من يرعى الأبناء في غيابها؟
المربية أو الحضانة ... هاجس دائم للأم العاملة
- 3066
تجدالأم العاملة مع الدخول الاجتماعي نفسها في حيرة من أمرها، فيما يخص صغارها عملها، حيث تحتار بين إدراجهم في الحضانة أو البحث عن مربية، ويصعب عليها التفرقة بين ما هو أفضل لهم حتى تؤمن غرباء عليهم، مما يجعلها تعيش رحلة بحث طويلة بين دور الحضانة المعتمدة، والاستفسار عن نساء ماكثات في البيت، يخصصن وقتهن للعمل كمربيات.
تختلف معايير الاختيار من أم لأخرى، كتوقيت الحضانة، الأكل والشرب، قرب المسافة بين الدور والبيت أو العمل، تكلفة تلك الخدمة لكن هناك معيار لا اختلاف فيه، لكن وهو أهم شيء الأمن، الذي يعتبر أهم معيار تركز عليه الأم للاطمئنان على فلذة كبدها خلال يوم عملها. فطبيعة الأم لا تطمئن ولا ترتاح لوجود أطفالها مع غرباء إلا إذا كانت الثقة المبنية بينها وبينهم قوية، وتدرك مدى اهتمامهم بأطفالها بعيدا عنها.
عن هذا الموضوع، تحدثت "المساء" إلى عدد من العاملات اللواتي يعشن نفس الوضعية مع أول طفل لهن، لتتجدد الحيرة في كل سنة حتى يكبر طفلها، أو أطفالها، بداية كان لنا حديث مع سهام (30 سنة)، أم لطفل لم يبلغ بعد عامين، حيث قالت: "أول تجربة مع الطفل لا تكون سهلة أبدا بالنسبة للأم، لاسيما بعدما يتخلى الأب عن مهمة البحث معها عن الشخص الذي يرعى الأطفال في غيابها، نظرا لقرار الأم بالخروج إلى العمل، في هذه الحالة تنطلق المرأة في رحلة البحث عمن يرعاهم ويمدهم بالراحة التي تسعى الأم إلى تقديمها لهم"، مشيرة إلى أن قرارها في السنة الماضية تأرجح بين دار حضانة معتمدة ومربية تعمل في بيتها بنصف الدوام، أي خلال الفترة الصباحية فقط، لتختار بعد تفكير طويل إدراج طفلها في دار الحضانة، حيث اعتبرته أكثر احترافية، وفي حالة وجود مشكل، تكون الإجراءات أسهل مع مؤسسة معتمدة ولا يضيع فيها أي حق.
على صعيد آخر، أوضحت صبرينة (أم لتوأم) وعاملة في أحد البنوك بالعاصمة، أنها تفضل المربية الخاصة، حيث قالت: "منذ أن بلغ توأمي عمر السنة والنصف ، التحقت من جديد بالعمل بعد غياب مرخص دام تلك الفترة، لم يكن الأمر هينا في بداية الأمر، لأن الانفصال عن الأطفال لأول مرة أمر صعب، لذا قررت البحث عما يلائم أكثر صغيري، وكان خياري المربية الخاصة أكثر حكمة في اعتقادي، حيث أن الحضانة في منظوري لا يمكن أن تلبي لجميع الأطفال مطالبهم، وترعاهم بالشكل الجيد، وهذا ما جعلني أفضل مربية خاصة بطفلي ليست لها انشغالات أخرى، حتى وإن كانت التكلفة نسبيا أكثر من دور الحضانة، إلا أنني أرى أن ذلك يستحق العناء، حيث توفر المربية لهم الأكل والشرب وتخصص لهم مساحة للعب والنوم، كل ذلك مدرج في التكاليف، مما يجعلني أطمئن أكثر على طفلي خلال العمل"، لكن أشارت أيضا إلى أن إيجاد هذه المربية لم يكن بالهين، حيث أن تلك العاملات عادة ما يمارسن هذه الوظيفة في بيوتهن دون اعتماد، وهو ما يعني أن ليس هناك ما يروج لأعمالهن أو يوضح طريقة نشاطهن أو التفاصيل التي تحتاج المرأة إلى معرفتها، مما يجعل الأم تسأل عمن كانت لهن تجربة في الأمر، حتى تجمع عددا من أرقام الهواتف أو عناوين مربيات والتنقل إليهن لطرح أسئلتهاومعرفة المكان الذي سيقيم فيه الطفل خلال اليوم.
مريم من جهتها، تفضل نوعا آخر من الخدمات، وهي الاتصال يوميا بخادمة تحضر إلى منزلها لمراقبة أطفالها ورعايتهم، لكن في هذا الخصوص قالت: "بحكم أنه عندي أطفال أكبر سنا من الصغير الذي يحتاج إلى رعاية أكثر، يمكنني أن أترك الخادمة معهم لتهتم بهم، لكن تعتني بشكل خاص بالطفل الصغير في إطعامه وتوفير له كل ما يطلبه ، في محيط أعرفه وهو البيت، مقابل تكاليف خاصة تقدم كل شهر، لكن ليس لكل امرأة نفس الحظ في ذلك، إذ أنه يصعب على كل أم أن تؤمن بيتها وأطفالها على غريبة إلا إذا كانت تثق فيها". مشيرة في السياق، إلى أن الخادمة التي ترعى أطفالها من جيرانها وتتعارف العائلتان منذ سنوات طويلة.
فريق آخر حدثناه، له مبدأه الخاص، فلا يسمحون بحضانة ولا مربية لأطفالهم، حيث لديهم حكم مسبق على الأمر، فتلك الحيرة التي تواجهها الموظفات لا يجدن حلا لها سوى السكن مع الأهل ضمانا لبقاء الأطفال مع الجدات، حتى تتم رعايتهم أحسن رعاية، شبيهة برعاية الأم لأطفالها.
هذا كان حال فريال التي قالت بأن لكل شيء مزاياه وسلبياته، لكن الأحسن أن يبقى الطفل في البيت وسط الأهل، فمثلا دور الحضانة لها مزاياها في تعلم الطفل بعض الأبجديات واحتكاكه مع أطفال في سنه، يجعله ينمي روح الفريق وحب الغير وتقوية الشخصية، إلا أن من سلبيات تلك المؤسسة أن الطفل قادر على تبني سلوكيات خاطئة من أطفال آخرين، ناهيك عن انتقال العدوى في حالة وجود مرض أو فيروس ، في حين أن الطفل مع أهله، خصوصا الرضيع، دائما ما يتلقى رعاية خاصة لا يستهان براحته وسلامة صحته مطلقا. تضيف أن من سلبيات الخادمة أيضا، أن لها ارتباطات ولا يمكن دائما الاعتماد عليها في حالة وجود أمر طارئ يدفع الأولياء إلى التأخر في الدخول مثلا إلى البيت، لكن عند معرفة أن الطفل موجود بين أيادي الجدة أو الخالة أو العمة، فإن الأولياء يكونون أكثر طمأنينة، لكن يتحقق هذا فقط في حالة موافقة الأهل، من الجدة وغيرها، في رعاية الطفل خلال غياب الأم، لأنه لا يمكن إجبار أحد على القيام بذلك .
من جهتها، اقترحت ياسمين إنشاء مؤسسة خاصة بمربيات تكون معتمدة، توظف عاملات يمكنهن التنقل إلى البيت الذي ترغب الأم بحضانة أطفالها فيه، على أن يكون دفع الخدمة في اليوم الواحد، وتختلف التكاليف إذا تم استغلال الخدمة بين يوم واحد أو لفترة طويلة، فهناك من الأمهات من لا يعملن، ودائما ما يتواجدن مع أطفالهن، إلا أنه من حين لآخر، تكون لديهن أعمال أو مناسبات خارج البيت، تدفعهن إلى الخروج دون إمكانية مصاحبة أطفالهن، مثلا، للذهاب إلى وليمة، أو عند طبيب أو من أجل التسوق، وفي هذه الحالة يمكن أن يتصلن بالمؤسسة لترسل لهن مربية، يتم الاتفاق معها على عدد الساعات التي عليها أن ترعى فيها الطفل عند غياب الوالدين.