الإمام عبد الرشيد بوبكري:
"العقيقة والتسمية الحسنة" أولى بر الآباء بأبنائهم
- 679
شدد عبد الرشيد بوبكري، إمام مسجد، على أن مفهوم بر الآباء للأبناء يختفي تماما في قاموس بعض الآباء، الذين تخلوا على مسؤوليتهم في تربية أطفالهم، وبالرغم من أهميتها، بات الكثير يهمشها أمام طغاء مفهوم بر الأبناء لآبائهم، يضيف: "إنها في حقيقة الأمر بر الأبناء للآباء مستقبلا، هو ثمرة تلك التربية، وسوف تعود على الآباء، حسبما تلقاه الطفل من تربية من والديه منذ الأيام الأولى من حياته".
أوضح الإمام بوبكري، أن التربية مسؤولية كبيرة، والأطفال أمانة عظيمة من عند الله تعالى، ولابد من الإحسان إليها، ويتم ذلك من خلال التربية الحسنة، يقول: "التربية ليست فقط العناية بالطفل وتقديم ما يحتاج إليه من أكل وشرب وتعليم أكاديمي، بل التربية أسمي من ذلك، وأهم بكثير من مجرد تعاملات حول تقديم الأكل والشرب". مشيرا إلى أن اهتمام بعض الآباء بتفاصيل الحياة اليومية، ومشاغلهم وعملهم وانشغالاتهم العملية، تجعلهم يفرطون في مهمتهم الأساسية، فالزواج والتفكير في بناء عائلة وأسرة جيدة، هو التفكير في كيفية تربية الأطفال، كأولوية من أولويات التخطيط لنجاح الأسرة.
أوضح الإمام بوبكري، أن الرسول عليه الصلاة والسلام، شدد في الكثير من الأحاديث إلى حسن تربية الأطفال في تعليمهم وتأديبهم واللعب معهم، وتقديم العاطفة وزرع الثقة فيهم، والتربية على العفة وتحقيق الأمن، وحتى العدل بين الإخوة، مشيرا إلى أن الإسلام واضح حيال أهمية بر الآباء بالأطفال، مؤكدا أنه لا يجب أبدا أن يطغى مفهوم بر الأبناء فقط على بر الآباء، موضحا أنهما مفهومان يتماشيان مع بعض.
أكد الإمام أن التربية تبدأ منذ الساعات الأولى من ميلاد الطفل، تكون بتأدية سنة "العقيقة"، التي هي عبارة عن صدقة يؤديها الوالدان للطفل، وتكون خلال أيامه الأولى، بذبح شاة للبنت وشاتين للولد على قدر المستطاع، موضحا أن آباء اليوم يتخلون على الكثير من تلك العادات والسنن، التي لها حكمة وجمال قد لا ندركه حينها، موضحا أنه من السنن المهجورة كذلك، حلق شعر الطفل ووزنه، ثم التصدق بمقداره من الذهب أو الفضة، وكلها من السنن التي كان أجدادنا إلى وقت مضى، يحرصون على تأديتها بشدة.
أضاف بوبكري، أن ثاني أمر لابد أن يقوم به الأولياء، كنوع من البر لأبنائهم، هي حسن اختيار الإسم، فالإسلام يعنى كثيرا بأمر تحسين اسم الطفل ويليه عناية خاصة، وإدراك ضرورة اختيار الإسم بعناية فائقة، ويكون خلال اليوم الأول أو حتى السابع، فهي الأسماء التي نحملها إلى يوم القيامة، كما أنها أسماء تنعكس على شخصية الطفل مع السنوات، يقول عبد الرشيد بوبكري: "فكلما أدرك ذلك الآباء، كلما أحسنوا تسمية الطفل، وأحسن الأسماء ما عبد وما حمد".
فالتربية الحسنة، هي ما نعني به بر الآباء للأبناء، يضيف الإمام، فالأبناء أمانة من الله لابد من حسن تربيتها، فالوعي بذلك ضرورة، من خلال تقديم الطفل الرعاية وتعليمه الأسس الصحيحة للحياة، خاصة الحرص على التربية المستمرة التي تعني بها، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باستمرار، والدعوة لما هو جيد والنهي عن ما هو باطل، كالأمر بالصلاة يوميا والحرص على أن يؤديها الطفل في وقتها، والتربية على العقيدة، وحب الخير، وتنظيف النفس، وتطهير الروح من خلال حسن المعاملة مع الناس، موضحا أن التربية ليست فقط حث الطفل على الدراسة، وتحصيل النتائج الجيدة، وسؤاله يوميا، عما إذا نجح في تأدية فروضه واختباراته، بل سؤاله على كل التفاصيل الأخرى، والإحسان إليه، والإنصاف بينه وبين إخواته، وغيرها من التفاصيل التي قد نمررها ونستهين بها، إلا أنها تسيء أخلاق الطفل عند كبره.
في الأخير، حذر الإمام من تربية "الدلع" والإفراط في دلال الطفل، موضحا أن جيل اليوم، يعتمد كثيرا على هذا الأسلوب في التربية، بالرغم من أنه خاطئ، فاعتقاد الآباء أن تدليل الطفل ومنحه كل ما يرغب فيه، ويتم غض النضر عن تصرفاته المشينة والسيئة، في إطار دلع الطفل، هو أكبر ما قد يسيء للتربية المستقبلية للفرد، ويحوله إلى إنسان أناني وتافه، لا معايير لديه للتفرقة بين الصح والخطأ.