يتم تناولها على مدار السنة ويزداد الطلب عليها في رمضان

"الهريسة" أو "قلب اللوز".. الحلوى التي أسرت قلوب القسنطينيين

"الهريسة" أو "قلب اللوز".. الحلوى التي أسرت قلوب القسنطينيين
  • القراءات: 1528
زبير. ز زبير. ز

تشهد حلوى قلب اللوز استهلاكا واسعا طيلة العام بقسنطينة. كما يكثر عليها الطلب خلال شهر رمضان؛ حيث يحج عشاقها من مختلف المناطق، نحو وسط المدينة، خاصة الشباب منهم، الذين يضعون لأنفسهم برنامجا يوميا، ويكون، عادة، في الفترة المسائية؛ من أجل الظفر بقطعة من هذه الحلوى، التي ترافق سهرات صيف قسنطينة مع كؤوس الشاي.

في وقت سابق، كان بيع "قلب اللوز" أو "الهريسة" يقتصر على منطقة واحدة بقسنطينة، وهي "البطحة" بالسويقة، في قلب المدينة القديمة؛ حيث يزاحم النحل الزبائن، وحيث كان أشهر صانع لهذه الحلوى؛ إذ كان يتربع على قلوب عشاق الحلويات، قبل أن تتحول البوصلة إلى شارع زعموش بطريق باب القنطرة، أسفل الحظيرة متعددة الطوابق، ومقابل محطة النقل باتجاه بلديات قسنطينة الشمالية؛ إذ فتح عددا لا بأس به من المحلات المختصة في صنع وبيع "قلب اللوز".

كما فُتحت محلات بالمدينة الجديدة، وبالخروب، وعدد من البلديات، باتت تستقطب، هي الأخرى، أعدادا كبيرة من الزبائن، سواء من قسنطينة، أو حتى من الولايات المجاورة لاقتناء هذه الحلوى، وإرسالها حتى خارج حدود الوطن، نحو فرنسا، وإنجلترا، وكذا الإمارات العربية، وقطر، وحتى كندا واليابان.

اِختلاف في أصل وتاريخ "قلب اللوز"

تتضارب فرضيات كثيرة حول تاريخ "قلب اللوز" أو "الهريسة"، فمنها من تقول إن أصولها تركية، وأنها كانت حكرا على موائد الطبقة الحاكمة في العهد العثماني. وأخرى تقول إنها أندلسية الأصل، وإسبانية النشأة، وأنها قطعت البحر المتوسط من الأندلس لتستقر في الضفة المقابلة، وتحديدا في الجزائر. وتتحدث أخرى على أن هذه الحلوى من اختراع الخليفة العباسي "المأمون" شخصيا، وكانت تسمى "المأمونية"، قبل أن تتحول إلى اسمها الحالي، في حين تقول فرضيات أخرى ولو أنها أقل إقناعا، إنها مرتبطة بحلوى فرنسية تحمل الاسم نفسه، لكنها تبقى فرضية ضعيفة جدا؛ بسبب وجود بعض الحلويات المشابهة لقلب اللوز في البلاد العربية.

مكسرات وسميد وسكر وسر المهنة

وتتكون حلوى "قلب اللوز"، عادة، من المكسرات، وعلى رأسها اللوز، الذي أخذت منه اسمها. يضاف، أحيانا، الفول السوداني "الكاوكاو"، وأحيانا أخرى الجوز. وتحضَّر، أساسا، بالسميد، الذي يكون، غالبا، خشن الملمس. يضاف له السكر، والزيت، والزبدة، والماء، وهي المكونات الأساسية لقلب اللوز. وتُسقى بماء حلو، ويضاف لها ماء الورد، حتى تحصل على مذاقها المتميز واللذيذ، وطعمها الحلو، وقوامها الهش. وهي محبوبة من قبل جميع الفئات العمرية. ويُنصح بعدم تناولها من طرف مرضى السكري؛ إذ تحتوي على كمية كبيرة من النشاء، ومن السكر، ولكن في الآونة الأخيرة باتت هناك تحضيرات بسكر خاص بهؤلاء المرضى.

وتختلف حلوى "الهريسة" عن "قلب اللوز"، حسب تأكيد العارفين، بسر مهنة هذه الحلوى؛ إذ تُصنع من الدقيق ناعم الملمس، وهو ما يعطيها شكلها الناعم. وهو النوع الذي كان منتشرا قديما بقسنطينة، قبل وصول الشكل الجديد لـ "قلب اللوز".

اِرتفاع في أسعار الحلوى بارتفاع سعر المواد الأولية

وكان سعر "قلب اللوز" مناسبا؛ حيث تتناوله مختلف شرائح المجتمع سواء من الفقراء أو متوسطي الحال أو من الأغنياء، قبل أن يزيد سعره، حيث بات حلوى بعيدة عن متناول ميسوري الحال.

ويُرجع أصحاب "الصنعة" ارتفاع سعر هذه الحلوى إلى ارتفاع سعر مختلف المواد التي تدخل في صناعتها؛ على غرار السكر والمكسرات؛ إذ بات الصحن المعدني بقطر 22 سم يباع بـ130 دج عند الصانع أو في البيع بالجملة في تحضيراته العادية، و200 دج في التحضيرة الخاصة. ويرتفع السعر كلما مر عبر تجار التجزئة. كما يباع صحن 28 سم بسعر 150 دج. أما الطبق المربع بمحيط 40 سم على 40، فيبلغ سعره 500 دج، ويرتفع حسب المكسرات المستعملة، ليصل إلى 700 دج، في حين يكون ثمن "قلب الوز" الذي يتم جلبه من العاصمة، أعلى من سعر قلب اللوز المحلي بالنظر إلى إضافة سعر النقل؛ إذ تباع القطعة من قلب اللوز المحلي بـ40 دج، أما القادم من العاصمة فيباع بـ 50 دج للقطعة المستطيلة بحجم حوالي 10 سم على 8

"قلب اللوز" يزيّن الموائد في السهرات الرمضانية

هناك من يفضل تناول "قلب اللوز" داخل المحل الخاص ببيعه، أو عند المحلات المختصة في بيع الشاي، أو داخل المقاهي، في حين يفضل آخرون أخذ الحلوى معهم إلى المنزل. ويقوم البعض بتناولها مباشرة مع أذان الإفطار، ويكسر بها الصيام. وهناك من يفضلها بعد الإفطار؛ حيث يتم تناولها مع القهوة أو مع الشاي والمكسرات. وهناك من يحضرها بالمنزل. وساعد في ذلك ظهور مؤسسات بقسنطينة، مختصة في صنع تحضيرات جاهزة لقلب اللوز في أكياس من 900 غرام، لتحضير 15 قطعة؛ إذ يتم وضع الخليط في إناء، مع إضافة ثلث الوزن ماء، وخلطه، ثم تركه لمدة حوالي ساعة ونصف ساعة قبل وضعه في صينية الفرن على درجة حرارة 250 ° لمدة 45 دقيقة أو أقل بقليل، ليتم سقيها بالشاربات التي تحضَّر من خلال مزج نصف كيلوغرام من السكر مع لتر وربع لتر من الماء فوق نار هادئة. وعند درجة الغليان يُنزع، ويُترك حتى يبرد قبل صبه على طبق "قلب اللوز"، الذي بات يزين موائد سهرات العائلات القسنطينية.