مطلقات في عمر الزهور

تنامي ظاهرة الطلاق المبكر بتمنراست

تنامي ظاهرة الطلاق المبكر بتمنراست
  • 2136
الشيخ بالعربي الشيخ بالعربي
عرفت ولاية تمنراست السنة الماضية أكبر عدد لحالات الطلاق المبكر عبر تراب الولاية، علما أن 50 بالمائة من المطلقات دون الـ22 سنة، أي في عمر الزهور، منها حالات لم يتجاوز فيها عمر الحياة الزوجية 5 أشهر، وهو الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات وراء الأسباب التي تهدد المجتمع في أقدس روابطة.

علاقة زوجية لأقل من شهر

ببهو محكمة تمنراست، إلتقينا بشابة في 18 من عمرها، لا زالت ملامح وجهها طفولية، ظننا أنها جاءت لاستخراج وثيقة السوابق العدلية، لكن المفاجأة كانت كوقع الصاعقة عندما عرفنا أنها تسأل عن قاعة الجلسات لفك رباط الزوجية، لأنها اكتشفت أن زوجها لا يملك "وسامة مهند ولا حنان أحد الفنانين رغم امتلاكه للمال الوفير".. تقول إنها عاشت معه لمدة شهر فقط كخادمة وليس كزوجة، وهي الآن تريد استرجاع حريتها المفقودة في بيت وجد فيه كل شئ إلا السكينة والمحبة. تركناها ونحن مشفقين لحالها في ظل مجتمع سيحكم عليها قطعا بالفشل.

من الثانوية إلى قفص الزوجية.. ثم المحاكم

أما "آمال" التي تبخرت آمالها، حسبما تحدثت إلينا في حديث مقتضب، بعدما أرغمت على الزواج من طرف زوجة أبيها من رجل في عمر جدها، عزاؤه الوحيد أنه ثري، لكن هوايته تغيير الزوجات.. عاشت معه نصف سنة من العذاب والألام، حاولت جاهدة التأقلم مع زوج لا يعرف الرحمة رغم أنه قدم لها مهرا بوزنها ذهبا، إلا أنها تقول إن الحياة معه أشبه بزنزانة في السجن يحرسها جلاد قاس.. تواصل قائلة بأسى: "فكرت في الانتحار عدة مرات لكنه خسارة في الدارين، لهذا لجأت إلى الطلاق، وأنا اليوم أقف على شتائم زوجة أبي التي لم ترحم يوما معاناتي".

الجنس الخشن ضحية أيضا

أشار محمد في حديثه إلينا، وهو تاجر إلى أنه اختار الزوجة التي خفق لها قلبه من أول نظرة دون أن يسأل عنها وعن طباعها، كانت تصغره
بـ 20 سنة... فعل المستحيل لإرضائها في الوقت الذي كانت تمثل فيه دور المرأة الصالحة، إلا أن فرحته لم تكتمل بعد أن صارت أقرب منه في البيت، يقول: "لقد اكتشفت وجود شيطان في جسد امرأة، لم تكن كما كانت تريد أن تظهر، فبعد أشهر من الصبر وتناول المهدئات، قررت تطليقها لربح راحة البال التي لا تشترى بالمال".

مختصة نفسية تؤكد: بناتنا ضحية المسلسلات

أكدت المختصة النفسانية، مريم في حديثها لـ"المساء" بأن ظاهرة الطلاق المبكر تعود لعدة أسباب أهمها فارق السن بين الزوجين، المستوى المعيشي والثقافي، إلى جانب الخطر الجسيم المطل علينا من القنوات الفضائية التي تصور الحياة الزوجية بدون مشاكل، كما شجعت الفتيات والشباب على التمرد على قيم المجتمع والبحث عن الطلاق السريع، وهنا أشير إلى ضرورة تدخل الأهل لإصلاح العلاقة قبل خرابها، علاوة على تكوين البنت وتحضيرها نفسيا للزواج وأن تكون هي، ولا تحاول عرض صورة أخرى عن شخصها سرعان ما يصطدم بها الزوج بعد أشهر قليلة من الزواج، فتقبل الشخص لذاته.. والتعريف بها كما هي يعمل على تفادي الكثير من الصدمات في العلاقات الزوجية".

تجربة رائدة للجمعيات

للتخفيف من حالات الطلاق التي تعرفها المنطقة، شرعت بعض الجمعيات بتنظيم دورات تأهيلية وتدريبية للعرسان الجدد من الجنسيين تحت إشراف مختصين نفسانيين، مع تقديم محاضرات حول الحقوق الزوجية، وضرورة تجنب الخلافات الهامشية لأن الحياة الزوجية تتطلب الصبر والتضحية من الطرفين للوصول إلى بر الأمان خاصة من قبل الرجل، مصداقا لقول الرسول "ص" الرجال قوّامون على النساء".