تسبيق تسديد الدين أو أداء الشعيرة؟

تساؤل يشغل الكثيرين مع اقتراب عيد الأضحى

تساؤل يشغل الكثيرين مع اقتراب عيد الأضحى
عبد الرشيد بوبكري، إمام مسجد بالعاصمة
  • 737
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

شدد عبد الرشيد بوبكري، إمام مسجد بالعاصمة، على ضرورة تسبيق أداء الدين وتسديده، قبل اقتناء أضحية العيد، مشيرا إلى أنه في ظل ارتفاع أسعار الأضاحي خلال السنوات الأخيرة، بات اقتناؤها يكلف العائلة الكثير، موضحا أن شراءها بمبلغ كبير، بدل تسديد الفرد ما عليه من دين، من الأمور غير المنطقية، في الوقت الذي قد يكون صاحب الدين ينتظر تسديد مستحقاته، لاسيما إذا كان هذا الأخير يعاني بدوره من ضيق مالي خلال نفس الفترة.

قال الإمام عبد الرشيد بوبكري، في تصرح لـ«المساء"، إن الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام، وهي سنة مؤكدة، فيها أجر عظيم وبركة كبيرة، ولا ينبغي للمسلم تركها لأي عذر كان، ولا ينبغي أبدا الدعوة إلى عدم التضحية، لأي حجة، حتى وإن كان لغلاء أسعارها، فمن استطاع وسمح له مدخوله باقتناء الأضحية، ويختار أحسنها، تحسبا لوجه الله، على أن تتوفر فيها كل شروط السلامة والصحة، وأن تكون بنية التضحية لا غير، كالتباهي بها، ولا يجوز تعطيل هذه الشعيرة من شعائر الله، التي تساهم في التقرب من الله عز وجل، أو تعجيز الفرد عن شرائها، فيستغني عنها.

أضاف بوكري أن الأضحية ليست واجبة، فالعاجز عليها لا إكراه له في ذلك، إنما فرض وجوبها مرتبط بالقدرة على أدائها، لكن أن لا يكون الامتناع عن تأديتها اقتصادا، إذا كان الشخص قادرا عليها، لكن يتحجج بارتفاع سعرها، مشددا على أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، لقوله تعالى في سورة الطلاق: "لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها"، مشيرا إلى أن الإثم يبقى على التجار الذين يرفعون سعرها دون مبرر، إنما يحتكرون السوق، ويحاولون من خلال ذلك الربح السريع، والاتجار بهذه المناسبة الدينية، واستغلال الشعيرة الدينية للكسب السريع.

أضاف الإمام، أن تسبيق الدين واجب، وأوضح بقوله: "الدين من الأمور العظيمة التي لا يجب أبدا الاستخفاف بها، فإذا كان على المسلم دين، لابد من تسديده قبل أداء أي شعيرة دينية أخرى، خاصة إذا كان الدين مرتبط بزمن تسديد قبل موعد التضحية"، وقال إنه لعظمة الدين، جاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ترك الصلاة على من عليه دين زجرا عن المماطلة والتقصير في الأداء وتحذيرا من "التقحم" في الدين، أي رمي النفس في مخاطره الكثيرة، كما رواه الترمذي وغيره، من أن النبي صلى الله عليه وسلم، أتي برجل ليصلي عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صلوا على صاحبكم، فإن عليه دينا". وقال أبو قتادة: "هو عليَّ"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بالوفاء" قال: "بالوفاء"، فصلى عليه، وهذا دليل على عظمة الدين وأهمية تسديده.

وعن إمكانية التدين لاقتناء أضحية العيد، قال الإمام، إن ذلك ليس ضروريا، فالأضحية من الشعائر التي يؤديها المسلم على قدر إمكانه، وليست من الأمور التي يجب عليه أداؤها على حساب طاقته، كالتدين من أجل شرائها، لكن هذا لا يعني عدم جواز ذلك، فإن حرص الفرد على اقتناء أضحية، وعجز على ذلك، ولجأ إلى طلب دين من شخص، من أجل شرائها، فلا حرج في ذلك، لكن عليه أن يتأكد من قدرته على تأدية الدين في أوانه، وعدم إرهاق صاحبها، أو التعطيل في إعادة ما عليه من دين، فترتيب الأولويات في الدين أمر ضروري، لعدم الوقوع في المكروه، فالدين يسر وليس عسر، وتبسيط الأمور بدل تعقيدها، هو الصح في ديننا الحنيف.