ظاهرة استهجنها المجتمع ويروج لها بعض المؤثرين
القمار يغزو مواقع التواصل الاجتماعي
- 261
انتشرت خلال هذه الأيام، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، "انستغرام" و«فيسبوك"، ظاهرة غريبة ومستهجنة لدى الجزائريين، وهي لعب "القمار"، في ظاهرة دخيلة، لا سوابق لها وسط شبابنا، من خلال الترويج لشركة "رقمية" مختصة في هذه الألعاب، من قبل بعض المؤثرين، إذ يتم الانضمام إليها، من خلال وضع مبلغ من المال تحت تصرف شخص ثانٍ أو ثالث والمخاطرة به، من خلال توقع نتيجة أو لعب لعبة، الرابح يأخذ المال، أما الخاسر فيضيع كل ما وضع تحت تصرف الطرف الآخر.
وبرزت هذه الظاهرة قبل أسبوع، بعدما نشر بعض المؤثرين عبر "ستوريات" في صفحاتهم، مستغلين ملايين المتابعين لهم، حول كيفية المشاركة في تلك الألعاب، مستغلين بذلك عشق الجزائريين لكرة القدم، من أجل اللعب والتخمين للفريق الرابح، وبذلك يكون المشارك على استعداد للمخاطرة بشيء ذي قيمة، على أمل كسب شيء ذي قيمة أكبر، والعلاقة الوطيدة بين هؤلاء المؤثرين والشركة الرقمية، تتجلى من خلال ما ينشره هؤلاء بما يعرف بالرمز الترويجي للمؤثر، والذي يمنح تخفيضا لكل راغب في ولوج تلك المنصات الخاصة بالمقامرة.
في هذا الصدد، حدثنا موسى فرزاني، تقني سامي في الإعلام الآلي، ومبرمج كمبيوتر، الذي اطلع على هذا النوع من التطبيقات التي لا تعد وليدة الساعة، حيث قال: "هذا التفكير الغريب، شهدته بعض الدول العربية قبل سنوات، في مصر والمغرب بالتحديد، وروج لتلك العملية، بين الشباب هناك، من خلال شبكة رقمية، كلما توسع الانضمام إليها، كلما ارتفعت أرباح تلك الشركات، وبذلك تبنت تلك الشركات الرقمية استراتيجية للترويج لنفسها، من خلال استغلال الشباب والدفع لهم مقابل استقطاب أكبر عدد من الشباب"، وأضاف أن هؤلاء أسهل سبيل وجدوه، هو استغلال بعض الأوجه التي لها متتبعين عبر صفحات مواقع التواصل، من أجل إغرائهم وحثهم على المشاركة وربح المال.
وانتقلت قبل أيام "الاستراتيجية الخبيثة" لتلك التطبيقات الرقمية، على حد تعبير محدثنا، حدود الجزائر، وروج لها شباب يطلقون على نفسهم اسم مؤثرين، بسبب عدد متابعيهم، فكاهيين وغيرهم، ينشرون عبر ستوريات، الخطوات الواجب اتباعها للانضمام إلى تلك الألعاب.
وأوضح فرزاني، أنه إلى جانب تلك الألعاب التي يستخف بها الكثيرون، دون وعي، أو خبثا، تضرب بالكثير من مبادئ دولتنا، تمس بالاقتصاد من جهة، وبالتعاليم الإسلامية من جهة أخرى، وتمس بقيم مجتمعنا عامة، مشددا على أن تلك الألعاب في حقيقة الأمر، تعمل على إفراغ العملة الصعبة من السوق، بمساعدة تطبيقات تحميل العملة، ونقلها واستغلال ذلك لدفع مقابل تلك العمليات للقمار، وهذا ما سيرفع الطلب على العملة الصعبة بشدة. وبكلمة "تميزي"، يقول موسى فرزاني، يتم الترويج للعبة القمار، والتي هي كلمة لاتينية، تعني الرهان على، ومبدأ العملية يضيف، أن كل منخرط بالرمز الترويجي للمؤثر، يبدأ بعملية الرهان على فرق رياضية، وعند كل خسارة مشارك، يأخذ المؤثر الذي ساعده على الانخراط نسبة 25 بالمائة من المبلغ الذي تم المخاطرة به.
الوقوع في شراك 100 أورو
أضاف المتحدث، أن حيلة الشركة الرقمية تكون من خلال إعطاء المنخرط، فرصة المشاركة أول مرة مجانا، يضيف محدثنا، تنطلق مثلا بمبلغ 100 أورو، إذا خسر الشخص يستعيد ماله، بشرط أن يعيد المراهنة به مرة أخرى، إلى أن يفقد ماله في محاولة أخرى، حتى أن يدمن الشخص على الأمر ويعتاد على العملية، لاسيما إذا ذاق طعم الفوز مرة واحدة.
يقول التقني السامي، إن الخطير في ذلك ليست خسارة 100 أورو فقط، وإنما خسارة 100 أورو أضعاف المرات، حسب عدد المشاركين في اليوم الواحد، وبذلك يأخذ المؤثر المروج للعب، 25 بالمائة من كل تلك الخسارة، دون مبلغ "الإشهار" الذي أخذه في مرحلة أولى.
القمار حرام
قال محمد فوزي بن سايح، إمام مسجد، إنه لا نقاش في تحريم القمار، وهو أمر واضح في ديننا الحنيف، لقول الله تعالى:« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ"، مشيرا إلى أن هذا العمل له آثار عظيمة على المجتمعات، أخطرها إدمان الشخص عليه، وتعريض ما لديه من مال وخيرات للخسارة تحت اسم "الرهان"، وكم من عائلة تتحطم بسبب إدمان وليها على هذه الأعمال، ويتشرد أطفالهم وتُخرب بيوتهم بسبب تلك العملية التي لا نفع فيها، وكل روادها ما هم إلا لصوص سارقون ومحتالون، يأخذون مال الناس بالباطل، بل تصل إلى تعريض حياتهم للخطر في حالة عجزهم عن دفع ديونهم، التي تدينوها من أجل القمار.
وفي الأخير، نبه الإمام إلى أن القانون الجزائري، يعاقب كل أعمال القمار والرهان واليناصيب، مشيرا إلى ضرورة فتح تحقيق في هذا الأمر الذي يشاع عبر مواقع التواصل "الانستغرام" خاصة، و«التيك توك"، والتحقيق في خلفيات الأمر، التي بالرغم من تصدي الكثير من الجزائريين لها عبر تلك الصفحات، إلا أن شباب آخرون أقل وعيا، سيكونوا ضحايا تلك الظاهرة المستهجنة.