معاني عيد الأضحى العملية
تراحم وتسامح وتهادي
- 960
مازالت الأعياد الدينية تصنع فرحة القلوب وتقوي الروابط الرحمية والاجتماعية، وتساهم بشكل مباشر في الترويح عن النفس التي أرهقتها متاعب الحياة، فقد عاشت العائلات الجزائرية على وقع التواصل وزيارة الأهل والأقارب خلال عيد الأضحى، والتي لاتزال متواصلة، حيث تنقلت العائلات من مكان إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى رفقة أبنائها لصلة الأرحام؛ عملا بوصية المصطفى عليه الصلاة والسلام، والتي قال عنها: ”الرَّحمُ معلَّقةٌ بالعرش تقولُ: مَن وصلني وصله اللهُ، ومَن قطعني قطعه اللهُ”.
تختلف وجهة نظر الأفراد في مزايا المعايدة وزيارة الأهل والأقارب، فهناك من محدثينا من يرى فيها واجبا دينيا وعطفا عائليا، وهناك من يرى أنها من أوجه الإحسان وتبادل المحبة والتراحم بين أفراد العائلة الكبيرة، خاصة بالنسبة لمن شغلتهم الحياة وأجواء العمل وتربية الأبناء، عن القيام بهذا الواجب في سائر الأيام، تقول السيدة أم الخير (ربة بيت وأم لثلاث أبناء): ”قضيت عمرا طويلا في البيت الكبيرة كما يقال، نحرص فيها على استقبال بنات وأبناء العائلة القاطنين بعيدا عن العاصمة أو المغتربين، الذين يحرصون على مشاركتنا فرحة العيد خاصة إذا وافق العطلة؛ إذ تكتسي البيت مسحة من السعادة تفتقر إليها في الأيام الأخرى، حيث تُرسم البسمة على الشفاه، ويقوم كل واحد من أهل البيت بأداء عمل أو المساهمة فيما يسعد البقية، وهي من الأصول التي تربينا عليها ونسعى لترسيخها في أبنائنا”. وأشارت السيدة نبيهة من البليدة إلى أن اصطحاب الأبناء لزيارة الأقارب والجيران يغرس فيهم روح المحبة، ويعرّفهم على أسس التعامل الصحيحة مع الآخرين، وهي فرصة لإكسابهم المزيد من المهارات المعرفية والسلوكية والاجتماعية؛ تحضيرا لهم حتى يكونوا في الغد القريب آباء يستطيعون حمل المشعل وتربية أبنائهم تربية سليمة، تشع بالتراحم والتواصل ومحبة الخير. كما يُعتبر عيد الأضحى المبارك فرصة لتقوية التراحم والتواصل الاجتماعي المادي والمعنوي من خلال اللقاءات والعطايا التي يستقبلها المحتاجون ممن أنعم المنعم عليهم، إذ نجح المحسنون في وقاية أنفسهم من الشح بإدخال السعادة على قلوب الفقراء والمعوزين والأيتام، كما فعل من استجابوا بقوة لحملة ”أضحية لكل يتيم”، مثل ما أوضحت المكلفة بالإعلام في جمعية ”سيدرا”، مشيرة إلى أن النتائج كانت أكثر من المتوقع خلال السنة الفارطة، حيث قدّم الكثير من المحسنين رؤوس غنم لتسلَّم لمحتاجيها، وهذا من الأمور الهامة التي تسهم في تماسك اللحمة الاجتماعية وتقوية أواصر المحبة والترابط بين أفراد المجتمع.
وللعرائس نصيب
لاتزال الكثير من العائلات الجزائرية تحافظ على العادات والتقاليد التي تُدخل الفرحة على القلوب وتمد أواصر التواصل، والتي تدخل فيها الخطيبات اللواتي لم يدخلن بعد بيوت أزواجهن، إذ يتم إشراكهن في لحم الأضحية الذي ينلن منه جزءا، قد يتمثل في الكتف أو الفخذ، والذي يقدَّم لها كعربون محبة من قبل أهل العروس مرفقا ببعض الهدايا، كل على سعته، فهناك من يهدي الملابس والعطور وأنواعا مختلفة من قوالب الصابون طيبة الرائحة، في حين يضيف المقتدر ماديا المال؛ حتى يتسنى للعروس شراء ما تحتاجه لاحقا من لوازم التصديرة أو قطعة ذهبية، قد تكون خاتما أو قلادة أو أقراطا، لإشعار الخطيبة أو العروس الجديدة، بأنها فرد من العائلة التي ستنتقل إليها.