الأخصائي في علم النفس الاجتماعي الدكتور خالد شنون:

تجنيب المسن أزمة الحرمان الاجتماعي ضرورة ملحة

تجنيب المسن أزمة الحرمان الاجتماعي ضرورة ملحة
  • 1419

أكد الأخصائي في علم النفس الاجتماعي، الدكتور خالد شنون، من جامعة الجزائر ”2”، أن معرفة مطالب النمو في مرحلة الشيخوخة، يساعد على خلق الإمكانات والبيئة الملائمة لتحقيق التوافق النفسي والاجتماعي لدى هذه الفئة، مشيرا إلى أن التوافق النفسي والاجتماعي يلعب دورا في سعادة المسن، حيث يعبّر عن رضاه عن نفسه وانسجام حياته وخلوها من التوترات والصراعات النفسية، إذ قدم الأخصائي على هامش مشاركته في الملتقى الأول حول التراتيب الاجتماعية للمسن لوزارة التضامن، مجموعة الحاجات والنصائح والتوصيات التي يمكن اعتمادها من أجل الرقي بخدمة هذه الفئة من المجتمع.

قال الأخصائي النفسي، إن المسن بحاجة إلى توفير علاقات اجتماعية داخل الأسرة وخارجها، وهو ما يستدعي توعية المجتمع حياله، من خلال معرفة أمراض الشيخوخة ومشاكل المسنين، وتفادي الأفكار السلبية حيال هذه الفئة، والتي مفادها أنها غير منتجة وليس لها أية  قدرات يمكن تنميتها أو يمكنها المساهمة في المجتمع، وهو ما يستوجب تجنب الحرمان الاجتماعي، فالمسن يفقد حرية الاتصال الاجتماعي طبقا لحاجته ورغباته، ويعتبر من أكثر الفئات تعرضا للحرمان بسبب قلة موارده وضعف قواه الجسدية، ويزيد من المشكلات الاجتماعية شعور المسن بالوحدة والعزلة عن المجتمع، ويبدأ هذا الشعور من العائلة التي تشكل جزءا كبيرا من نشاطه واهتماماته اليومية، مما يضع القيود على تحركات المسنين وعلاقاتهم الشخصية بأفراد المجتمع، مؤكدا أن عوامل الضغط في الحياة المعاصرة أثرت بشكل كبير على ردود الأفعال النفسية والوجدانية، خاصة في المراحل المتقدمة من العمر.

أوضح الأخصائي أنه إذا كان المسنون يدركون أنهم موضع تقبّل واحترام من الآخرين، فإن هذا يجعلهم يعيشون شيخوخة قوية بدنيا ومتوافقة نفسيا مع حاجة المسن إلى العيش في أمان مع النفس والآخرين، والحاجة إلى التقدير والشعور بالعطف والمحبة، أي إشباع الجانب الوجداني، فالمسن بحاجة إلى أن يحِب ويحَب.

أضاف أن كبار السن في المجتمع الإسلامي يحضون بمزيد من التقدير والرعاية والاحترام، وهو ما تؤكده دراسات المقارنة بين المجتمع الإسلامي وغيرها من المجتمعات الشرقية والغربية، ويقول نجد أن رعاية المسن تجسدها العديد من التشريعات التي تتولى بموجبها الدولة مسؤولية توفير جميع الخدمات لهم، وضمان الحقوق المادية والصحية والاجتماعية لجميع المواطنين في حالات العجز والشيخوخة. كما تشكّل العوامل النفسية من رضا الذات وتوافق نفسي، عوامل لها تأثير كبير في الرضا عن الحياة.

أشار الأخصائي إلى أهمية مواصلة الدولة عن طريق مؤسساتها الحكومية وأجهزتها الاجتماعية في تقديم الرعاية للكبار، مؤكدا على  ضرورة توفير فرص اللقاء والتفاعل بين كبار السن والمتقاعدين، وبين أفراد المجتمع بفئاتهم العمرية المختلفة، لتدعيم فرص التواصل بين الأجيال، مما يقلل لدى كبار السن الإحساس بالعزلة والتغرّب داخل مجتمعهم، إلى جانب إشعارهم بأن أهميتهم مازالت قائمة في المجتمع، عن طريق منحهم أدوارا قيادية في المؤسسات الاجتماعية المختلفة، وهو ما يشعرهم بفائدتهم الاجتماعية، مع إشباع حاجاتهم النفسية عن طريق إعداد برامج تلفزيونية وإعلامية توجه إليهم، وعدم تضخيم مشاكلهم.

من بين التوصيات التي قدمها الأخصائي؛ العمل على تفهم مشاعر واحتياجات المسن ومشكلاته النفسية والاجتماعية والصعوبات التي يعاني منها، ومناقشة مخاوف وأسباب قلقه وحيرته، ومساعدته على  إدارة حياته، إلى جانب توعية الأجيال بحاجة المسن وإكسابهم الاتجاهات والسلوكات الصحيحة لاحتضانه بكل حفاوة، وتوفير التكريم، مع تنمية القيم الإسلامية نظرا لمكانة الدين لدى أفراد المجتمع الجزائري، من خلال مؤسساته التربوية والاجتماعية، والاهتمام بحاجة المسنين والعمل على توفير الأنشطة التي تقابل أوضاعهم الجسمانية والعقلية والبيئة الإسلامية، إضافة إلى زرع مفهوم الشيخوخة كقيمة اجتماعية يحافظ عليها المجتمع ويسترشد بخبراتها، وآخرها مساعدة المسن على تقبل ذاته كما هي، وإحداث حالة من التوافق النفسي والاجتماعي.