تقاليد راسخة احتفالا بحلول السنة الهجرية

"الشخشوخة" و"البربوشة" زينة موائد الشرق

"الشخشوخة" و"البربوشة" زينة موائد الشرق
  • القراءات: 382 مرات
آسيا عوفي آسيا عوفي

يعتبر شهر محرم  من أفضل الأشهر الهجرية، ومن الأشهر الأربعة المحرمة، وكعاداتها، لا تفوت الأسر الجزائرية الاحتفال بهذا اليوم، وهو ما وجدناه من تقاليد وعادات راسخة لدى سكان الشرق الجزائري في برج بوعريريج، ميلة وسطيف، بلمّ شمل الأسرة على موائد تقليدية مميزة، احتفاء وتيمنا بعالم مليء بالخير.
يكتسي الاحتفال بليلة أول محرم، طابعا خاصا ومميزا لدى سكان الولايات الثلاث المذكورة، حيث تشرع النسوة في تحضير ما لذ وطاب من المأكولات، ولعل أبرز طبق رئيسي في هذه المناسبة، لدى العائلات البرايجية، الميلية والسطايفية؛ "الشخشوخة" أو "التريدة" أو الكسكسي، أو ما يعرف لدى سكان الشرق باسم "البربوشة" باللحم، ومختلف أنواع الخضر، وتعمد أغلب العائلات على تحضيرها بلحم العيد، تبركا بها، فمنها من تستعمله على شكل "قديد" مملح بالطريقة التقليدية، أو بالطريقة العصرية، بوضعه في المجمد واستخراجه في هذه اليوم المبارك.

عادات كثيرة اندثرت

تأسف العديد من الذين التقت بهم "المساء"، عن اندثار العديد من التقاليد التي كانت تلازم إحياء ليلة أول محرم، في ظل تسارع وتيرة الحياة ومشاغلها، التي دفعت بعديد العائلات إلى التخلي عن هذه العادات، وقالت السيدة لويزة، إنها لا تفوت أي مناسبة دينية للاحتفال بها على طريقة الأجداد، حيث تقصد السوق قبل المناسبة، لشراء مستلزمات القدر أو المكسرات والحلوى والشكولاطة، التي تقوم بإفراغها على رأس طفل صغير، لتكون أيامه حلوة، وعبرت عن تخوفها من زوال هذه العادات، خاصة عندما لا تكون في الأسرة "كبيرة الدار".
من جهتها الحاجة صليحة، أكدت أن إحياء رأس السنة الهجرية، لها تقاليدها وعاداتها التي لم تعد تمارس اليوم، كذهاب النساء إلى الحقول لقطف عدة أنواع من الخضار، منها البسباس، مضيفة أن الجدات تنصح السيدات بتفادي تحضير "البغرير" في هذا اليوم، حتى لا تكون أيام السنة مغرفة، وهو ما تجهله بنات اليوم، كما تنصحهن بتحضير المسمن أو "المفرمسة"، حتى تكون أيام السنة خفيفة، أما فيما يتعلق بالكسكسي أو "البروبوشة"، فيتم تحضيره، وعدم إقفال الكسكاس حتى لا يكون العام مقفولا.

لا يقتصر الاحتفال على الأكلات

وإن كان رأي النساء في إحياء رأس السنة الهجرة، بالتحضير له وإعداد ما لذ وطاب من الأكلات، فللرجال رأي آخر، وهو ما أكده لنا السيد منير، الذي قال إنه لا ينكر بأن رأس السنة الهجرية مناسبة دينية عظيمة، لكن في نظره أن العائلات الجزائرية أصبحت تهتم بتحضير الأكلات في هذه الليلة، أكثر من الاحتفال بها كشعيرة دينية، وهو يفضل أن يحتفل هذه الليلة بالصوم وقراءة القرآن، أما السيد نبيل، فأكد أنه لا يكترث لبعض العادات، كإفراغ الحلوى على رأس الصغير وغيرها، وأهم عادة في إحياء الليلة؛ لمّ شمل الأسرة على مائدة العشاء والسهر مع البعض إلى الساعات الأولى من صبيحة اليوم الثاني.

"ثيمشرط" عادات راسخة بالجهة الشمالية

ينتظر سكان قرى الجهة الشمالية، على غرار الجعافرة، الماين وتفرق بولاية برج بوعريريج وبني ورتيلان وبوعنداس وآيت نوال مزادة وقنزات بولاية سطيف، اقتراب حلول أي مناسبة دينية لإحياء عادة "ثيمشرط"، أو ما يعرف بـ«الوزيعة"، التي يعرفها الصغير والكبير ويحرصون على إقامتها بكل طقوسها وتفاصيلها الدقيقة دون كلل أو ملل، حيث قبل نحر المواشي، يسجل كل أبناء القرية أسماءهم للاستفادة من حصتهم المجانية من لحم "الوزيعة"، من خلال وضع اسم رب العائلة مع عدد الأبناء والبنات، وبعد عملية النحر، يتم وضع فراش من البلاستيك على الأرض، وعليه كميات اللحوم، تمهيدا لتوزيعها على الذين تم تسجيل أسمائهم، مهما بلغ عددهم، وهنا يكون الكل سواسية، وهي فرصة أيضا لمحو أشكال التفرقة والتعصب والطبقية بين شرائح المجتمع، وتعكف النسوة على إعداد طبق "السكسو" أو الكسكسي بلحم "الوزيعة"، إحياء لليلة رأس السنة الهجرية، حفاظا على التاريخ العريق، تجد سكان هذه المناطق يحيون المناسبة، بارتداء اللباس التقليدي المتمثل في الجبة القبائلية والبرنوس القبائلي.