تسبب "التوحد العرضي المكتسب"
الشاشات الإلكترونية والهواتف الذكية تتسبب في غباء أطفالنا
- 944
كشف الأخصائي النفساني لوناس لعلام، عن أن 400 حالة توحد مكتسب بسبب الشاشات الإلكترونية، سجلتها عيادته خلال عمله في استشارات نفسية على مدار عشر سنوات، بعدما كان هذا العدد لا يتعدى 30 حالة خلال السنة الأولى من عمله كرئيس مصلحة بمديرية التضامن الوطني لولاية البويرة، مشيرا إلى أن هذا المرض الذي بات يهدد أطفالنا، هو نتيجة للتعرض والاستعمال المفرط للأجهزة الإلكترونية، كالهواتف الذكية، التلفزيون ومختلف اللوحات الإلكترونية.
جاء هذا على هامش الندوة التي نظّمتها المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه مؤخرا، بمنتدى "المجاهد"، بمناسبة الكشف عن الخطوط العريضة للمنظمة في إنشاء هيئة وطنية، كخطوة أولى، ثم إفريقية لجمع أخصائيين في مجال علم النفس، وخبراء في الشاشات الإلكترونية ومدى تأثيرها على صحة أطفالنا العقلية والجسدية.
في هذا الخصوص، أوضح لعلام أن الأولياء اليوم يجهلون حجم الخطر المحدق بصحة الطفل، حيث يعد التعرض المستمر للشاشات الإلكترونية "اللاد" خطرا على عيون الأطفال وصحتهم النفسية، الأمر الذي خلق "عارضا جديدا"، وهو المعروف بـ«التوحد العرضي المكتسب"، وله نفس أعراض التوحد.
تتمثّل تلك الأعراض، حسب المتحدث، في تأخر في تطور المهارات اللفظية والحسابية والروتين اللفظي، أي تكرار المصطلحات، اضطراب السلوك، واضطراب في العلاقات الاجتماعية، مما يؤدي إلى تجنب الاتصال الجسدي مع الطرف الآخر، عدم الاستجابة للأصوات وعدم التفاعل مع اسمه في حال ناداه شخص من حوله.، ولا ينظر إلى الأشخاص في أعينهم، حيث تشعر خلال الحديث أن تفكيره مضطرب وغير مركز معك. كما أنه لا يبتسم ولا يتفاعل مع المؤثرات، فلا يبدي الحزن أو الفرح أو القلق، أي لا يتفاعل كالأشخاص العاديين.
يضيف لعلام أن المصابين بالتوحد المكتسب يعانون من فتور في المشاعر، حيث يعجزون في استعمال الأساليب اللفظية وغير اللفظية للتعبير. كما يمكن أن يتميّزوا بنوع من العنف تجاه الغير وفي التعامل مع الذات، ويقومون بحركات غريبة، مثل رفرفة اليدين، القهقهة بلا سبب، بعضهم يبدي حساسية مفرطة لبعض المثيرات الحسية، مع أنها مقبولة وهادئة، لكن لا تزعجهم مثيرات أخرى مع أنها صاخبة ومزعجة. كل هذا الأعراض هي نفس أعراض التوحد، لكن الفرق بينهما يقول الأخصائي "أن التوحد العرضي المكتسب بسبب تأثير أضواء الشاشات الإلكترونية، يمكن أن يختفي مباشرة بعد حماية الأطفال من التعرض لتلك الأضواء التي تسبب لهم اضطرابات نفسية، فالتوحد المرضي هو نتيجة لخلل في طفرة وراثية".
على صعيد آخر، قال كريم آيت مجاني، أخصائي في البصريات ورئيس جمعية "حذاري خطر الشاشات" التي تهدف إلى مساعدة التطور الفكري، أنه لابد اليوم من التحلي بسلوك واع تجاه أطفالنا، وحظر الاستعمال المفرط للشاشات الإلكترونية التي تهدد صحة أطفالنا على مستويين مهمين، وهي صحة العين والبصر والصحة النفسية التي أنشأت جيلا "غبيا" يجهل التواصل بالطريقة السليمة مع محيطه، وهذا سببه التأخر في التطوير الفكري والعقلي للفرد.
أشار المتحدث إلى أنه لابد من منع الأطفال من استعمال تلك الأجهزة دون سن ثلاثة أعوام، وهناك دول تعمل وفق تحذيرات المنظمة العالمية للصحة في منع استعمال الأجهزة الإلكترونية قبل سبع سنوات، لخطورة الضوء المنبعث منها، والذي يتسبب من جهة في إتلاف صحة البصر.
من جهة أخرى، تجذب اهتمام الطفل عن طريق تركيز "الضوء الأزرق"، لتجعل منه طفلا يعتمد على الجهاز للتواصل، كأنه تحت تأثير التنويم المغناطيسي.
قال المتحدث إن بعض رواد عالم الأطفال اليوم، سواء مصنعي الرسوم المتحركة، أو الأجهزة الإلكترونية، أو مصممي الألعاب الإلكترونية، يعتمدون على خدع علمية إلكترونية للتحكم في عقل الطفل وتركيزه، باستعمال ـ مثلا ـ اللون الأزرق ذو الإيحاءات الكبيرة لشد كافة تركيزه، فضلا عن ألوان صاخبة تؤثّر مباشرة على بصره، لهذا نلاحظ الحالة الهيستيرية التي يدخل فيها الطفل في حالة سحب الهاتف أو الشاشة الإلكترونية من يده، وهو دليل على التخدير الذي تسببه له في دماغه، يضيف الخبير.
في الأخير، جدد رئيس المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، نصائحه المتعلقة باختيار مصابيح الإنارة داخل البيت، التي تتوافق والمعايير الدولية الصحية المعمول بها. مشيرا إلى أن المصابيح التي يصلح استعمالها لصحة العين، سواء للأطفال أو الراشدين، لابد أن لا تتعدى 6500 كيلفن، موضحا أنه للأسف، لا تحوز الجزائر على جهاز لقياس صلاحية أجهزتنا من شاشات تلفزيون ولوحات رقمية وحتى هواتف نقالة، وعليه لابد أن يتحلى الأولياء بثقافة مراقبة الأطفال وتنشئتهم على ثقافة عدم الاستعمال المفرط لتلك الشاشات المضرة بالصحة، وليس منعهم جذريا من استعمالها دون استغلال مزاياها العديدة باعتبارها سلاحا ذو حدين.