بحثا عن راحتها اليومية

الفتاة العصرية تتخلى عن الكعب العالي

الفتاة العصرية تتخلى عن الكعب العالي
  • 964
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تخلت الكثير من النساء والفتيات خلال الآونة الأخيرة، عن أحد أهم المعايير التي تعكس الأنوثة، وهي الكعب العالي، تلك الأحذية التي تُحول الطلة من بسيطة وعملية، إلى راقية وأنيقة، متكاملة بين الجمال والأنوثة، حتى وإن كان ذلك على حساب راحة مرتديته، إلا أن الحياة العملية اليوم يبدو، أنها تفرض منطقا مغايرا لتلك المعايير التي كانت تتسم بها المرأة من قبل، لإظهار قوامها الرشيق، إذ جعلتها تتخلى عن الكعب العالي، وتفر إلى الأحذية المريحة للقدم والعمود الفقري، من أجل راحتها اليومية.

ارتداء حذاء بالكعب العالي من أحد رموز الأنوثة والجمال والأناقة للنساء حول العالم، تتفنن دور الأزياء العالمية والشهيرة في تصميم موديلات مختلفة الألوان والتفاصيل منه، أصبح البعض منها بمثابة "أيقونة" الجمال، وخاصة الأنوثة، وبمجرد ذكر اسمها، يغوص مباشرة تفكير عاشقات الموضة، خاصة هذا "الأكسيسوار" في عالم الأناقة والجمال برقة متفانية.

وإلى وقت غير بعيد، كانت تتميز النساء عن الرجال في الأحذية، من خلال الكعب العالي، وكانت المرأة لا ترتدي سوى هذه القطع بكعب مختلف طوله، لإطلالتها اليومية، أو المناسباتية، أاو حتى العملية، ولم يكن للمرأة الكثير من الخيارات في هذا الباب، بل كان ارتداء حذاء بكعب أمرا منطقيا، ولا خيار أمامه لارتداء حذاء آخر.

ورغم جمال تلك الأحذية وأناقتها، وإعطائها طلة أنوثية سحرية، إلا أن لتك الأحذية جانبها المظلم، الذي حذر منه مختصون في الصحة، نظرا لخطورتها على العظام والمفاصل، الأمر الذي دفع بالكثيرات إلى التخلي عنها، والبحث عن البديل، حفاظا على الصحة وتفاديا لأية إصابات قد تضر بالظهر أو الرجل أو جزء آخر من الجسم.

وكثيرا هي المقالات التي تناولت مواضيع متعلقة بالكعب العالي، ومدى سلامته على الجسم، هذا المعيار الجمالي الذي تخلت عنه كثيرا فتاة اليوم، وأخذ محله حذاء "أكثر أريحية"، دفع هذا الواقع إلى بحث دور تصاميم الأزياء إلى مواكبة الموضة، من خلال ابتكار تصاميم أحذية عملية، ومحاولة إعطائها لمسة أنثوية، حتى لا تفقد الفتاة شغف ارتداء مثل هكذا أحذية، أو دفعها إلى ارتداء كعب عال قد لا يريح قدميها أو أنه يضر بصحتها.

وفي عالم الموضة، تتداول كثيرا عبارة "يمكن العذاب في سبيل الجمال"، وهذا يقصد به رواد هذا العالم، أن للجمال ثمن، وإذا أرادت المرأة أن تبدو في كامل أناقتها أو جمالها، فقد يكلفها الأمر راحتها أو يسبب لها آلاما متفاوتة، مثلا عند إزالة الشعر الزائد، أو عند شد الجسم لإعطائه انحناءات جميلة، أو حتى ارتداء حذاء بكعب بارز رقيق، يصعب المشي به، ويجعل القدمين محمولتين على كعبين أحيانا كالمسامير في الدقة.

حول هذا الموضوع، كان لـ"المساء"، استطلاع بين عدد من النساء والفتيات في العاصمة، للبحث في مدى ارتباط الأنوثة بالكعب العالي، بداية شد انتباهنا التراجع "الكبير" في ارتداء الأحذية بكعب متوسط أو عال، غالبية من حدثناهن أو بالأحرى تقريبا جميعهن، كن يرتدين أحذية دون كعب تماما، متنوعة بين أحذية رياضية، نعال وصندل، بالرغم من تصاميمها الحديثة والجميلة والعصرية، إلا أن ليس بها أي كعب.

بداية، كان لنا حديث مع مجموعة من الصديقات، طالبات جامعيات، جميعهن كن يرتدين الحذاء الرياضي، مع تنانير أو سراويل، أكدن أنهن يشعرن براحة أكبر في ارتداء هذا النوع من الأحذية، رغم عشقهن للحذاء بالكعب العالي، حيث أشارت إحداهن في حديثها، إلى أن تخلي المرأة عن الحذاء الذي يعكس "أنوثتها" راجع إلى الحياة العملية التي تخوضها، وطبيعة مسارها اليومي، خاصة إذا ما كانت تستعين بوسائل النقل العمومية للتنقل، فارتداء الكعب العالي سوف يجعل خطواتها بطيئة ومتعبة، خاصة عند محاولتها التوفيق بين جميع ما لديها من مهام يومية، وعليه باتت تفضل الأحذية المريحة، وكلما كانت خفيفة وبسيطة في كعبها، كلما كانت أكثر راحة للمشي وسلامة للقدمين.

من جهة أخرى، قالت صورية، عاملة في بنك بالعاصمة، إن طبيعة عملها تحتم عليها واقع ارتداء الكعب العالي في عملها، وبحكم تعاملها مع زبائن وعملاء البنك يوميا، فلابد عليها البقاء على طلتها الرسمية يوميا، مشيرة إلى أن هذا الأمر جعلها تعاني من التعب الشديد على مستوى قدميها في كل عشية، عند دخولها البيت، هذا ما دفعها إلى البحث عن سبيل لتخفيف تلك الآلام، من خلال أخذ حذاء آخر في حقيبتها وإخفاء نعل في المكتب، هذا الأخير ترتديه وراء مكتبها خفية، وبعيدا عن أنظار الزبائن، في حين أن حذائها الرياضي ترتديه مباشرة عند انتهاء دوامها، لتحط الكعب العالي في حقيبة يدها، وترتدي الحذاء الرياضي أو الصندل، وفق لباسها اليومي، ولقيادة سيارتها بكل راحة دون الشعور بنفس الألم إلى حين بلوغ المنزل.

أما وهيبة، عاملة في إدارة بمصلحة الضرائب، فقالت بأن طبيعة عملها مختلفة، فهي تتنقل بين المكتب وخارجه كثيرا خلال اليوم، الأمر الذي يجعلها دائما تبحث عن أكثر الأحذية "راحة"، وبحكم نوعية عملها المتعبة، فهي تحاول تخفيف الإرهاق على قدميها من خلال اقتناء أحذية طبية مريحة.

بينما هند، ممرضة، فأكدت أنها لم تعد ترتدي الأحذية ذات الكعب العالي إلا خلال المناسبات والأعراس، مشيرة إلى أنه رغم جمالها ومنحها المرأة أناقة خاصة، إلا أنها غير مريحة، ولا يمكنها أن تتوافق مع الحياة اليومية، خصوصا للمرأة التي لا تملك سيارة، وتكون مجبرة على المشي أحيانا لمسافات طويلة من أجل بلوغ عملها، أو لاستعمال وسائل النقل التي تتحتم عليها أحيانا البقاء واقفة طيلة الطريق، فكل هذا يتعبها ويسبب لها آلاما حادة على مستوى القدمين، وأضافت أن المرأة اليوم تبحث عن ما يريحها ويسهل عليها تأدية مهامها اليومية، خصوصا للمرأة العاملة، التي تتسارع مع الوقت للتوفيق بين ما ليدها من عمل خارج البيت، ومهامها داخل المنزل وإزاء عائلتها أيضا.