاط امتد على مدار الأسبوع المنصرم؛ من خلال  الحركة غير العادية التي عرفها المجتمع قبيل حلول المناسبة العظيمة، فالأسواق الشعبية كانت قد امتلأت عن آخرها بالزبائن ممن أرادوا التحضير لإحياء المناسبة، كما تقتضيه العادة المتوارَثة عن الأجيال.
نقاط بيع الخضر والفواكه عرفت هي الأخرى توافدا كبيرا من طرف أرباب الأسر لشراء حاجيات الأطباق التقليدية المميزة لعيد الأضحى، ومنها “الدوارة” و«البوزلوف” و«الشطيطحة” وغيرها من أطباق تقتضي خضرا بعينها، على نحو “القرعة” واللفت وحشيش الشوربة الذي كانت النسوة يتساءلن بينهن عن جهة شرائه؛ لأنه نضب في نقاط معتادة. وبالقرب من نفس الأسواق وعلى مدار أسبوع، كان يظهر جليا أن المناسبة تحتاج إلى طقوس معيّنة أخذ الجزائريون في التحضير لها، ومنها شحذ السكاكين؛ حيث اصطفت بالقـــــــــــرب مـــــن ســــــوق “كلوزال” بالجزائر الوسطى، طاولات جر تحمل آلات شحذ السكاكين التقليدية، وأخذ أصحابها لأنفسهم أمكنة بمداخل السوق ومخارجها لاستقطاب اهتمام الناس ممن توافدوا عليهم لذات الغرض. ولاحظ المار من هناك إقبال الناس على “المتخصصين” ممن اهتدى بعضهم إلى عرض خدمة إضافية، تنحصر في مجموعة متنوعة من أحجام السكاكين، فالأكيد أن المناسبة تزيد من إقبال الناس على هذا النوع من الخدمات.محلات ألبسة الأطفال كانت قبل أيام تشبه “مثلث برمودة” الشهير، الذي يبتلع من يقترب منه؛ حيث ابتلعت مدخرات الأسر، فالكثير من الأولياء وصلتنا شكاويهم من “احتراق” جيوبهم بسبب غلاء المعروضات، ولكنها شكاوى غير مؤسَّسة؛ لأنهم يشتكون ولكنهم يشترون وحال لسانهم يقول: “فقط من أجل أولادي”، وهو نفس اللسان الذي يشتكي من الازدحام على الطرقات بفعل الاكتظاظ الكبير الذي تعرفه الطرقات هذه الأيام والناس يسارعون الخطى ـ للالتحاق بذويهم من أجل تمضية عطلة العيد ـ سواء على الطرقات أو على خطوط سكة الحديد.. ففي المحطات “غاشي كبير” لا نراه إلا في عطل الأعياد الدينية التي تحددها الجهات الرسمية بيومين، ولكن المواطن الجزائري يضيف من نفسه يومين إلى ثلاثة أيام، طبعا ليحس بطعم المناسبة العظيمة، التي لا يمكنه أن يتركها تمر من غير توقيع شخصي من قِبله، خاصة بالنسبة للسواد الأعظم من الموظفين والعاملين بالقطاعات المختلفة ممن يسكنون بولايات مجاورة أو حتى داخلية وجنوبية أيضا عن العاصمة... وبعد كل هذا وذاك، بعد خمسة أيام أو ما يزيد من رحلة الكر والفر يستيقظ مجتمعنا على مظاهر أخرى، توحي بأنه بالفعل قد مرت مناسبة ما من هنا، فتركت آثارها واضحة تماما، مثلما كان استقبالها قبيل أيام جليا. في الأسواق لا تجد إلا بقايا سلع تركتها أيدي الزبائن؛ لأنها أقل جودة، ولكنها تصبح سلعة خمسة نجوم في ظل نقص التموين؛ “لأن الناس في عطلة”، مثلما يزعم الباعة، أو لأن الناس قد اشتروا كل شيء قبيل المناسبة الموعودة، ما جعل أسواق الجملة في حد ذاتها تعرف اضطرابا في حركة البيع والشراء..المحلات والدكاكين والمساحات التجارية تكون في الغالب موصدة خلال الأسبوع الذي يلي إحياء مناسبة دينية رغم أن نسبة كبيرة من الموظفين تلتحق بأماكن دوامها، إلا أن الغيابات تكون واضحة، سواء في أماكن العمل أو بالمواصلات، التي عادة ما تكون “فارغة” مقارنة بالاكتظاظ الملحوظ عليها قبيل المناسبة أو في سائر الأيام..وبالرغم من أن السلطات المعنية تقرر وتؤكد السير العادي للحياة التجارية بما يسمح للمواطن بالتزود بحاجياته، إلا أن الواقع يقر بعكس ذلك، فأنت عندما تقصد مساحة تجارية لا تجد فيها إلا ما تبقّى على الرفوف من سلع، مما يؤكد مرة أخرى أن تزويد المحلات لا يخضع إلا لطلب الزبون، الذي عادة ما يتزود بما يحتاج قبيل أي مناسبة؛ تفاديا لرحلات الذهاب والإياب والاصطدام بعدم توفر أي مادة، بل قل لحاجة في نفس يعقوب، والحاجة هنا قد تكون أوهاما في مخيلته أن السلع ستنفد من المحلات.. وعليه أن يتزود أكثر وأكثر!  تلك إذن صور الحياة اليومية بمجتمعنا قبيل وبعد أي مناسبة دينية، وبالأخص عيدي الفطر والأضحى المباركين، اللذين لا يمران مرور الكرام دون لمسات خاصة من طرف المواطنين بمجتمعنا..