عنابة تحتضن الأيام الخامسة للتكوين الطبي المستمر

تكامل الاختصاصات لمواجهة سرطان الغدة الدرقية

تكامل الاختصاصات لمواجهة سرطان الغدة الدرقية
  • 160
سميرة عوام سميرة عوام

نظمت مصلحة أمراض الأذن والأنف والحنجرة وجراحة الرأس والعنق التابعة للمركز الاستشفائي الجامعي عنابة مؤخرا، الأيام الخامسة للتكوين الطبي المستمر تحت شعار: "السرطانات المتمايزة للغدة الدرقية: من الكشف المبكر إلى الاستراتيجية العلاجية – تركيز على التحديات الحالية"، وذلك في إطار التزامها المتواصل بتعزيز التكوين الطبي المستمر ومواكبة التطورات العلمية في مجالات التخصص. وقد جرت هذه الفعالية العلمية بالتعاون مع عدد من المصالح الطبية الأخرى، في مقدمتها مصالح الطب النووي، الأورام، الأشعة، وعلم الأمراض، ما يعكس روح العمل الجماعي والتكامل بين مختلف التخصصات لمواجهة هذا الداء متعدد الأوجه.

شهد الحدث حضور كوكبة من الأطباء الأخصائيين والأساتذة من مختلف ولايات الوطن، الذين أثروا اللقاء بنقاشاتهم ومداخلاتهم القيمة، التي تناولت أحدث المستجدات في فهم وتشخيص وعلاج سرطانات الغدة الدرقية المتمايزة. وقد تميزت هذه الدورة العلمية بالتركيز على مواضيع دقيقة وحيوية تهم الممارسين الصحيين، وعلى رأسها العوامل الوبائية وعوامل الخطورة المرتبطة بسرطان الغدة الدرقية، حيث تم عرض بيانات محلية ودولية تسلط الضوء على تزايد معدلات الإصابة وأهمية الكشف المبكر في تحسين نتائج العلاج.

كما ناقش المشاركون الآليات الجزيئية الخاصة بالغدة الدرقية، وهي آليات معقدة تلعب دوراً محورياً في فهم تطور السرطان وتوجيه الخيارات العلاجية المناسبة لكل حالة. وفي هذا السياق، تم استعراض استراتيجيات التشخيص الحديثة المعتمدة لعام 2025، والتي تشمل التصوير الطبي عالي الدقة والتصنيف النسيجي والجزيئي المتقدم، وهي تقنيات تتيح للطبيب تحديد درجة العدوانية والخطر الذي يشكله الورم، ومن ثم رسم خطة علاجية فعالة ومتكاملة.

ولم تغب الجوانب العلاجية عن جدول أعمال الأيام الطبية، حيث تمت مناقشة مختلف المقاربات الجراحية، إلى جانب أهمية العلاج الإشعاعي والطب النووي، مع إبراز دور كل من هذه التخصصات في تحسين التكفل العلاجي بالمرضى. وركزت الجلسات على أهمية العمل متعدد التخصصات، الذي يسمح بتقديم رعاية صحية أكثر دقة وفعالية، خاصة في حالات السرطانات المعقدة أو المتقدمة.

وقد تخللت هذه التظاهرة العلمية نقاشات معمقة وورشات تطبيقية تمحورت حول الممارسات الجيدة في التشخيص والعلاج، كما شكلت فرصة للمشاركين لتبادل الخبرات والتجارب الميدانية، وطرح رؤى مستقبلية حول تطوير سبل التكفل الشامل بالمريض المصاب بسرطان الغدة الدرقية. وعكست هذه الورشات الروح التعاونية والحرص المشترك على تحسين الأداء الطبي وضمان التكفل الأمثل بالمرضى، من خلال اعتماد معايير علمية دقيقة ومحدثة باستمرار.

ويؤكد تنظيم هذه الأيام الطبية في عنابة، على الأهمية المتزايدة التي يكتسيها التكوين المستمر في المجال الطبي، خاصة في ظل التطورات السريعة التي يشهدها القطاع على الصعيدين التقني والعلمي. كما تجسد هذه الفعالية الالتزام الحقيقي للممارسين الصحيين بمبدأ تحسين نوعية الرعاية الصحية وتعزيز قدراتهم التكوينية والعلمية، بما يضمن تقديم خدمات صحية أكثر كفاءة وإنسانية لفائدة المرضى.

لقد نجحت الأيام الخامسة للتكوين الطبي المستمر في خلق فضاء علمي ثري، يربط بين مختلف الفاعلين في الحقل الطبي، ويضع خارطة طريق واضحة للتعامل مع تحديات سرطان الغدة الدرقية عبر تكامل الجهود وتبادل المعارف. وهو ما يجعل من هذا الحدث محطة علمية بارزة، تسهم في رفع مستوى الممارسة الطبية وتطوير المنظومة الصحية الوطنية ككل.