في اليوم العالمي للشاي الموافق لـ10 ديسمبر

الشاي الصحراوي.. قصة عشق يتشاركها العاصميون

الشاي الصحراوي.. قصة عشق يتشاركها العاصميون
  • 1710
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تكاد لا تخلو الموائد الجزائرية من الشاي، أو كما يعرف بالشاي الصحراوي على وجه الخصوص، الذي أصبح مع مرور الزمن في الجزائر، ثقافة قائمة بحد ذاتها، لها ميزاتها وخصائصها، خلقت متذوقين لهذا المشروب الذي تهتم به العديد من الشعوب، لاسيما تلك التي لها تاريخ عريق وحضارة كبيرة، خصوصا دول غرب آسيا، ولعل الاهتمام الكبير به، دفع بمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، إلى تخصص يوم كامل كل سنة، يوافق 15 ديسمبر، للاحتفال بالشاي

يعد الشاي من المشروبات التي لا تتجزأ من ثقافة الاستهلاك الجزائري، فإلى جانب القهوة، يخلق الشاي في كل مرة نقاشا بين عشاق القهوة والشاي، لا يمكن الفصل بينهما، ولابد أن تكون من محبي تلك المشروبات، وقد تصل أحيانا النقاشات إلى من هو أقدم؛ الشاي أم القهوة. فحسب بعض المراجع، يتم الحديث عن وجود القهوة في الجزائر منذ القرن 16، حسب كتاب تاريخ الساحل البربري وقراصنته للأب الفرنسي بيير دان، الذي ذكر أن سكان الجزائر كانوا يشربون القهوة آنذاك، خلال الوجود العثماني، لكن قبل ذلك، دخل الشاي إلى الجزائر من الحدود الغربية، عن طريق المغرب، من خلال سفن تجارية بريطانية، اقتصر استهلاكه على العائلات الثرية، لينتشر مع مرور السنوات عبر ربوع البلاد، ويتوفر في مختلف البيوت.

فحسب ذات الكتب، وجد الشاي عشاقه في جنوب الجزائر، بينما وجدت القهوة ركيزتها في المدن الساحلية، وحدث الانقسام بين الشمال والجنوب فيما يتعلق بالقهوة والشاي، يترجمه ذلك البعد التاريخي، ويمكن ملاحظة هذا الأمر عند زيارة الشمال الجزائري ومقارنته بعائلات من الجنوب، حيث يكثر استهلاك الشاي في المناطق الجنوبية، بينما تهيمن القهوة على ذائقة أهل الشمال، الذين يفضلونها في المقام الأول على الشاي، لكن هذا لا يعني أن سكان الساحل الجزائري لا يشربون الشاي. تساؤل حملته "المساء" لسكان العاصمة، واحدة من الولايات الساحلية التي تشهد عددا كبيرا من محلات بيع الشاي، والتي أصبحت تنافس وبشدة المقاهي، تتسم بالديكور الصحراوي؛ من الزرابي والحصير، بألوانها الترابية التي توحي برمال الصحراء وكثبانها، يعرض أصحابها أنواعا مختلفة من المكسرات التي تتماشى جيدا مع ذوق الشاي، إلى جانب عدد متنوع من الحلويات المعسلة، التي تزيد قعدة الشاي حلاوة ..

في هذا الصدد، حدثنا لخضر من ولاية أدرار، وصاحب محل لبيع الشاي الصحراوي بالعاصمة، الذي أكد أن الإقبال على استهلاك الشاي زاد خلال السنوات الأخيرة، وأكثر من يقبل عليه الشباب، الذين يستهلك بعضهم أكواب الشاي بصفة يومية، ليجد هذا المشروب عشاقه بين مختلف الأوساط، حتى محبي القهوة، فلدى البعض منهم تقليد احتساء الشاي الصحراوي على الأقل مرتين في الأسبوع. وأوضح المتحدث أنه يعتبر شرب كوبين من الشاي لدى البعض، الحد الأدنى من الكمية التي يتم احتساؤها، أما في أماكن أخرى، وخاصة في بلاد الطوارق، فيكون الحد الأدنى هو 3 أكواب من الشاي المركز، حدته تكون تدريجية من الكوب الأول إلى الأخير، بحيث يطغى الذوق الحاد على الكوب الأول، ولأجل تناول شاي بذوق عتيق، تضاف إليه أوراق النعناع الطازج، تسافر بمتذوقه إلى عمق الصحراء الجزائرية.

وإذا كانت القهوة مشروب التركيز واليقظة، فأن الشاي يوصف بمشروب الاسترخاء ولقاء الأصدقاء، يكفي الاستمتاع بذوقه خلال التجمعات والسهرات، هذا ما كشف عنه عدد من عشاق الشاي، اللذين أكدوا أنه لا يمكن أن يمضي يوما دون الاستمتاع برشفات الشاي الصحراوي، الذي أصبح يحضر على الطريقة الأصلية والأصيلة، من طرف شباب حملوا رحالهم من الصحراء نحو ولايات ساحلية، للمكوث فيها والاسترزاق هناك.