ترسم أسمى صور التسامح والتلاحم الاجتماعي

تبادل الحلويات والاجتماع في البيت العائلي تقليد يعكس فرحة العيد

تبادل الحلويات والاجتماع في البيت العائلي تقليد يعكس فرحة العيد
  • 434
رشيدة بلال رشيدة بلال

ترسم أجواء الاحتفال بعيد الفطر المبارك، اسمي صور التسامح والتلاحم الاجتماعي، وهو ما يعكسه التسارع بين المصلين، عقب صلاة العيد، من خلال التعانق والتصافح بين مختلف أطياف المجتمع، مرددين عبارة واحدة، وهي "تقبل الله منا ومنكم... وغفر لنا ولكم"، ما يعكس قيمة التلاحم الاجتماعي الذي يظهر جليا بين أفرد المجتمع الجزائري، في مختلف المناسبات، خاصة الدينية منها.

بعدما يفرغ المصلون من أداء صلاة العيد يعودون أدراجهم إلى منازلهم، من أجل مغافرة أفراد العائلة والأقارب وأبناء الحي والجيران، ولعل أهم ما يمز الجزائري، أنه يحاول ما أمكنه أن يكون هو المبادر إلى مغافرة أقاربه وجيرانه، سواء بالتنقل إليهم مباشرة أو الشروع في الاتصال عبر مختلف الوسائط، إن كان بعيدا. ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل يسارع البعض إلى التنقل بسياراتهم من أجل مغافرة ذويهم وأقاربهم في وقت مبكر، ليكونوا أول المغافرين في أجواء تطبعها الفرحة والبهجة.

طبق الحلويات وإعطاء العيدية للأطفال تقليد لابد منه

من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر المبارك، مسارعة ربات البيوت إلى تجهيز أطباق محملة بالحلويات التي كانت قد حظرتها، لتوزيعها على أقاربها وجيرانها، فمثلا بولاية البليدة، لا تزال العائلات تحافظ على هذا التقليد، حيث تقدم ما صنعت من حلويات إلى أقاربها وجيرانها، الذين تقصدهم للمغافرة، والعبرة من ذلك، أن حلويات العيد رمزية على الفرحة بهذه المناسبة السعيدة، بالتالي تكون بمثابة الهدية التي يتم تبادلها يوم العيد.

أما بالنسبة للأطفال، فإن 90 بالمائة من أجواء فرحة العيد يصنعها الأطفال الذين يسارعون، بعدما يلبسون أجمل الثياب إلى قرع الأبواب، من أجل مغافرة الأقارب والجيران، والحصول على نصيبهم من المال الذي عادة ما يقدم لهم كهدية، وهو تقليد أيضا لا يزال البليديون يحرصون على إحيائه، لإسعاد الأطفال وابتهاجهم، ويتمكنوا من شراء ما يرغبون فيه من حلويات أو لعب.

التجمع في البيت العائلي الكبير سُنة حميدة

لعل أهم مظهر من مظاهر الاحتفال بعيد الفطر في المجتمع البليدي، على غرار كل المجتمع الجزائري، الاجتماع في المنزل العائلي الكبير، حيث يلتقي الإخوة والأخوات المتزوجون رفقة أبنائهم في بيت الجدة أو الجد، وهو تقليد مهم دأبت عليه الأسر منذ القديم، على القيام به، حيث تكون الفرصة مناسبة ليجتمع كل أفراد الأسرة في بيت واحد، لاسيما أن مثل هذه الاجتماعات تقل على مدار السنة، بالنظر إلى ضغوط الحياة، من أجل هذا يعتبرها أفراد العائلة واجبا مقدسا لابد منه، في جو عائلي مليء بالفرحة والبهجة والتسامح. من بين الصور التي ترسم فرحة العيد في الشوارع، تزين المحلات بحلة العيد التي تظهر من خلال إبراز ما يحتاج إليه الأطفال من لعب خلال أيام العيد، من بالونات ملونة وغيرها، الأمر الذي يزيد من حركية الأطفال ذهابا وإيابا، من أجل إنفاق ما جمعوه من مال والاستمتاع بشراء ما يرغبون فيه وسط  فرحة كبيرة.

أكد الشيخ سعيد بن يمينة، إمام بمسجد "الكوثر"، في تصريح خص به "المساء"، أن عيد الفطر من المناسبات الدينية الهامة التي يعطيها أفراد المجتمع الجزائري كبيرا وصغيرا، حقها من حيث التلاحم والتصافح وتبادل الزيارات، مشيرا إلى أن ما زاد من تماسك العائلات في مثل هذه المناسبات الدينية، إحياء بعض العادات التي تعزز التضامن والمحبة، كتبادل الحلويات والاجتماع في البيت العائلي، وأشار إلى من يفضلون تبادل التهاني بالهواتف الذكية بتجنبها، إن كان في الإمكان، ولتنقل وتبادل التهاني  والمعانقة لما فيها من أثر عميق في  تعميق صلة الرحم وتعزيز قيم التسامح والتلاحم الاجتماعي.