يوم تحسيسي حول الورم الخبيث ببومرداس
الخوف من كلمة "سرطان" يؤخر التشخيص المبكر
- 796
نظمت نقطة الإصغاء لدار الشباب "سعيد سناني"، بالتنسيق مع عدة شركاء بمدينة بومرداس، مطلع الأسبوع الجاري، يوما تحسيسيا حول سرطان الثدي، بمناسبة "أكتوبر الوردي"، الشهر العالمي للتوعية والتشخيص حول هذا الداء الذي تزداد حالات الإصابة به وسط النساء، فيما يبقى التشخيص المبكر أهم خطوة تتخذ لإبعاد شبح الإصابة بهذا المرض، لاحظت "المساء" أثناء حديثها إلى نساء، على هامش التظاهرة، بأن التخوف من كلمة "سرطان" يبقى عاملا "يفرمل" التقدم الطوعي للتشخيص!
يتجدد الموعد السنوي خلال شهر أكتوبر، مع تظاهرات تحسيسية وتوعوية حول سرطان الثدي، مع تنظيم أيام كشف وتشخيص مبكر حول هذا الداء، الذي تشير الأرقام الرسمية، إلى أنه يسجل أزيد من 12 ألف حالة إصابة جديدة في الجزائر سنويا. وقد تبنت عدة جهات ضرورة الإعلام والتحسيس لمكافحة سرطان الثدي، خلال هذا الشهر العالمي، مثلما كان الشأن مع نقطة الإصغاء لدار الشباب بمدينة بومرداس، التي بادرت بتنظيم يوم للتشخيص المبكر، بالتنسيق مع جمعية "باب الأمل للطفولة والشباب"، وعدد من الأدباء المتخصصين. وقالت أمال كلاش، نفسانية بدار الشباب، إن كل حالة يشتبه الإصابة فيها، ترسل لإجراء فحوصات معمقة، حيث بادرت الدار إلى إجراء تعاقد مع 3 عيادات خاصة، للتكفل بمثل هذه الحالات بصفة مجانية، إحياء للشهر الوردي، فيما دعت رئيسة جمعية "باب الأمل"، سامية بن عزي، بالمناسبة، كافة النساء، لاسيما ما فوق سن الأربعين، إلى التقرب من المصالح المتخصصة، لإجراء فحص الأشعة، بهدف الوقاية من سرطان الثدي، وأضافت في تصريح لـ"المساء"، أن هذا الكشف المبكر يبقى أحسن طريقة لمكافحة هذا الداء، حيث أن تجربتها لسنوات متتالية في تنظيم أيام توعوية، بالتنسيق مع مختصين، أكسبها بعض الخبرة في مجال التعامل مع هذا الموضوع الحساس، ما جعلها تؤكد في المقابل، أمر تنامي الوعي لدى النساء بسرطان الثدي، وأهمية الفحص المبكر، لكن يبقى، حسبها، التردد عاملا مهما، يجعل عددا هاما من النساء يحجمن عن إجراء الفحوصات، حيث أرجعت المتحدثة الأسباب عموما إلى ضيق الأحوال المادية، والتخوف من أمر تأكيد الإصابة كذلك.
في السياق، تحدثت "المساء" إلى عدد من النساء اللواتي تقدمن مبكرا للتسجيل في القوائم الاسمية، من أجل الفحص المبكر، فقالت مواطنة (51 سنة) أنها تتقدم لأول مرة من أجل إجراء تشخيص مبكر لسرطان الثدي، والسبب اختصرته في كلمة "الخوف من الإصابة حقا". المتحدثة أبدت اطلاعا واسعا على الداء، لكنها لم تفكر في إجراء فحص متخصص، مخافة تأكيد إصابتها بالسرطان.. فالكلمة وحدها تكفي لتكون مرادفا للموت، كما تعتقد بأن أسعار الأشعة المتخصصة "الماموغرافيا" مبالغ فيها، تصل إلى 6 آلاف دينار، داعية أصحاب العيادات الخاصة إلى تبني أيام فحص مجانية، أو على الأقل تخفيض الأسعار مرة كل 6 أشهر، من أجل السماح لشريحة واسعة من النساء ذوات الدخل المحدود، بإجراء فحص متخصص، دون انتظار أكتوبر الوردي.
كذلك قالت مواطنة أخرى (51 سنة)، إنه لم يسبق لها وأن أجرت فحصا مبكرا حول سرطان الثدي، رغم وجود كتلة في ثديها الأيمن، تبين بعد الفحص الذي يعود إلى خمس سنوات، بوجود ورم ليفي، اعتقدت أنه مع الإنجاب والرضاعة سيزول، وأردفت: "ابنتي الصغرى تبلغ من العمر اليوم 6 سنوات، وعاد الوجع مجددا.. لكنني متخوفة فعلا من أن يكون سرطانا". قلنا لها بأن الدراسات بينت أنه مع الفحص المبكر، يمكن للحالات أن تشفى بنسبة كاملة، فقالت مرة أخرى: "كلمة سرطان فقط تسبب الموت البطيء".
وفي حالة أخرى، فإن كلمة سرطان قد سبتت الموت فعلا، حيث تحكي سامية بن عزي، حالة امرأة في 44 سنة من العمر، تابعتها شخصيا ضمن عمل تضامني لجمعيتها، حيث ذكرت أن إصابتها بسرطان الثدي كان سببا وراء استئصال الثدي الأيسر، ومع العلاج زال عنها الخطر، غير أن تطليق زوجها لها بعد العملية، جعلها تصاب بانهيار عصبي، سبب لها عودة الداء وانتشاره، ثم الوفاة، بينما في حالة أخرى ـ تضيف سامية- فإن زوجة، أم لأربعة أطفال، تخلى عنها زوجها بعد استئصال الثديين، بعد الإصابة بالداء الخبيث. مؤكدة أنه "لذلك فإن التحسيس حول سرطان الثدي موجه بالدرجة الأولى للنساء، لكن أيضا للمجتمع، حيث أن الإصابة بأنواع السرطان في تزايد مقلق"، وطالبت المتحدثة بأهمية تنسيق الجهود بين كل الجهات الفاعلة، لتعميق الوعي بأهمية اعتماد نمط معيشي صحي، معتبرة أن الدراسات العالمية بينت في هذا الشأن، بأن أسباب الإصابة بسرطان الثدي، تنحصر عموما في الامتناع عن الرضاعة الطبيعية، واستعمال وسائل منع الحمل والبدانة والنمط المعيشي العام الخاطئ، ناهيك عن تأخر التشخيص.. كلها عوامل تساهم في ارتفاع حالات الإصابة بسرطان الثدي، الذي يتسبب سنويا في وفاة نحو 4 آلاف امرأة في مجتمعنا.