مقبرة العالية بالعاصمة

تجاوزات تمس بحرمة الموتى

تجاوزات تمس بحرمة الموتى
مقبرة العالية بالعاصمة
  • 1994
❊نسيمة زيداني ❊نسيمة زيداني

أصبحت مقبرة العالية في باب الزوار بولاية الجزائر، في وضعية صعبة، بسبب غياب الحس المدني ولامبالاة بعض المواطنين بحرمة الموتى المنتهكة، بعد تحول المقبرة إلى مأوى للأحياء، لاسيما السكان الذين قاموا بتوسيع نسيجهم العمراني على حسابها، كما أصبحت وكرا للشباب المنحرف لممارسة الممنوعات في غياب الحراس، إضافة إلى انتشار ظاهرة التسول وممارسة الشعوذة، حسبما اكتشفته المساء في خرجتها الاستطلاعية.

تحولت مقبرة العالية في السنوات الأخيرة، إلى سوق عمومي ومكان تنتهك فيه الحرمات أمام أعين الناس والسلطات المختصة، حيث أصبحت مقصدا للعامة، ولا تحترم فيها تعاليم الدين التي تحث على احترام حرمة الموتى، لأن زيارتهم تكون فقط للدعاء لهم بالخير، بدل تحويلها إلى مكان للرذيلة ورمي النفايات وملجأ للمتشردين.

قبلة المتشردين، المنحرفين والمشعوذين

في هذا الصدد، روى شاب بمقبرة العالية لـ«المساء، بعض الحقائق غير المرغوب سماعها، أهمها أن المقبرة تحولت إلى مرتع للمنحرفين، المتشردين والمتسولين الذين استغلوا المقبرة لينتشروا في كل جهاتها، خصوصا في المناسبات الدينية والأعياد، حيث أكد هذا الحفار أن مقبرة العالية من المقابر العتيقة في الجزائر العاصمة، تتربع على مساحة تقدر بحوالي 80 هكتارا، تم عقد ملكيتها سنة 1936، وهي بحاجة لأعوان يسهرون على حراستها ليلا نهارا، نظرا لشساعتها، حيث توجد فيها أبواب عديدة، بالتالي يصعب منع دخول الغرباء إليها، فأصبحت مكانا للشباب المنحرف ليلا، لتعاطي الممنوعات، كما أن كثرة المتشردين شوه منظر المقبرة، لأنهم احتلوا الأرصفة والمداخل والبعض منهم ينام داخلها، لذا يتوجب على السلطات المعنية أخذ الأمر بعين الاعتبار، حسبما لوحظ.

الزائر للمقبرة، يلاحظ أيضا مخلفات الأكل والشرب بجانب القبور، فضلا عن قارورات وعبوات الكحول المنتشرة على جوانب المقبرة، وأكد بعض المواطنين أن المقابر تعرضت للنبش، وهو الأمر الذي لم يستوعبه العامة بعد، فيما اعتبر البعض منهم أن العملية جاءت بفعل فاعل، وهي من اختصاص المشعوذين والسحرة الذين مازالوا يستغلون هذه الأماكن لتنفيذ أعمالهم الشيطانية الدنيئة، وهي الحالة التي وضعت المواطنين في حيرة من أمرهم، وأصبحوا يطالبون السلطات المعنية، ويُقصد بها مؤسسة تسيير المقابر، بالنظر بجدية في الأمر وإعادة الاعتبار لقبور موتاهم.

قبور منبوشة وكاميرات مراقبة مطلوبة

أكد الحفارون لـ«المساء، أن سيول الأمطار تهدد بجرف الرفات وإخراجها من القبور، الأمر الذي رفضه المواطنون الذين يزورون موتاهم ويجدون صعوبات في الوصول إلى قبورهم، علما أن المقبرة ضاقت بموتاها ولم تعد تتسع لدفن الموتى الجدد.

يعتبر الكثير من الأخصائيين في القانون، أن النصوص القانونية فيما يخص حرمة المقابر، تبقى ناقصة، في غياب أجهزة الرقابة التي تضبط المتورطين في أفعال تسيء للموتى، حيث طالب الكثير من المحامين بتركيب كاميرات مراقبة للحفاظ على الحرمة.

البزنسة في المقابر للأثرياء والفقراء

بات الحصول على قبر في المدن الكبرى أمرا غير يسير، حيث يتطلب اتصالات ومشقة وبحثا طويلا، وقد يكون الحل الأخير قد فتح قبرا قديما لدفن ميت جديد، وهذا ما يجعل أزمة السكن في الجزائر تمتد من الأحياء إلى الأموات، حيث أكد محدثنا أن سماسرة المقابر يستغلون حاجة المواطنين وجهلهم، بعرض القبور على مستوى البلديات للبيع بسعر رسمي مقنن يقدر بـ 1800 دينار، وهناك أسعار تحت الطاولة بـ5ملايين بالنسبة للعائلات التي ترغب في حجز القبر مسبقا.

أشار المتحدث إلى أن المتاجرة بالقبور أضحت ظاهرة وبأسعار خيالية، حيث وصفها بالخطيرة والمحرمة شرعا، مما يجعل المواطنين في أزمة، وحمل محدثنا المواطنين مسؤولية ارتفاع تكاليف بناء القبور، كونهم يفضلون اللجوء إلى الخواص، بدلا من المؤسسة التي تقدم أسعارا أقل 50 بالمائة من الخواص.

حراسة الموتى من الأحياء

يواجه منظفو المقابر، صعوبة في إزالة الحشائش الضارة والطويلة التي يبلغ ارتفاعها أحيانا مترين في مقبرة العالية، حيث يبقى صراعهم متواصلا مع المشعوذين والسحرة، رغم دعواتهم الكثيرة من أجل وضع حراسة على منازل الموتى، حيث كشفت بعض شهادات الشباب المتطوعين أنهم يجدون صعوبات في مراقبة زوار المتوفين. سبق أن عثر شباب متطوعون على أغراض مستخدمة في السحر، خلال تنظيف مقبرة العالية، تضيف الشهادات، حيث وجد المنظفون ملابس نسائية داخلية بها قصاصات صغيرة، عليها كتابات غير مفهومة بالخط العربي والسرياني، وآخرون عثروا على ما يسمى كروزا أو تمائم داخل القبور، وصورا لشباب وشابات عليها أقفال حديدية، وأخرى بينها أعواد مشدودة بخيوط، وهي أعمال سحرية تستعمل غالبا للتفريق والطلاق والعقم وإنزال الفقر بالمسحور، أو من أجل جلب الحبيب وشفاء العقم وقضاء الحوائج.