في ملتقى هو الأول من نوعه بجامعة بومرداس

تهيئة الطالب للحياة الأسرية تحظى باهتمام خاص

تهيئة الطالب للحياة الأسرية تحظى باهتمام خاص
ملتقى حول ”تهيئة الطالب الجامعي للحياة الأسرية” حنان.س
  • القراءات: 1312
❊ حنان.س ❊ حنان.س

نظمت كلية الحقوق ببودواو في ولاية بومرداس، بالتنسيق مع الودادية الجزائرية لمكافحة الآفات الاجتماعية مؤخرا، ملتقى حول تهيئة الطالب الجامعي للحياة الأسرية، يعتبر الأول من نوعه على مستوى جامعات الوطن، حيث اهتم المتدخلون بتحليل النظرة الحالية لمؤسسة الزواج، والأسباب المؤدية إلى الإخفاق والطلاق، وأكدوا على أهمية إدراج التأهيل الأسري كتخصص قار يدرس بالجامعات، أو مادة في الأطوار التعليمية الأخرى، حتى نحصن الأسرة من كل  المشاكل التي قد تزعزع استقرارها، بالتالي كل المجتمع.

ثمن المتدخلون خلال الملتقى الذي جاء بعنوان تهيئة الطالب الجامعي للحياة الأسرية، اختيار اللجنة العلمية لهذا الموضوع الذي اعتبروه حساسا ومهما في نفس الوقت، ودعوا إلى أهمية تنظيم سلسلة ملتقيات أو أيام دراسية حول الموضوع، تشمل عدة جامعات في الوطن، بهدف إعداد الطلبة جيدا لحياة ما بعد الجامعة، وأبرز كل من جهته، أن الجامعة تهتم منذ الأزل بإعداد الطالب للحياة العملية والشغل بعد التخرج، دون التفكير في إعداده للحياة الاجتماعية والمجتمعية، من خلال جملة من المعايير التي تمكنه من مواجهة الحياة، وعلى رأسها الحياة الأسرية.

الجامعة.. مقاولاتية وتنمية اجتماعية

في السياق، قال عميد كلية الحقوق بجامعة بومرداس، البروفسور عبد العظيم بن صغير، إنه من البديهي للجامعة التفكير في إعداد الطالب للحياة الأسرية من خلال تبني مثل هذه الملتقيات، وقال في كلمته الافتتاحية إنه لابد من التفكير في جعل الجامعة نواة مؤسسة للحياة الأسرية، من خلال تكثيف عقد مثل هذه التظاهرات، متحدثا عن دار المقاولاتية التي نصبت في الجامعة لتقريب مفهوم إنشاء مؤسسات مصغرة من الطلبة حين التخرج، وهو نفس المنطلق في تسهيل إنشاء الطالب لأسرة من خلال تيسير إعداده وتهيئته لهذه الحياة بنفس الطريقة، مع تغيّر في المنهاج والأهداف.

من جهته، اعتبر ممثل الودادية الجزائرية لمكافحة الآفات الاجتماعية، أن الجهل بالعلاقة الزوجية من أهم الأسباب المؤدية إلى تزايد نسبة الطلاق في مجتمعنا من جهة، وحتى الارتفاع الكبير لظاهرة العنوسة أو العزوبية من جهة أخرى، قال إن الودادية وضمن برنامجها السنوي، تهتم بالتحسيس والتوعية في أوساط المجتمع، بنشر الوعي ضد الآفات الاجتماعية، كالعنف والمخدرات والاهتمام بالحفاظ على الأسرة.

في هذا الصدد، أشار المكلف بالإعلام على مستوى الودادية، عزيز دربال، في حديث إلى المساء، على هامش التظاهرة، إلى أن الودادية ستسعى إلى تنظيم ملتقى شبيه بباقي جهات الوطن، ومنه بجامعة برج بوعريريج وجامعة وهران وجامعة الجلفة، مبرزا أن الاختيار وقع على جامعة بومرداس لاحتضان الانطلاقة، لأنها قطب وطني يضم 48 ولاية. مشيرا إلى أن الخطوة الموالية ستكون مراكز التكوين المهني في نفس الولايات، من أجل تهيئة الطلبة والشباب للحياة الأسرية.

التأهيل من أجل تكافؤ أسري

حتى تكون الجامعة قاطرة التنمية الفكرية والاجتماعية قبل التنمية المحلية، لا بد لها أن تكون في مستوى المسؤولية لطرح مثل هذه الأفكار (أي موضوع الملتقى المذكور)، حسبما يشير إليه الدكتور إدريس جوادي، من خلال مداخلته المعنونة الشروط النفسية والاجتماعية لمواجهة الحياة الأسرية، حيث قال إن مثل هذه المساهمات كفيلة بتخفيض نسب الطلاق المتفاقمة في مجتمعنا، متسائلا عن السبب وراء ذلك شعرنا كأخصائيين بحاجة إلى التأهيل النفسي للشباب قبل إقدامهم على الزواج، يقول الأستاذ متحدثا عن انحصار نظرتهم اليوم على الجوانب المادية التي قد تحول دون إتمامهم نصف دينهم، كمشروع ديني ودنيوي مهم، مبرزا أن سؤال أي شاب عن نظرته للزواج، سيكون جوابه ومن أين لي بالملايين من أجل الزواج؟، واعترف أن الماديات تعيق الزواج، متسائلا في نفس السياق عن سبب طلاق الأفراد الذين يملكون المال ويقيمون حفلات زفاف فاخرة! ليؤكد في هذا الصدد، أن السبب وراء هذا وذاك يعود إلى غياب التأهيل.

اعتبر المحاضر بعض النقاط مهمة في سبيل تحقيق تكافؤ أسري بين الزوجين، فقال إن كيفية اختيار شريك الحياة من الشروط الأساسية، يليه تحديد طبيعة العلاقة بين الشريكين، وقد تحدث في هذا السياق عن زوجة تقدمت إليه طلبا للاستشارة بسبب مشاكل زوجية، فاستعجب، لأنها تزوجت قبل أيام قليلة فقط من طلبها الاستشارة، مما جعله يؤكد أن استعجال الزواج من أجل أبهة اجتماعية، أي القول درت الدار فقط للتباهي أمام الناس، سيكون من نتائجه خلافات قد تنتهي بفك الرابطة الزوجية.

أما ثالث نقطة اعتبرها الأستاذ مهمة قبيل الزواج، فتتلخص في حساسية المشاكل التي قد يواجهها الأزواج، ومنه التساؤل المزمن كيفية حلها، معتبرا الشفافية والصراحة عاملان مهمان في حل أي خلاف قد يواجه الحياة الأسرية، معتبرا الصورة الهلامية التي قد يرسمها أي اثنين عن علاقة قد تنتهي نهاية الأفلام التركية ـ مثلما قال- هو إسقاط نفسي قد يتمناه أي شخص لكن لابد من أن يوفر الشخص الظروف لتلك النهاية الجميلة، ولا يدع سفاسف الأمور تعكر صفو تلك العلاقة الجميلة، يضيف المحاضر متحدثا من جهة أخرى عن مشكلات نفسية قد تعترض كل المقبلين على الزواج، أهمها المبالغة في التوقعات بين الزوجين، كأن تنتظر الفتاة فارسا على الجواد الأبيض في زوجها، بينما يتخيل الشاب أن تكون زوجته اللونجة، كما تصورها الحكايا الشعبية في مجتمعنا، لتكون بعدها الحقيقة مرة بسبب عدم فهم كل واحد للآخر، مع تضخيم الأمور التفاهة، كالتدقيق في تصرف كل طرف مع الآخر، أو أن يبالغ كل واحد في التدخل في خصوصيات، الآخر أو التربص كذلك لأي زلة أو خطأ.. كما أن اعتماد الكذب وعدم الصراحة من الأمور التي تؤدي إلى مشاكل كبيرة تنتهي في الغالب.. بالطلاق.

 

الفرد هو صانع.. سعادته

أما الدكتور الأخصائي في علم النفس، الأستاذ محمد زردومي، فقد ألقى من جهته محاضرة شيقة شدت إليها الانتباه، حيث تحدث من منطلق تجربة سنوات طويلة في تحليل الحياة الأسرية ومشاركته في العديد من الحصص التلفزيونية والإذاعية وغيرها، فأوضح أن المسار الجامعي للطالب لا ينحصر في التحصيل العلمي فحسب، بقدر ما يهتم بإعداده للحياة ككل، بما فيها الحياة الأسرية، وطرح تساؤلا عن أهمية الحديث عن واقع الإرشاد الأسري، أو واقع سيكولوجية الزواج، معتبرا المحافظة على المستوى التعليمي للشريكين مهم جدا، فأنا أستغرب كيف لخريج جامعي أن يرتبط بفتاة أقل مستوى دراسي  منه بكثير، حيث أنني ضد هذا الأمر من أجل مستقبل الأسرة في حد ذاتها، فأي اختلاف في الآراء يؤدي إلى مشاكل تنعكس سلبا على الأطفال وكامل الأسرة، يقول المحاضر.

كما تحدث الأستاذ زردومي عن إشكالية تدخل أطراف أخرى في العلاقة بين الزوجين، معتبرا هذا الأمر بالخطير جدا، لأن تهويل الأمور لا يخدم استقرار الأسرة مهما كانت أسباب الخلافات الزوجية. متسائلا عن سبب تمسك الجزائريين بنصيب الزكاة مثلما يقدرها العلماء والمشايخ، ويتمسكون بالصلوات الخمس كلما أذن المؤذن لها، ولا يتمسكون بحكم السيرة النبوية التي جاءت بالأجوبة الشافية بخصوص الحالة التي يجب أن تكون عليها الأسرة، وكيف يتصرف كل طرف تجاه الآخر! مخاطبا الطلبة والشباب عموما، بأن لا يخلطوا الزواج بالانفعال، وإنما يجب التفكير والحوار وعدم التسرع.

أما الأستاذ سمير دهريب، مستشار في العلاقات الزوجية والتربية ورئيس الاتحاد العالمي للإرشاد والتدريب الأسري، فدعا من جهته، إلى أهمية تبني مثل هذه المبادرات التي تهتم بالأسرة، باعتبارها نواة المجتمع، مطالبا الجهات المختصة بالتفكير الجدي في إدراج تخصص العلاقات الأسرية في الجامعات، أو كمادة تدرس في مختلف الأطوار التعليمية، وقال إن الطالب الجامعي بحاجة إلى مثل هذه التظاهرات حتى تكون لديه مهارات حياتية. كما تحدث عن أهمية اهتمام المجتمع بالأسرة المستقرة، وقال إن الأسرة لا تبني مجتمعا لا يبنيها”. موضحا أن أغلب المشاكل الأسرية التي طرحت أمامه لأزيد من عشر سنوات في مهنته، تتلخص في الدخول للزواج دون أهداف ودون تخطيط ومن غير تهيئة ولا تدريب، وقال أخيرا إن السعادة ليست مشكلا يستعصي الأمر حله، إنما من اختيار الفرد المسبق لما يريده وسعيه في سبيل تحقيق ذلك..