جمال نيفر حرفي في صناعة الآلات الموسيقية القديمة لـ"المساء":
"الكويترة".. تحفة فنية في طريق الاندثار
- 641
اختار جمال نيفر حرفي في صناعة الآلات الموسيقية القديمة، أن يظل وفيا للزمن الجميل؛ زمن "العود" و"الكويترة"، فقرر حفظ حرفة والده بتعلمها، وتعليمها لابنه. وعلى الرغم من تراجع الطلب على هذا النوع من الآلات الموسيقية التي دخل بعضها أروقة المتاحف، إلا أنه ظل حريصا عليها؛ يصنعها بالطريقة التقليدية لتلبية طلب بعض الفنانين على هذا النوع من الآلات الموسيقية الجزائرية العريقة. التقته "المساء" مؤخرا. وحول حرفة صناعة آلة الكويترة الجزائرية كانت هذه الدردشة.
يعود اهتمام الحرفي جمال نيفر لصناعة الآلات الموسيقية من "الموندول" و"لاماندولين" و"الكمنجة" و"العود" و"الكويترة"، إلى سنوات السبعينات، نقلا عن والده الذي بدأ تعلمها منذ كان عمره 13 سنة في سنة 1935.
وحسبه، فإن سر اهتمامه بصناعة الآلات الموسيقية وخاصة "الكويترة" ، هو انتشار بعض الألوان الغنائية في الماضي، خاصة الأندلسي والشعبي، وبالتالي الطلب كان كبيرا على مثل هذه المعدات الموسيقية؛ الأمر الذي جعل هذا النوع من الصناعات منتشرا كثيرا، مشيرا إلى أن هذه الآلات الموسيقية العريقة اليوم، موجودة في أكبر المتاحف في خارج الوطن، يفوق عددها 14 آلة من نوع "الكويترة" في كل من فرنسا وبلجيكا وألمانيا وأمريكا.
وحسب الحرفي جمال، فإن حِرص والده على تعليمه الحرفة حتى لا تندثر، جعله يقرر تعلمها في سن مبكرة، فتعلّم كل التفاصيل الخاصة بتحضير آلة "الكويترة" ، وبالطريقة التقليدية للحفاظ على عراقتها، وطابعها التقليدي. وقال: "يستغرق صنع آلة واحدة أكثر من شهر بالنظر إلى حاجة هذا النوع من الآلات إلى الوقت الكافي؛ من أجل تحضير وتركيب أجزائها،" مشيرا إلى أنها تتكون من أربعة أوتار مزدوجة مصنوعة من أحشاء الحيوانات.
وهيكلها من خشب شجر الجوز والأرز، وخشب الكاجو، لافتا إلى أن الطلب على هذا النوع من الآلات الموسيقية أصبح قليلا جدا؛ حيث يتم تحضير الآلات الموسيقية بناء على طلب بعض الفنانين من داخل الوطن وخارجه، معلقا بأن من بين الذين اقتنوا آلة "الكويترة" التي صنعها، المطربة بهجة رحال المقيمة في فرنسا، والمغنية التلمسانية ليلى بورصالي.
وفي السياق، أعرب الحرفي جمال عن أسفه لكون صناعة الآلات الموسيقية العريقة ومنها آلة "الكويترة" ، تسير نحو الاندثار، مناشدا، بالمناسبة، الجهات الوصية من أجل الاهتمام أكثر بهذا النوع من الصناعات التقليدية التي تحفظ الموروث الجزائري في الموسيقى الطربية، ممثلة في "الكويترة" الجزائرية التي تحمل علامة "شجرة الحياة" ؛ ما يجعلها مختلفة ومميزة عن غيرها.
وردّا على سؤال "المساء" حول سر اهتمام الحرفي جمال بهذا النوع من الصناعات التقليدية رغم قلة الطلب عليه، أشار المتحدث إلى أن اهتمامه بالآلات الموسيقية القديمة وخاصة آلة "الكويترة" ، كان نابعا من حبه للحرفة التي تعلّمها عن والده ويحرص على تعليمها لابنه، ولكن المؤكد ـ يقول ـ أنها حرفة تسير في طرق الاندثار بالنظر إلى غلاء المادة الأولية لصناعة مثل هذه الآلات الموسيقية.
كما أكد أنه يتطلع إلى تعليمها للشباب الراغبين في التعلم؛ لتلبية رغبات بعض الفنانين من محبي هذا النوع من الآلات الموسيقية. وختم قائلا: "أملك واحدة من أقدم الآلات الموسيقية في نوع الكويترة يزيد عمرها عن 150 سنة، تعود إلى الشيخ الفنان سفينجا". وبالمناسبة، يتمنى من الجهات الوصية الاهتمام بهذا النوع من الحرف، التي تعكس تاريخ وهوية الأجيال.