المركز النفسي البيداغوجي بعنابة

برنامج تعليمي متطور لفئة المعاقين ذهنيا

برنامج تعليمي متطور لفئة المعاقين ذهنيا
  • القراءات: 323
سميرة عوام سميرة عوام

خصت "المساء" المركز النفسي البيداغوجي عنابة (1) "الشهيد بوعقال أحمد"، بزيارة، وقد تفاجأت بالنظام التعليمي الداخلي، الذي تم وضعه من طرف فريق مختص، كله حيوية ونشاط وجاهزية لإعداد أحسن النشاطات، وكذا قاعات للدراسة، داخلها مرتب، كل مستلزمات الطفل المعاق ذهنيا حاضرة في القاعة، قبل أن تصل إليها، تجد سلسلة من الألوان والرسومات والعرائس، وهو ما يوحي لك بأن احتواء هذه الفئة يبدأ من هذه المراكز المتمرسة، التي تعمل حتى على مرافقة الأولياء وتوجيههم، للتخفيف من معاناتهم، من خلال الإصغاء إليهم وفتح آليات الحوار الفعالة.
تعليم الأطفال المعاقين ذهنيا يتطلب الصبر والمهارة، وهو ما جعل عدة مراكز تابعة لمديرية النشاط الاجتماعي في عنابة، تهتم بهذه الفئة التي خصصت لها فضاء خاصا للتعلم، من خلال تكوين فريق بيداغوجي متكامل، يسهر على مرافقة وإدماج الأطفال المعاقين ذهنيا في المجتمع، والتجاوب مع عالمهم الداخلي لصناعة غد جميل، حيث كشفت دليلة هامل، رئيسة مصلحة البيداغوجيا بالمركز النفسي البيداغوجي (عنابة 1) "الشهيد بوعقال أحمد"، أن هذا المركز يهتم بالتكفل بالمعاقين ذهنيا، من بينهم أطفال التوحد، الذين يعانون من صعوبة في التعلم، كما بلغ عدد المعاقين ذهنيا 104 طفل معاق، يؤطرهم ثلاث مختصين نفسانيين ومختص أرطفوني، عيادي تربوي، ممرضة ومساعدة اجتماعية، طبيبة، إلى جانب مربين مختصين، ومعلمين في التعليم المتخصص الرئيسي في الإعاقة الذهنية، هذا الفريق التربوي يضم فريقا له خبرة في التكفل بهؤلاء الأطفال.
وحسب محدثتنا، فمن أجل إنجاح وتعليم هذه الفئة، تم إعداد برنامج تربوي متنوع، يتماشى وفق مستوى إعاقة كل طفل وقدرته الذهنية وخصوصياته، وعليه يتم وضع هذا البرنامج التربوي البيداغوجي وفق دراسة دقيقة، تناقشه لجنة ذات خبرة في الميدان، بناء على قدرات الأطفال وعمرهم العقلي.
يهتم المركز بالتربية المبكرة للأطفال، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 3 و5 سنوات، وهي تجربة ناجحة، حسب السيدة دليلة، مؤكدة أن الفئة التي لقيت التعليم والمتابعة، ستجتاز العام القادم شهادة التعليم الابتدائي. مشيرة في السياق، إلى أن المركز سيعيد تجربة التربية المبكرة للأطفال المعاقين ذهنيا، مع الدخول الاجتماعي الجديد.
نشاطات فكرية تعتمد على الإدراك والفهم وتنمية الذاكرة
أما عن الأعمار التي يستقبلها المركز، فتبدأ من 5 إلى 35 سنة، وهناك 6 أقسام خاصة، حيث يتم تقديم التعليم المكيف للأطفال، من ذوي الإعاقة الذهنية الخفيفة، وهم أطفال التوحد الذين يدرسون حتى اللغة العربية والرياضيات، مع شرحها لهم بطريقة مبسطة، خاصة أن مرضى التوحد يتلقون صعوبة في التعلم، لهذا يتم تخصيص مرافقين ومختصين لتعليمهم بسلاسة، وفق منهجية وبرنامج مكيف، يتم إعداده من طرف مفتشين تربويين ومختصين.
الفئة الأخرى المتكفل بها في المركز، تقدم لها نشاطات فكرية تعتمد على الإدراك والفهم وتنمية الذاكرة، وكل ما هو معرفي، إلى جانب نشاطات التواصل، منها محاور التعبير اللغوي الحر والتعبير اللفظي، ومحاور الإدماج الاجتماعي وسلوكيات التقليد، ومحور تنمية التربية الحسية، الحركات الدقيقة والحركة العامة، والأشغال اليدوية، ناهيك عن تعليم المهارات اليدوية، بالنسبة للفئة التي تم إعدادها للحياة المهنية، من خلال تربصات وتكوينات، منها آخر تكوين قام به 7 أطفال في البوني في مجال الطبخ، تم تكريمهم، بعد حصولهم على شهادات في التكوين  المهني.
الإدماج الاجتماعي ضرورة
أشارت محدثتنا، إلى ضرورة الاهتمام بهذه الفئة وإدماجها اجتماعيا ومهنيا، لأن هناك أطفال أثبتوا قدرتهم على التكيف والاندماج وتحصيل الشهادة. ويتوفر المركز كذلك على نشاطات رياضية، والنشاط البدني المكيف، كما  يوجد نادي الهواة، الذي يقدم نشاطات ترفيهية وخرجات بيداغوجية، حيث يتم انتقاء الأطفال، كل حسب قدرته، كما يركز الفريق على سلامة الطفل، فالمتابعة خلال هذه الخرجات الميدانية إلى الطبيعة أو إلى جهات معينة، تكون دقيقة جدا.
من جهتها الأستاذة كواشي حنان، مختصة نفسانية عيادية، مهتمة بالجانب النفسي للطفل، والأولياء، تحدثت عن مهامها في المرافقة والتوجيه، بهدف توفير فضاء ملائم للعناية بهذه الفئة، مؤكدة على ضرورة تكفل الأولياء بحالة الطفل النفسية، وقبوله كما هو، مع إسقاط القلق والتوتر والخوف خلال التعامل مع هذه الفئة، لتكوين نفسية سليمة لديهم، دون عقد، مضيفة أن دورها يتعدى المتابعة النفسية الفردية إلى الجماعية، حيث يتم وضع تقنيات نفسية عديدة لاحتواء الأطفال، وتقدم علاجات خاصة لهم بالرسم، الموسيقى والرقص، وأخرى عن طريق مسرح العرائس، حيث يتم حثهم على عدم الكذب والسرقة، لإبعادهم عن السلوكات غير الحميدة.
وحسب المختصة النفسانية، فإن قصة العلاج تبدأ باللعب الموجه، الذي يتم فيه مراقبة سلوكات الطفل ومعرفة مستوى وقدرة التحسن عنده، خلال الحصص التقييمية، بمشاركة مختصين، منهم المختصة الطفولية، يليها اللعب الحر.
معالجة السلوك ... ضمن الأولويات
كما توجد في البرنامج البيداغوجي، أنشطة تقدم خلال الورشات المسائية، يتم التركيز عليها لتعزيز السلوكات الإيجابية، ومعالجة السلوكات العدوانية، وهو ما أثارته رئيسة مصلحة البيداغوجيا، دليلة هامل، مؤكدة أن مثل هذه الورشات، تُعنى بتفريغ الصعوبات التي يعانيها الطفل المعاق، باللعب الجماعي، وقد تم وضع تقنيات يتم اتباعها، منها اللعب بالعجين، الرسم، اللعب بالماء والطلاء من أجل علاج الحركة الدقيقة وتنميتها لدى هذه الفئة.
أما عن البرامج المتبعة لتعليم الطفل المعاق ذهنيا؛ برنامجي" لوفاص" و«تيتش". ففي البرنامج الأول، يتم التحليل السلوكي، ويساعد الآباء على فهم أطفالهم وربط علاقة وطيدة معهم، مع إعادة إدماجهم في بيئة سليمة من كل العقد، يتعلم الطفل في هذا البرنامج مهارات التواصل وتدريبه على اللغة الإستقبالية الجيدة، بالإضافة إلى عملية التخزين، وكذلك معالجة اللغة التعبيرية عند المعاق ذهنيا، خاصة طفل التوحد.
أما برنامج "تيتش"، فيتكون من 10 محاور، وأهم نقطة فيه هو الاعتماد على التقليد، ويشمل فئة مرضى التوحد، خاصة الذين يعانون من صعوبة في التواصل والتشتت الفكري والحركي.