خلال الملتقى الوطني الأول حول التنوع البيولوجي، البيئة والأمن الغذائي

المطالبة بالاستعمال الصحيح للمبيدات الحشرية

المطالبة بالاستعمال الصحيح للمبيدات الحشرية
  • 1579
حنان. س حنان. س

طالب مختصون خلال الملتقى الوطني الأول حول التنوع البيولوجي، البيئة والأمن الغذائي المنظم مؤخرا بجامعة بومرداس، بضرورة إدراج دورات تكوينية لفائدة العاملين في الميدان الزراعي حول الاستعمال الصحيح للمبيدات الحشرية، وقال الأستاذ خالد بن راشدي المختص في الهندسة البيئية في حديث لـ"المساء"، بأن كل أنواع المبيدات الحشرية تمثل خطرا على حياة الفرد إن لم يتم استعمالها بالشكل الصحيح، مشبها إياها بالدواء الذي يصفه الطبيب في علاج مرض، فعند التقيد بالجرعة المحددة، يكون مفيدا وإن لم تحترم جرعته يتحول إلى  سم  قاتل.

ويشرح المختص بالقول إن المبيدات الحشرية تعتبر خليطا من مواد كيميائية تستعمل في القضاء على الحشرات أو الحشائش الضارة في الحقول الزراعية، وبالرغم من أن استعمالها يكون مفيدا في المجال الفلاحي، إلا أن الإسراف في استخدامها يهدد سلامة الصحة العمومية وسلامة الحيوانات والتنوع البيولوجي عموما. ويلفت إلى أن استعمال المبيدات يكون عادة بهدف حماية المزروعات من الحشرات الضارة التي قد تتلف المحاصيل، "لكن المشكل في هذه المواد الكيماوية يكمن في التركيز، ونشير إلى أنه لا يوجد احترام إطلاقا لهذا العامل في المجال الزراعي، أي عدم احترام الجرعات المحددة للمبيدات المستعملة، وهو ما يؤدي إلى خطر الإصابة بأمراض كثيرة، منها التسممات، وحدوث إسهال وقيء مزمنين، وآلام في العظام، وغيرها من الأمراض الخطيرة التي يمكن تفاديها بتعلم الكيفية الصحيحة لاستعمال المبيدات، خاصة أن نسبة كبيرة من الفلاحين لا يقرؤون الإرشادات والبيانات والتعليمات الموضحة في عبوات المنتوج، بالتالي يستعلمون أي مبيد حسب التجربة وفقط، وفي هذا الكثير من الخطورة.

وفي السياق، يتحدث المختص عن منطقة المتيجة غرب "حيث أظهرت دراساتنا المتخصصة أن تركيز النترات في طبقة المياه الجوفية كان عاليا جدا، بالتالي فإن استعمال تلك المياه يضر بصحة سكان المنطقة، بمعنى أن التركيز العالي من هذه المواد الكيميائية يلوث التربة والمياه الجوفية، ومن ثم تتلوث المزروعات من فواكه وخضروات وحتى مياه الآبار المخصصة للشرب وتخزن في أجسام المستهلكين، مما قد يؤدي إلى أمراض خطيرة ويتطلب تدخلا علاجيا ومصاريف صحية كثيرة من الممكن الاستغناء عنها فقط بالتوعية الصحيحة لكل عمال القطاع الفلاحي"، يضيف المختص، مؤكدا أنه سبق أن طالب من الجهات المعنية وعلى رأسها وزارتي الفلاحة والبيئة، بتخصيص أيام تحسيسية ودورات تكوينية لكل الفلاحين قبيل موسم الزرع، موضحا أن العمل على التوعية في هذا المجال من خلال الملتقيات المتخصصة لا يكفي.

وإذا كان استعمال المبيدات الحشرية حقيقة واقعية،  حيث تستعمل في المجال الصناعي والمنازل، إلا أن التوعية باستعمالها بشكل صحيح هو المطلب الذي يفرض نفسه، خاصة مع وجود الكثير من أنواع هذه المبيدات، حيث يشبه الأستاذ بن راشدي هذه المبيدات بالأدوية التي يصفها الطبيب لعلاج مرض ما، حيث يعطي المريض جرعات محددة من دواء محدد لمدة زمنية محددة، "وهذا تماما ما هو مطلوب في مجال استعمال المبيدات، أي احترام الجرعات تبعا لمجال استعمال كل مبيد، مثل استعمال 30 ملغرام في اللتر الواحد أو لتر واحد مبيد في ألف لتر مكعب من الماء وغيره، والمطلوب احترام ما هو مدون على علب المبيدات أو حسبما تم التنويه له قبل بدء رشها على المزروعات".

كما ساق لنا الأستاذ في معرض حديثه، مثالا، عن فلاحين بمنطقة بسكرة التي اعتبرها منطقة ذات مردود فلاحي ممتاز "لكن للأسف، أظهر تحقيق أجريناه هناك مؤخرا حول استعمال المبيدات الحشرية،  أن الفلاحين لم يكونوا مدركين أن المبيدات يمكن أن تشكل خطرا على المزروعات ولا حتى على صحة أطفالهم، فقد رأينا نساء كثيرات يعملن في جني المحاصيل الزراعية وهن يحملن رضعا وراء ظهورهن، أو أن يجعلن أطفالهن يساعدنهن في عملية الجني وهذا يمثل خطرا حقيقيا على صحتهن وصحة أطفالهن".

والجدير بالذكر أن الملتقى الوطني الأول حول "التنوع البيولوجي، البيئة والأمن الغذائي" نظمته جامعة "أمحمد بوقرة" ببومرداس مؤخرا، وشارك فيه مختصون في عدة فروع علمية ومهندسون من عدة ولايات، ناقشوا خلاله كيفية تحقيق السلامة الغذائية والحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي فيها، وقال الأستاذ لوهاب كريم مدير المخبر البحث العلمي للتكنولوجيا الغذائية بكلية الهندسة بجامعة بومرداس في تصريح لـ«المساء"، أن الميدان الفلاحي يعتبر أهم ميدان يمكن الاستثمار فيه من أجل مواجهة انهيار أسعار البترول، إلا أن التهديدات المحدقة في هذا المجال، خاصة ما تعلق بالتلوث الصناعي يرهن نجاح هذا المسعى من أجل تحقيق الأمن الغذائي،"لذلك نؤكد أنه لا يمكن تحقيق تقدم في المجال الزراعي إذا لم تحترم البيئة والتنوع البيولوجي، لذلك فإن هذا الملتقى الذي نطمح إلى أن يكون موعدا سنويا، يعمل على توضيح الرؤى في هذا المسعى من خلال الدراسات والبحوث التي يقدمها مختصون".